صور الأقمار الصناعية التى كشفت منشأة جديدة فى ديمونة مرتبطة ببرنامج إسرائيل النووى، ربما مفاعلاً جديداً أو موقعاً لتجميع الأسلحة النووية، هى أحدث مظاهر استراتيجية التفوق العسكرى النوعى الإسرائيلى التى رعتها أمريكا منذ منتصف السبعينيات وصاغها الكونجرس فى بند قال فيه «إن مبيعات الأسلحة لدول الشرق الأوسط لا ينبغى لها أن تضعف قوة الردع الإسرائيلية». ووفقاً لهذا منحت أمريكا حليفتها امتياز أن تكون الدولة النووية الوحيدة بالمنطقة، وخصتها بأسلحة متقدمة حرمت منها بقية دول المنطقة كطائرات 35-F التى اشترت منها إسرائيل 50 طائرة بتمويل أمريكى، التى تتيح لها ضرب أهداف - دون الحاجة للتزود بالوقود - فى دائرة تشمل سوريا والعراق ولبنان والأردن وحتى تركيا والسعودية. كما أتاحت لإسرائيل إضافة مكونات ترفع قدرات الأسلحة المثيلة المبيعة لدول المنطقة. وبالتوازى مع ذلك، عملت واشنطن لعقود على تحجيم وإضعاف، بل وتدمير القدرات العسكرية للدول وحركات المقاومة التى قد تٌهدد إسرائيل، ففككت الجيش العراقى الذى كان أحد أقوى الجيوش العربية، ودمرت قدراته الكبيرة من طائرات وصواريخ خلال الغزو الأمريكى عام 2003. وعلى مدار 9 سنوات من استهداف مواقع فى اليمن، دمرت 1263 صاروخ دفاع جوى، و120 بطارية صواريخ وأكثر من 27 طائرة عسكرية. وحاصرت ليبيا وسوريا بالعقوبات قبل أن تتركهما فريسة للاقتتال الداخلى. لكن المخيف تطور هذه الاستراتيجية، خلال الحرب الأخيرة، من التفوق إلى التفرد. فمن خلال القضاء على حماس، ونزع سلاح حزب الله وتحجيم قدرات الجيش اللبنانى ليتمكن فقط من حفظ الأمن الداخلى، عبر محاصرته بقيود تمنعه من التزود بقدرات دفاع جوى أو أسلحة تشكّل خطراً على الطائرات والمدرعات الإسرائيلية. ومن خلال ضرب البرنامج النووى الإيرانى، وتدمير القدرات العسكرية السورية واليمنية فى الضربات الأخيرة لإبقاء الأنظمة هناك بلا مخالب، بالإضافة لمحاولة توريط مصر والأردن فى أزمة غزة والضفة، تطمع إسرائيل، كمرحلة أولى، لأن تصبح القوة العسكرية الوحيدة فى محيطها، مع تقييد بقية دول المنطقة مؤقتاً باتفاقيات تطبيع حتى يحين دورها، الذى سيأتى لا محالة.