الوفاء عملة نادرة فى هذا الزمان، هُناك أشخاص مازالوا بيننا يرفعون شعار الوفاء ولو غدر بهم الزمان، يحملون ذكريات تحفظ علاقاتهم ببعض تملأهُم سعادة حين يسترجعونها، يحرصون على اللقاءات ولو تباعدت بينهم المسافات والسنين، لم أكن أتخيل أنى سأقابل أمثالهم فى هذا الزمان الذى يبحث الجميع عن مصلحته الخاصة، قد تقابل منهم شخصاً أو شخصين أو أكثر..لكن أن تقابلهم بالمئات يحرصون على اللقاءات رغم مرور خمسين عاماً على تفرقهم هذا ما أثار فضولى وآمنت بما قيل أن الوفاء توأم الصدق وأصل الأخلاق. كل هذه الأحاسيس والمشاعر وأكثر شعرت بها خلال حضورى احتفال كلية العلوم بجامعة القاهرة باليوبيل الذهبى ومرور خمسين عاماً لخريجى قسم الكيمياء دفعة عام 1975 والتى سميت بدفعة العلماء لحصول معظمهم على امتياز مع مرتبة الشرف وتعيين سبعة منهم معيدين بالكلية وعدد ليس بالقليل بكليات العلوم بالجامعات الإقليمية وتوزيع باقى الناجحين على المراكز البحثية بمصر وتسجيل العديد منهم براءات الاختراع. التواصل بين طلبة وطالبات دفعة 1975 استمر بعد تخرجهم واحتفالهم باليوبيل الفضى منذ 25 عاماً ثم اليوبيل الذهبى وبين هذا وذاك كانت اللقاءات المستمرة على فترات متقاربة. مع إصرارهم أن يحتفل معهم الأساتذة الذين قاموا بالتدريس لهم اعترافاً بالجميل وتكريم الراحلين منهم. كانت قاعة الاحتفال كأنها بعض صور فيلم من الزمن الجميل بين طلاب وطالبات الدفعة الذين أصبحوا أساتذة يحملون شهادة الدكتوراة ويعملون فى مراكز مرموقة وقد تعدى كل منهم السبعين عاماً ومعهم أساتذة كبار تعدوا الثمانين أو على مشارف التسعين. كنت أشعر لو أن شباب الجامعات كانوا بيننا لتشجيعهم على العطاء والوفاء ليستمر الجسر بين الماضى والحاضر، تحية من الأعماق لهذه الدفعة التى أحيت فينا الأمل باستمرار الأواصر وحفظ الذكريات الطيبة.