أعلن وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي في تصريح أمام البرلمان عن تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة إلى حد المجاعة، مؤكداً أن الوضع "كئيب بشكل لا يُعقل" محذراً من انتشار الجوع على نطاق أوسع في القطاع. استند الوزير في تصريحه إلى تأكيدات آلية التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي المدعومة من الأممالمتحدة، والتي أعلنت في 22 أغسطس الماضي وجود مجاعة في مدينة غزة والمناطق المحيطة بها، مع انتشارها في القطاع الأوسط. وأشار الوزير إلى أن "هذه ليست كارثة طبيعية، بل مجاعة من صنع الإنسان في القرن الحادي والعشرين"، معبراً عن غضبه من رفض الحكومة الإسرائيلية السماح بدخول مساعدات كافية. كشف التصريح عن إحصائيات صادمة، إذ استشهد منذ الأول من يوليو الماضي أكثر من 300 شخص بسبب سوء التغذية، بينهم 119 طفلاً. كما حذر من أن أكثر من 132 ألف طفل تحت سن الخامسة معرضون للموت بسبب الجوع بحلول يونيو من العام القادم. وأضاف أن أكثر من ألفي غزي استشهدوا في الأشهر الثلاثة الماضية أثناء سعيهم لإطعام عائلاتهم، فيما تستغل حركة حماس الفوضى وتتعمد تجويع الرهائن الإسرائيليين لتحقيق أهداف سياسية. أعلن لامي عن تخصيص مبلغ إضافي قدره 15 مليون جنيه إسترليني للمساعدات والرعاية الطبية لقطاع غزة والمنطقة، ليرتفع إجمالي المساعدات المقدمة خلال العامين الماضيين إلى أكثر من 250 مليون جنيه إسترليني. وكشف عن برنامج لإجلاء الأطفال المصابين والذين يعانون من حالات صحية حرجة لتلقي العلاج في المملكة المتحدة، حيث من المتوقع وصول أول المرضى في الأسابيع القادمة، كما أعلن عن مساعدة طلاب حاصلين على بعثات تشيفننج للخروج من غزة والالتحاق بالجامعات البريطانية. أدان الوزير بشدة الضربة المزدوجة التي استهدفت مستشفى ناصر الأسبوع الماضي، والتي أسفرت عن استشهاد 20 شخصاً بينهم خمسة صحفيين، مذكراً إسرائيل بالتزاماتها تجاه القانون الدولي في حماية الطواقم الطبية والصحفيين والمدنيين. شدد الوزير على أن "هناك سبيل واحد للخروج من هذه الكارثة" وهو وقف إطلاق النار فوراً، مع إفراج حماس غير المشروط عن كل الرهائن وتحول كبير في إدخال المساعدات. وأكد أنه يعمل "ليل نهار" مع الحلفاء الأمريكيين والأوروبيين والشركاء للتوصل لوقف إطلاق النار وعملية سياسية أوسع لإحلال سلام طويل المدى، مشيراً إلى ضرورة وجود آلية للمراقبة ونزع سلاح حماس وإطار جديد للحوكمة في غزة. انتقد الوزير استمرار الحكومة الإسرائيلية في تضييق قبضتها على الاقتصاد الفلسطيني والموافقة على بناء مستوطنات غير قانونية، خاصة في المنطقة E1 في شرق القدس، محذراً من أن ذلك "سوف يشكل عائقاً مادياً أمام وجود دولة فلسطينية متصلة الأراضي". أكد الوزير عزم الحكومة على الاعتراف بدولة فلسطين في وقت لاحق من سبتمبر الجاري، ما لم تتخذ الحكومة الإسرائيلية خطوات لإنهاء الوضع في غزة والالتزام بسلام مستدام طويل المدى. أكد الوزير أن الحكومة اتخذت خطوات متعددة تشمل استئناف تمويل الأونروا، وتعليق صادرات الأسلحة التي يمكن استخدامها في غزة، وفرض ثلاث مجموعات من العقوبات على المستوطنين العنيفين ووزيرين إسرائيليين متطرفين، وتعليق المفاوضات التجارية مع الحكومة الإسرائيلية. وختم تصريحه بالتأكيد على أن الحكومة "لن ترتاح حتى يتحقق وقف إطلاق النار في غزة، وعودة الرهائن، ووصول فيض من المساعدات إلى من هم في حاجة ماسة إليها"، مشدداً على العمل مع الشركاء للحفاظ على حل الدولتين. في شق منفصل من التصريح، أعلن الوزير عن تفعيل آلية إعادة فرض العقوبات على إيران بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2231، بالتعاون مع فرنسا وألمانيا في 28 أغسطس الماضي. وأوضح أن إيران لديها 30 يوماً للتوصل إلى اتفاق جديد، وإلا ستعاد العقوبات التي رُفعت بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة، والتي تشمل حظراً شاملاً على الأسلحة وقيوداً على البرنامج النووي والصاروخي وصناعة الطائرات المسيرة. وأشار إلى أن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بلغ 40 ضعف الحد المسموح بموجب الاتفاق النووي، رغم سنوات من المفاوضات والجهود الدبلوماسية لحملها على العودة للامتثال.