تتجاوز العلاقات بين مصر والمملكة العربية السعودية الإطار التقليدي للتعاون الثنائي فهي ركيزة استراتيجية لاستقرار الشرق الأوسط والعالم العربي. لا عجب في ذلك فإن هذه العلاقة نسجها التاريخ على مدى عقود طويلة من المواقف المشتركة التي لا تنسى والروابط الإنسانية المتينة بين الشعبين والمصالح الاقتصادية والسياسية المتشابكة التي لا يمكن بحال من الأحوال فضها. لتقف تلك الأسباب في الوقت الراهن وكل وقت بمثابة خط الدفاع الأول أمام التحديات التي تهدد الأمة العربية. لكن هناك سؤال .. لماذا يتجدد الحديث كل فترة عن عمق العلاقات بين البلدين؟ ببساطة .. فإن الحديث المتجدد عن متانة العلاقات المصرية السعودية يأتي دائما بشكل متكرر بسبب ما تشهده المنطقة من محاولات متكررة للوقيعة بين البلدين عبر حملات إعلامية أو ترويج شائعات تهدف إلى زعزعة الثقة بين الشعبين والقيادتين. لكن وبكل ثقة فقد أثبتت التجربة التاريخية أن هذه المحاولات لم تفلح في النيل من متانة وصلابة هذه العلاقة الاستراتيجية. فعلى مدى السنوات الماضية أكدت الرؤى بين القاهرة والرياض أن وحدة الصف العربي هي مصدر قوة لهما وأن التكامل بين العاصمتين يمثل ضمانة حقيقية للأمن الإقليمي. فقد وقفت الدولتان جنبا إلى جنب في العديد من المحطات المصيرية سواء في مواجهة التحديات الأمنية أو في دعم القضايا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية بيد واحدة تعمل لأجل العالم العربي وقضاياه المصيرية. ولا ننسى انه على الصعيد الاقتصادي تمثل المشروعات التنموية المشتركة بين البلدين شاهدا حيا على عمق الشراكة التي لا تقتصر على السياسة والدبلوماسية فقط، بل تمتد لتشمل أوجه المشروعات المختلفة في مجالات التنمية المستدامة بكل تفاصيلها وبما يخدم مستقبل الأجيال القادمة. وفي ظل التغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم العربي والشرق الأوسط تأتي العلاقة المصرية السعودية كعامل توازن واستقرار يؤكد أن مصير المنطقة لا يمكن فصله عن قوة هذا التحالف العربي الذي يجمع بين أكبر دولتين عربيتين من حيث الثقل السياسي والجانب الديموغرافي والجغرافي أيضا. واخيرا لا نبالغ إن قلنا أن ما يربط القاهرة بالرياض ليس مجرد مصالح مشتركة بل رؤية موحدة لمستقبل آمن ومستقر وهو ما يؤسس لمرحلة مختلفة من التعاون العربي القائم على التكامل والشراكة الفاعلة في مجالات متعددة.