فجأة.. تغيرت قواعد اللعبة داخل منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، بعد الانسحاب المفاجئ للمرشحة المكسيكية جابرييلا راموس من سباق رئاسة المنظمة، التحولات الدراماتيكية بدأت مبكرًا، حيث انفجرت أزمة مدوية قلبت المشهد رأسًا على عقب، بعدما سحبت المكسيك ترشيح راموس نائبة المدير العام للعلوم الاجتماعية والإنسانية. منذ سنوات تتعرض اليونسكو لانتقادات متزايدة تتعلق بالفساد الإداري والمالي، وسط اتهامات لمديرتها العامة الحالية أودرى أزولاى بالتغطية على مخالفات داخلية، وفتح المجال أمام ممارسات مشبوهة فى التعيينات والقرارات. تقارير صحفية استقصائية وصفت الوضع فى باريس بأنه امتداد لما يحدث فى الأممالمتحدة نفسها تحت قيادة أنطونيو جوتيريش، حيث يهيمن المقربون من دوائر النفوذ، وتُهمّش الكفاءات، وتُتجاهل الشكاوى. ◄ عاصفة راموس الاسم الأبرز فى هذه الأزمة كان جابرييلا راموس التى تقدمت لخلافة أزولاي. غير أن سجلها الإدارى داخل اليونسكو لم يكن فى صالحها، إذ وُجهت لها اتهامات متكررة بممارسة أسلوب إدارى استبدادي، شمل الترهيب والتحرش الوظيفى بحق الموظفين. المفاجأة جاءت مع صدور تقرير رسمي من مكتب الرقابة الداخلية فى المنظمة (IOS) نهاية 2024، تحت الرقم (2024/02)، والذى أكد بما لا يدع مجالًا للشك وجود ممارسات مسيئة ومخالفة من جانب راموس. ورغم خطورة التقرير، تجاهلت أزولاى اتخاذ أى إجراء، ما أثار شكوكا حول تعمّدها تأجيل فتح الملف حتى يمر الموعد النهائى للترشيحات، لتسمح لراموس بخوض السباق خلفًا لها. ◄ تقارير إعلامية لكن الضغوط تزايدت، وبدأت الفضيحة تكبر، خاصة بعدما حذرت تقارير إعلامية من أن استمرار راموس فى السباق قد يضع المكسيك فى موقف محرج دوليًا. ومع تقييم ضعيف لحظوظها الانتخابية، قررت المكسيك سحب ترشيحها رسميًا فى 21 أغسطس 2025، عبر خطاب وجه لرئيس المجلس التنفيذى لليونسكو. الخطاب تضمن جملة لافتة تقول: «من أجل تعزيز الوحدة بين الأعضاء وتقوية المنظمة (...)». وهى صياغة دبلوماسية تحمل فى طياتها رسالة واضحة أن بقاء راموس كان عبئًا على المنظمة وعلى بلدها. انسحاب المرشحة المكسيكية فتح الباب أمام منافسين آخرين، على رأسهم المرشح المصرى الدكتور خالد العناني، وزير السياحة والآثار الأسبق، الذى بات الآن فى موقع أقوى بعد خروج واحدة من أبرز المرشحات. وتشير مصادر دبلوماسية إلى أن القاهرة لعبت دورًا فى التفاهمات التى قادت إلى الانسحاب، فى إطار ترتيبات أوسع داخل أروقة الأممالمتحدة. ■ د. خالد العناني ◄ الحملة المصرية «آخر ساعة» تواصلت مع د. خالد العناني وزير السياحة والآثار الأسبق فقال: «نعمل على كل الملفات»، بينما قال مصدر مسئول بحملة ترشيح العناني، إن مصر خاضت الانتخابات سابقًا مرتين رسميًا مع الوزير فاروق حسني والسفيرة مشيرة خطاب، أما الدكتور إسماعيل سراج الدين فقد ترشح بصفته الشخصية دون دعم رسمى من الحكومة. وأضاف: «الموضوع ليس مجرد استعدادات، فالحملة بدأت منذ ما يقرب من سنتين، وهو أمر غير مسبوق لأى حملة مصرية أو غير مصرية. هدفنا كان زيارة كل الدول الأعضاء فى المجلس التنفيذى (58 دولة) والتعرف على رؤاهم بخصوص مستقبل اليونسكو، وقد نجحنا فى ذلك، وصغنا رؤية شاملة تخاطب طموحاتهم»، كما أكد أن الترشيح معتمد من الاتحاد الإفريقى وجامعة الدول العربية، ما يمنح مصر دعمًا تصويتيًا قويًا. وعن سر نجاح الحملات الانتخابية قال: «هدف أى حملة هو عقد صفقات وممارسة الضغط للفوز بالمنصب، لكن النتيجة تظل فى علم الغيب. الأكيد أن الحملة المصرية تُدار بأسلوب علمى وموضوعى يرفع فرصنا فى الفوز». ◄ تغطية واسعة وكالة الأنباء الفرنسية (AFP) أكدت انسحاب راموس رسميًا، وأشارت إلى بقاء مرشحين اثنين هما المصرى خالد العناني، والكونغولى فيرمين إدوارد ماتوكو، بينما نقلت صحيفة El Universal المكسيكية تصريحات للرئيسة كينا شينباوم فى 7 مايو 2025 قائلة: «ليست شخصًا أوصينا به لليونسكو، لكنها مكسيكية لذا تحظى بالدعم... سنرى كيف تتطور الأمور».