التكتم حول ما دار فى هذا الاجتماع يجعل الاجتهاد مرتبطا بتصريحات سابقة للرئيس الأمريكى دونالد ترامب حول إقامة ريفيرا الشرق الأوسط. فى جلسة لم يتسرب منها إلا القليل جدا عقد الرئيس الأمريكى دونالد ترامب اجتماعا خاصا فى البيت الأبيض يوم الأربعاء الماضى الموافق السابع والعشرين من أغسطس، هذا الاجتماع شارك فيه بجانب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب مبعوثه للشرق الأوسط ستيف ويتكوف وصهره أحد مهندسى صفقة القرن كوشنير بجانب العراب تونى بلير، وتشير التقارير لمشاركة وزير التخطيط الاستراتيجى فى حكومة الاحتلال الإسرائيلى رون ديرمر وشخصيات سياسية أمريكية أخرى. عملية التعمية لهذا الاجتماع تثير الريبة خاصة أن الاجتماع رافقه تصريح لرئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلى بنيامين نتنياهو يرحب به بالتعاون مع الولاياتالمتحدةالأمريكية فى قطاع غزة. التكتم حول ما دار فى هذا الاجتماع يجعل الاجتهاد مرتبطا بتصريحات سابقة للرئيس الأمريكى دونالد ترامب حول إقامة ريفيرا الشرق الأوسط فى قطاع غزة طبيعيا خاصة أننا منذ الرابع والعشرين من شهر ديسمبر الماضى ونحن نستقبل تصريحات متضاربة من الإدارة الأمريكية حول مستقبل قطاع غزة من التدمير إلى الازدهار. كما أن شخصية وأهداف تونى بلير تثير الشك، هذا الرجل الذى ورط بريطانيا فى الحرب العراقية عام 2003 م عندما كان يشغل منصب رئيس الحكومة البريطانية، إرضاء للرئيس الأمريكى حينها جورج دبليو بوش، غير بعيد عليه التعاون مع الرئيس الأمريكى الحالى دونالد ترامب خاصة أن صحيفة فايننشال تايمز البريطانية قد نشرت قبل أسابيع خطة طورتها « مجموعة بوسطن الاستشارية»، وهى إحدى أكبر شركات الاستشارات الأمريكية بالتعاون مع «معهد تونى بلير وعدد من رجال الأعمال الإسرائيليين» بعنوان «الثقة العظيمة» ( Great Trust)، تتعلق بتطوير غزة ما بعد الحرب، والغريب أن الخطة تضمنت تأسيس» ترامب ريفييرا»، و»منطقة ألون ماسك الذكية للتصنيع»، وطرق سريعة ومطار وميناء، وجزر صناعية، والأخطر هو تجهيز العديد من البنى لربط غزة بالممر الاقتصادى البرى البحرى المخطط له للوصل بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا وقد سبق وتحدث عنه رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلى بنيامين نتنياهو فى سبتمبر من العام 2023م على منصة الجمعية العمومية للأمم المتحدة. كما أشارت الصحيفة إلى أن وثيقة معهد بلير جاء فيها أن الحرب المدمرة على قطاع غزة «خلقت فرصة لا تتكرر إلا مرة واحدة فى القرن لإعادة بناء غزة كمجتمع آمن وعصرى ومزدهر»، ورغم أن الوثيقة لم تشر إلى إعادة توطين الفلسطينيين، إلا أنها ذكرت إمكانية تسهيل هجرة نصف مليون فلسطينى مقابل 9 آلاف دولار للشخص الواحد، وهذا يتفق مع مقترحات إسرائيلية لتخفيض عدد سكان قطاع غزة. هذه الخطة كفيلة لإثارة الريبة والشك من هذا الاجتماع. وحسب التقارير الأمريكية عرض أفكار بشأن غزة على ترامب كان لمعرفة مدى رغبته فى المضى قدما ليتمكن ويتكوف وروبيو من اعتمادها، وهذه كانت مهمة كوشنير وبلير. وفى مقابل التآمر على قطاع غزة وكأنها كعكة على طاولة اللئام تصر روسيا الاتحادية على ضرورة حسم جميع الملفات بنسق واحد دون تمييز بين غزة وكييف، وأن يتفهم الجميع أهمية إزالة الأسباب الجذرية للصراعات فى العالم والتأسيس لأمن مستدام فى كل مناطق الصراع فى العالم ومن ضمنها الصراع العربى الإسرائيلي. فى تصريح لافت للرئيس الإيرانى مسعود بزشكيان قال فيه لولا الصواريخ الإيرانية لرأينا طهران مدمرة مثل غزة، هذا التصريح يتناسق مع الموقف الروسى والذى أعلن بأن الولاياتالمتحدةالأمريكية أصبحت على قناعة بعد قمة ألاسكا بين الرئيسين الروسى والأمريكى باستحالة هزيمة روسيا وضرورة الوصول لحلول سلمية معها وإقناع أوروبا وأوكرانيا بذلك، التى ترفض أى هدنة مع روسيا فى حين تقبل المقاومة الفلسطينية بهدنة صاغها الأمريكان ورفضها الإسرائيليون وصمت الأمريكان أمام الرفض الإسرائيلى رغم الجهد الكبير الذى بذلته القاهرة ومن بعدها الدوحة لإقناع حماس بقبول هذه الهدنة. هذه المفارقات تكشف كيفية تعامل الولاياتالمتحدةالأمريكية مع الأزمات الدولية، مع سعيها الدائم للحفاظ على مصالحها ومصالح حلفائها فى العالم فقط، ومحرك قوى لترتيب الأوراق العربية مع روسيا لإحداث حالة من التوازن فى العالم وقطع الطريق أمام مشاريع التآمر على قطاع غزة وعلى المنطقة العربية وثرواته وخاصة الطاقة بكل أشكالها التى تفتح شهية ترامب والغرب تجاه المنطقة.