علامات استفهام عديدة تتصارع بعد الضربة الإسرائيلية للدوحة، بغض النظر عن وقاحة الضربة وإجرامها ومخالفتها كل القوانين الدولية. لكن هناك الكثير يقال حول فحواها وتبعاتها، وكما يقال «رب ضارة نافعة»، فربما كانت تلك الضربة نافعة للغاية بشرط وجود نية وإرادة سياسية لاستيعاب دروسها. وبداية نتوقف عند هجوم إسرائيل بضربات جوية من طائراتها على قادة حماس بالدوحة وكان يمكنها اغتيالهم بعمليات استخباراتية على الأرض مثلما فعلت كثيرا، والاغرب ان إسرائيل التي اعتادت الاعتراف بهجمات مماثلة بعد أسابيع وربما شهور من التنفيذ، كما حدث في اغتيال اسماعيل هنية بإيران واغتيال حسن نصر الله وغيرهما كثير، أقرت بهجوم الدوحة بعد لحظات من وقوعه وعلى لسان مجرم الحرب نتنياهو، بل استمرت في تهديد الدوحة وغيرها، فإسرائيل مهما تظهر الود لحلفائها لكنه ود الثعالب والأفاعي بل وأخبث، لا تحترم حليفا مهما بذل من ود وعطاء بلا حدود، فعلى المهرولين إلى تل أبيب أن يعيدوا حساباتهم ويتحسسوا لدغاتها المميتة! وأهم دروس تلك الضربة انها كشفت العاطفة التي تحكم علاقة عواصم عربية وإسلامية بأمريكا، والوجه الأمريكي الخفي، دولة تحكمها المصالح وتدوس وتدهس ما سواها، وللأسف بعض الحكومات العربية تتعامل مع أمريكا كأنهما في شهر عسل لن ينتهي ولن تسقط الحماية الامريكية، والضربة رغم كل العطايا العربية لترامب تسقط كل تلك المعتقدات، فهل تعيد تلك الدول حساباتها، ليس بمعاداة أمريكا إنما بالبحث عن صالح شعوبها؟ تلك الضربة ستكون الأنفع للعالم العربي إذا أدرك أن موازين القوى العالمية بدأت تتغير وأن هناك دولا صاعدة بقوة الصاروخ سياسيا وعسكريا، وآن أوان الخروج تدريجيا من العباءة الأمريكية، إن مجرد محاولة الخروج رسالة بأن العرب ليسوا جثة هامدة كما يعتقدون، يفعلون بها ما يشاءون غير متوقعين اي رد فعل، لكن إذا شعروا بأن الروح بدأت تدب بتلك الجثة فستتغير أشياء كثيرة، فإدارة ترامب تتعمد إهانة الدول العربية علانية وهاهي زيارة وزير الخارجية الأمريكي لتل ابيب بالتزامن مع قمة الدوحة ليعلن دعم بلاده لإسرائيل، فهل إلى استفاقة عربية وإسلامية من سبيل؟!