«من سيمسح دموع الأمهات وهنّ يودعن أقمارهنّ الشهداء؟، ومن سيخفف عن صغارنا وجع فقدان عائلاتهم؟، ومن سينتشل بقايا أجساد الشهداء من تحت الركام؟».. هكذا ودّع الصحفي الفلسطيني محمد سلامة الحياة تاركًا خلفه رسالةً أخيرة.. فلم يكن يعلم أن سؤاله سيصبح شهادة مكتوبة بالدم بعد ساعات فقط، حين دوّى قصف إسرائيلي مزدوج استهدف مستشفى ناصر الطبي في خان يونس جنوب قطاع غزة، ليُحوّل المكان الذي يلجأ إليه الجرحى والمرضى إلى ساحة موت جماعي وصمت أبدي لأصوات عدد من الصحفيين والمدنيين الفلسطينيين .. تفاصيل المجزرة.. قصف مزدوج يفتك بالمشفى استهدف جيش الاحتلال الإسرائيلي، صباح اليوم الاثنين 25 أغسطس، الطابق الرابع في مجمع ناصر الطبي بمدينة خان يونس، مُوقعًا عددًا من الشهداء والمصابين. وبعد دقائق معدودة، شنّ قصفًا ثانيًالحظة وصول طواقم الإسعاف والدفاع المدني الفلسطيني، وهو ما ضاعف عدد الضحايا، حيث سقط من بين المنقذين شهداء ومصابون. ووفق وزارة الصحة في غزة، فقد أسفر القصف المزدوج عن استشهاد 15 فلسطينيًا على الأقل، بينهم 4 صحفيين وعدد من أفراد الدفاع المدني، إضافة إلى عشرات الجرحى بجروح متفاوتة، لتصبح مجزرة جديدة شاهدة على مسلسل المجازر الإسرائيلية.. الصحافة تحت النار.. أسماء الشهداء الإعلاميين في واحدة من أعنف الضربات المباشرة للإعلام في غزة، فقدت الساحة الصحفية أربعة من أبرز مراسليها: - حسام المصري – بوكالة رويترز. - محمد سلامة – من قناة الجزيرة. - مريم أبو دقة – مراسلة مستقلة ل صحيفة إندبندنت عربية ووكالة الأسوشييتد برس AP. - معاذ أبو طه – من شبكة NBC الأمريكية. كما ارتقى عماد عبد الحكيم الشاعر، سائق الإطفاء في الدفاع المدني الفلسطيني، أثناء محاولته إنقاذ الجرحى، فيما أُصيب سبعة من أفراد الدفاع المدني بجروح أثناء عمليات الإخلاء والإنقاذ. كارثة إنسانية داخل أروقة ناصر الطبي وصفت المصادر الطبية في موقع القصف، الوضع في المستشفى بأنه "كارثي للغاية"، حيث امتلأت غرف الطوارئ بالشهداء والجرحى، فيما لا تزال عمليات البحث جارية تحت الركام بحثًا عن مفقودين، وأكدت أن عدد الشهداء مرشح للارتفاع بسبب خطورة بعض الإصابات ونقص الإمكانات الطبية الناجم عن الحصار المتواصل. ارتفاع حصيلة شهداء الصحافة أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، أن حصيلة الشهداء من الصحفيين ارتفعت إلى 244 منذ 7 أكتوبر 2023، بعد استشهاد الإعلاميين الأربعة في استهداف مجمع ناصر الطبي. وقال المكتب في بيانه: "ندين جريمة اغتيال الصحفيين، ونحمّل الاحتلال الإسرائيلي وداعميه المسؤولية الكاملة، ونطالب الهيئات الصحفية الدولية بالتحرك الفوري لحماية الإعلاميين ومحاسبة الاحتلال على جرائمه". جريمة موثقة على الهواء وثقت وسائل إعلام محلية ودولية لحظة القصف الثاني للمشفى، بينما كانت الكاميرات تنقل عمليات الإنقاذ مباشرة، ما شكّل دليلاً دامغًا على استهداف الاحتلال للطواقم الطبية والإنسانية والصحفية بدم بارد... ومنذ السابع من أكتوبر 2023، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حرب إبادة على غزة بدعم أمريكي، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير، في تحدٍّ صارخ لقرارات محكمة العدل الدولية والنداءات الدولية لوقف المجازر. وقد أسفرت هذه الحرب حتى الآن عن: - أكثر من 220 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، غالبيتهم من الأطفال والنساء. - أكثر من 11 ألف مفقود تحت الأنقاض. -مئات آلاف النازحين وسط ظروف إنسانية مأساوية. - مجاعة خانقة أودت بحياة كثيرين، معظمهم أطفال. - دمار شبه كامل للمدن والبلدات في القطاع، حتى كادت تُمحى من على الخريطة. ليُضاف ما حدث في مجمع ناصر الطبي بجنوب قطاع غزة الذي لا يمكن وصفه إلا بأنه جريمة حرب مكتملة الأركان بعدما تحوّل المشفى من ملاذ للجرحى ، أما كلمات الصحفي الشهيد محمد سلامة، فبقيت شاهدة على فظاعة المشهد، لتسأل العالم: من سيمسح دموع الأمهات؟ ومن سينتشل بقايا الأجساد من تحت الركام؟