أنفاق قناة السويس أو أنفاق الخير قصة نجاح جديدة على أبواب سيناء، وتُعتبر ملحمة مصرية وإعجازاً هندسياً للعبور نحو المستقبل، تنقل سيناء إلى العالمية اقتصادياً واجتماعياً، هذا المشروع العملاق لأول مرة جعل الوصول إلى سيناء لا يحتاج سوى دقائق معدودة تتراوح بين 15 الى 20 دقيقة، لتجد نفسك بعدها داخل سيناء. اقرأ أيضًا| حسن مهدي: إنشاء 5 أنفاق أسفل قناة السويس لتقوية شبكة الطرق نجحت أنفاق قناة السويس فى أن تصبح حركة تداول البضائع وانتقالها بين شرق وغرب مدن القناة أكثر سهولة ويسراً وفى زمن قياسى، بالاضافة إلى أنها سهلت حركة التجارة فى منطقة إقليم قناة السويس، كما ساهمت فى استغلال خيرات سيناء السياحية العلاجية والبيئية، ووفرت أيضًا شريانًا حيويًا لتنقل الأفراد من وإلى سيناء بشكل أسرع وأكثر أمانًا مقارنة بالطرق التقليدية. وبدأت بالفعل بشائر التنمية الاقتصادية والاجتماعية تدب فى المنطقة، أنفاق قناة السويس الجديدة هى مشروعات متعددة تربط بين سيناء وباقى محافظات مصر، بما فى ذلك أنفاق «تحيا مصر» بالإسماعيلية وأنفاق «3 يوليو» ببورسعيد. الميلاد الفعلى وبدأ الميلاد الفعلى لمنطقة شرق بورسعيد منذ افتتاح الأنفاق، بإنشاء ميناء شرق بورسعيد العالمى، وبجواره بدأت مراحل إنشاء أكبر منطقة صناعية فى الشرق الأوسط على مساحة 60 كم وبدأت المشروعات الصناعية العالمية تغزو المنطقة، كما تم التوسع فى الأنشطة الزراعية، وأهمها: منطقة سهل الطينة البالغ مساحتها 150 ألف فدان وجارٍ العمل لاستصلاح 450 ألف فدان أخرى، وفى شمال المنطقة نشاط الاستزراع السمكى، فقد تم إنشاء أكبر مزرعة سمكية فى العالم لتتحول منطقة صحراء سيناء التى كانت خالية لقرون إلى مجتمع سيتخطى عدد سكانه وتجمعاته المختلفة إلى أكثر من مليون نسمة. المشروع هو أكبر وأعظم مشروعات مصر والمعجزة، التى قدمتها الدولة للعالم، هذا ما قاله المهندس هانى عازر الخبير المصرى العالمى ومستشار الحكومة الألمانية، وأضاف: «أن الأنفاق التى تم إنشاؤها أسفل قناة السويس هى معجزة بمعنى الكلمة، بعد أن تغلبت الدولة على الظروف غير الطبيعية من أراضٍ طينية شرق بورسعيد، كانت عائقاً كبيراً لأنها لا تتحمل المشروعات الثقيلة»، وأضاف: «أن الأنفاق هى مفتاح الحياة لتعمير سيناء، خاصة منطقة شرق بورسعيد الإستراتيجية لتكسر صمتاً أبدياً خيم على هذه الصحراء وحتى النقلة الخيالية التى أحدثتها مصر بها». ثورة حياتية ولا يغيب عن الأذهان مشهد سيارات النقل الثقيل التى كانت تنقل حاويات ومنتجات سيناء من أسمنت وفواكه ورمال وغيرها وهى تنتظر فى طوابير طويلة لفترات تمتد من 3 أيام إلى أسبوع كامل حتى يتسنى لها عبور القناة بالمعديات، ومن هنا يتضح أن الأنفاق لم تكن مجرد مشروع، ولكنها ثورة حياتية تلاشت معها الفواصل بين مساحة مصر على الخريطة فى صحراء مصر الكبرى وباقى أراضى الوطن. المواطنون أكدوا أن الأنفاق أحدثت نقلة نوعية كبيرة لحياتهم اليومية التى اختلفت بشكل كبير قبل وبعد إنشاء الأنفاق، ويقول فادى محمد صاحب شركة سيارات لنقل الأفراد والبضائع من وإلى منطقة شرق بورسعيد: «بعد افتتاح الميناء كان الاعتماد الوحيد للوصول إلى شرق بورسعيد وشمال سيناء هو مرفق المعديات فقط، وكم عانينا من فترات الانتظار الطويلة لعدة أيام وليالٍ ونحن فى العراء وسط الصحراء لننتظر مع طوابير طويلة من السيارات للوصول إلى مرفق المعديات والعبور، ولكن كانت النقلة خيالية بالنسبة لنا ولم نكن نحلم بأن يكون هناك ستة أنفاق على امتداد قناة السويس تربط شرقها بغربها ومع افتتاح أنفاق بورسعيد قبل 4 سنوات انتهت الأزمة تمامًا.. وأصبحت الرحلة إلى شرق وغرب القناة هى عبارة عن نزهة لا تستغرق أكثر من 10 دقائق لعبور النفق، وما أجمله من حلم وما أعظمه من إنجاز». ومن خلال ما قرأت من بياناتٍ رسمية عن نشاط ميناء شرق بورسعيد بعد افتتاح الأنفاق، أن تضاعف حجم تداول الحاويات به من 1.5 إلى 3 ملايين حاوية يوميًا، كما تضاعف النشاط بشكل خاص من خلال عملنا فى نقل البضائع والأفراد إلى عدة أضعاف عن فترة ما قبل الأنفاق، وأتوقع أن يمتد الزحف العمرانى والاقتصادى بسبب هذه الأنفاق من منطقة شرق بورسعيد ليكتمل تعمير شمال سيناء ابتداء من شرق بورسعيد حتى تتلاحم هذه المشروعات مع مدينة العريش ورفح على الحدود الشرقية. وظهرت على السطح.. ولأول مرة جامعة شرق بورسعيد الأهلية فى قلب سيناء، وتقول الطالبة جودى الألفى بكلية الذكاء الاصطناعى بجامعة شرق بورسعيد: «إن أنفاق قناة السويس سهلت لنا الوصول إلى الجامعة، كما أن هناك تسهيلات كبيرة من الوحدات الأمنية المسئولة عن تأمين الأنفاق لوصول سيارات الطلبة يوميًا من ضفة القناة إلى الجامعة». طوابير الانتظار وقال هشام خفاجى، موظف بأحد البنوك فى بورسعيد: «إن الأنفاق مثلت نقلة نوعية ليس فقط فى حركة العمل، بل فى حياته الأسرية أيضًا»، وأوضح: «بحكم عملى كثيرًا ما أُكلَّف بزيارات عمل إلى شرق بورسعيد، وقبل افتتاح الأنفاق كان الأمر مرهقًا للغاية بسبب صعوبة التنقل وطوابير الانتظار لساعاتٍ طويلة أمام المعديات.. واليوم أذهب إلى منطقة شرق بورسعيد لإنجاز مهامى وأعود فى نفس اليوم إلى بيتى وأولادى، أصبحت قادرًا على قضاء وقت مع أسرتى لم يكن ممكنًا من قبل، وهذا بالنسبة لى أهم إنجاز». ويروى الشاب ماجد مصطفى تجربته قائلاً: «مع قلة عدد الأراضى المطروحة لمشروعات الإسكان فى بورسعيد، لم يكن أمامى خيار سوى التقديم للحصول على شقة فى مدينة سلام الجديدة، فى البداية كنت قلقًا من طول المسافة وصعوبة الوصول، وظننت أن الأمر سيكون مشروعًا بعيد المدى. لكن مع افتتاح أنفاق 3 يوليو تغيّر كل شىء. المسافة أصبحت قصيرة، والتنقل سهلاً ، فتحولت أحلامى إلى واقع ملموس بعد حصولى على شقة كريمة أؤسس فيها مستقبل أسرتى. والأهم اننى أستطيع الذهاب منها وإليها بسهولة ويسر ولا أنقطع عن مجتمعى وعملى وحياتى فى مدينة بورسعيد». وقالت هويدا عتمان، ربة منزل تعيش فى منطقة مجاورة لقرية «بالوظة» وصلت إلى سن المعاش: «إن افتتاح الأنفاق أعاد إليها ولأسرتها روابط إنسانية فقدتها لسنواتٍ طويلة»، موضحة: «قبل افتتاح الأنفاق، كانت المسافة بينى وبين أبنائى وأحفادى وأقاربى فى بورسعيد عائقًا كبيرًا، الاعتماد على المعديات كان يستهلك وقتًا طويلًا ويجعل الزيارة أمرًا مُرهقًا، حتى إن السنوات كانت تمر أحيانًا دون أن نلتقى إلا فى المناسبات الكبرى». وأضافت: «اليوم تغيّر الوضع تمامًا، أبنائى يستطيعون زيارتى بشكل دورى، وأنا بدورى أتمكن من الذهاب إلى بورسعيد بسهولة ويسر. لم تعد هناك مشقة ولا انتظار طويل، وأصبحت قادرة على أن أعيش دفء العائلة وأتابع تفاصيل أحفادى كما كنت أتمنى. هذه الأنفاق لم تقصر المسافة فقط، بل أعادت لى طمأنينة افتقدتها لسنوات، ومنحتنى إحساسًا بأننى قريبة من أسرتى مهما اختلفت أماكن إقامتنا». الاستصلاح الزراعى وقال المهندس الزراعى محمد حمزة، المشرف على عدة مشروعات لتسمين الدواجن والماشية بالإضافة إلى الإشراف على مساحاتٍ زراعية واسعة فى إحدى قرى سهل الطينة: «إن الأنفاق لم تكن مجرد ممر أسفل القناة، بل هى البوابة الحقيقية لنجاح الاستصلاح الزراعى وتنمية الثروة الحيوانية فى سيناء». وأوضح: «جئت إلى المنطقة منذ سنوات طويلة، فى وقت لم يكن فيه أى مؤشر على أن الأرض الطينية ستتحول يومًا إلى أرض زراعية صالحة. كنا نعمل فى ظروف صعبة، بلا خدمات كافية ولا قدرة حقيقية على تسويق المنتجات، حتى إن كثيرًا من المحاصيل كانت تُهدر بسبب صعوبة نقلها». وأضاف: «قبل افتتاح الأنفاق، كان إنتاج بنجر السكر -على سبيل المثال- يُلقى فى الأرض لعدم القدرة على تسويقه أو نقله إلى المصانع، لكن بعد إنشاء الأنفاق تغيّر كل شىء. أصبح هذا المحصول يخرج بسهولة من سهل الطينة إلى مصانع السكر فى الدلتا، وأصبح مساهمًا أساسيًا فى إنتاج السكر على مستوى الجمهورية. نفس الأمر حدث مع مشروعات الدواجن والماشية؛ فالمنتجات تجد طريقها إلى الأسواق بسرعة وجودة أعلى، وهو ما رفع من قيمة الأرض وزاد من جاذبية الاستثمار الزراعى والحيوانى فى المنطقة». وتابع قائلًا: «الأنفاق لم تسهّل فقط نقل الإنتاج، لكنها أعطت المزارعين والمستثمرين ثقة بأن استصلاح الأراضى هنا مشروع ناجح ومُستدام. بالنسبة لى كمهندس زراعى، أرى أن قيمة الأرض تضاعفت، وحياة الناس تغيّرت، وكل ذلك بدأ من لحظة افتتاح الأنفاق التى ربطت سهل الطينة بباقى أنحاء مصر». وأكد أشرف الشناوى، تاجر أجهزة إلكترونية، أن الأنفاق لم تؤثر فقط على حركة البضائع والسلع، بل غيرت خريطة النشاط التجارى بشكل كامل، موضحًا: «قبل افتتاح الأنفاق كانت عملية توفير قطع الغيار للأجهزة الإلكترونية أمرًا بالغ الصعوبة، إذ كنا نعتمد على شحنات غير منتظمة تصل إلينا بعد فترات انتظار طويلة، مما كان يُضعف من ثقة العملاء ويؤثر على حجم المبيعات». وأضاف: «بعد افتتاح الأنفاق، تمكنت شركات كبرى من الصين وكوريا من إنشاء مراكز صيانة وقطع غيار داخل شرق بورسعيد، وأصبح من السهل وصول هذه المراكز إلى السوق المحلى بشكل يومى منتظم. هذا التطور منح العملاء ثقة أكبر فى خدمات ما بعد البيع، فالمستهلك اليوم لا يشعر بالقلق من شراء الأجهزة، لأنه يعرف أن الصيانة وقطع الغيار متوافرة بالقرب منه وفى أى وقت». وأشار الشناوى إلى أن هذا التحول انعكس على نشاطه التجارى بشكل مباشر، حيث ارتفعت معدلات البيع بفضل الثقة المتزايدة فى السوق، قائلاً: «الأنفاق لم تختصر فقط وقت النقل، بل ساهمت فى بناء جسر ثقة بين المستهلك والشركات، وهو ما انعكس على التجار والموزعين مثلى فى صورة رواج تجارى غير مسبوق».