فرضت الصناعات الهندسية المصرية نفسها بقوة على الأسواق الدولية خلال السنوات القليلة الماضية، مما أدى إلى تحقيق طفرة غير مسبوقة فى معدلات التصدير خلال الشهور الستة الأولى من العام الحالى 2025. وشهدت الصادرات الهندسية ارتفاعًا من يناير وحتى يونيو بالمقارنة بنفس الفترة من العام الماضى 2024، حيث بلغت 3.1 مليار دولار بالمقارنة ب 2.7 مليار دولار عن نفس الفترة من العام الماضى وبنسبة نمو بلغت 15٪، كما شهدت تلك الصادرات ارتفاعًا فى شهر يونيو الماضى بالمقارنة بنفس الشهر من عام 2024 بنسبة 7٪ حيث بلغت 475 مليون دولار مقارنة ب 445 مليون دولار فى يونيو من العام الماضي.. وأشار أحدث تقرير للمجلس التصديرى للصناعات الهندسية إلى أن أهم القطاعات التى زادت صادراتها هى الكابلات بنسبة نمو 17٪، مكونات سيارات 8٪، الصناعات الكهربائية والإلكترونية 40٪، الأجهزة المنزلية 7٪، ووسائل النقل 20٪. وأضاف التقرير أن أهم الدول التى زادت الصادرات الهندسية إليها هى دول أوروبا وأهمها: المملكة المتحدة، سلوفاكيا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، التشيك، المجر، إسبانيا وهولندا، ثم دول آسيا ومن بينها الإمارات، العراق، أذربيجان، الأردن، لبنان والصين، ثم الدول الأفريقية وأهمها الجزائر، كينيا، نيجيريا، إفريقيا الوسطى، كوت ديفوار وتنزانيا ثم دول الأمريكتين. ◄ أوروبا في صدارة أهم المستوردين.. وحضور كبير للدول العربية ◄ بعثات تجارية إلى إفريقيا والبداية بأوغندا.. وتكثيف المشاركة في المعارض ◄ رئيس المجلس التصديري: الاستثمارات الأجنبية أحدثت طفرة في الإنتاج المصري في البداية أكد المهندس شريف الصياد رئيس المجلس التصديري للصناعات الهندسية، أن السبب الرئيسي في الطفرة التصديرية للقطاع هو وجود استثمارات أجنبية كبيرة دخلت إلى القطاع خلال السنوات الماضية، خاصة فى الأجهزة المنزلية وصناعة الطفائر الإلكترونية ومن بينها سوموتيمو اليابانية التي فتحت أكبر شركة لها فى العالم فى مصر، وقال: بدأ القطاع فى حصد ثمار ذلك، فخلال عامي 2023 و2024 دخلت هذه الاستثمارات إلى السوق، وقامت وزارة الاستثمار ووزارة الصناعة بتوفير كل احتياجاتها. وأضاف أن كل التوقعات كانت تشير إلى تحقيق تلك الطفرة، كما أننا نتوقع استمرارها حتى نهاية العام، حيث إن كل شركة جديدة تفتح فى مصر تستهدف أن يكون 50٪ على الأقل من إنتاجها للتصدير، وأشار إلى أن التصدير عند تلك الشركات أمر سريع للغاية لأنها لديها الأسواق الخاصة بها التى تطرح منتجاتها فيها، فهذه الكيانات الأجنبية هى أسرع الطرق لتحقيق معدلات تصدير كبيرة وسريعة، كما أنه لا يجب تجاهل أن هذه الشركات الأجنبية أدخلت المنتج المصرى إلى أسواق لم يكن من السهل الدخول إليها فى وقت قصير مثلما حدث، وأوضح أنه فى الوقت نفسه يتم تذليل العقبات أمام المستثمرين المصريين للدخول بشكل أقوى فى منظومة التصدير. ◄ معدلات النمو وقال: خلال السنوات الخمس الأخيرة نحقق معدلات نمو مرتفعة وبصورة دائمة بنسبة تصل إلى 25٪ عن السنوات السابقة، ونستهدف بنهاية العام الحالى الوصول إلى 7 مليارات دولار صادرات وهو ما سيكون طفرة عظيمة فى تاريخ صادرات الصناعات الهندسية، ولفت إلى أن المجلس يستهدف أيضًا تقليل الواردات بالتوازى مع زيادة الصادرات، خاصة تقليل الواردات فى المكونات الهندسية، ولذلك سيتم العمل على تطوين صناعة المغذيات والمكونات الخاصة بتلك الصناعات. وأشار إلى أن الفترة الماضية أيضًا شهدت زيادة «الوعى التصديرى» عند الشركات، خاصة مع زيادة أعداد الشركات التى تنضم إلى عالم التصدير كل عام، ومن الأسباب أيضًا دخول استثمارات أجنبية كثيرة خلال الفترة الماضية، فكل الشركات العالمية التى تدخل مصر يكون هدفها 50٪ تصدير، وهذه الشركات تستفيد من 3 مزايا رئيسية فى السوق المصرية هى وفرة الأيدى العاملة الماهرة بأسعار منخفضة، الموقع الاستراتيجى المتميز، والاتفاقيات التجارية بين مصر وأغلب الدول المحيطة التى تسمح بمرور المنتجات دون جمارك. وأوضح أن المجلس سيواصل خلال الفترة المقبلة عمل بعثات من أعضائه وأعضاء التمثيل التجارى إلى عدد من الشركات العالمية المستهدفة التى تُصدر منتجاتها لمصر، وسنطلب منها فتح مصانع لها فى مصر مع تحديد ما هو مطلوب من الحكومة المصرية للتنفيذ، على أن يتم عرض تلك المطالب والتي ستختلف من شركة لأخرى، وبالتالى حال تحقيق تلك التسهيلات أو المطالب الخاصة بالشركات سواء كلها أو بعض منها مع وجود الضمانات والتعهدات اللازمة سنضمن جذب استثمارات جديدة إلى السوق المصرية التى تعنى فرص عمل جديدة وإنتاجا محليا أكبر وبالتالى تحقيق المستهدفات الاقتصادية.. وأكد أن عددًا من القطاعات الفرعية أسهم فى تعزيز نمو الصادرات خلال الشهور الماضية وأهمها أبرزها الكابلات، ومكونات السيارات، والصناعات الكهربائية والإلكترونية، والأجهزة المنزلية، ووسائل النقل، بينما حقق قطاع المعادن أداءً استثنائيًا بنمو تجاوز 260٪، فى مؤشر على تحسن تنافسية المنتجات المصرية فى هذا المجال، وأشار إلى أن هذا الأداء يعكس قدرة الصناعات الهندسية المصرية على المنافسة دوليًا، ويعزز فرص الوصول إلى مستهدفات التصدير خلال النصف الثانى من العام الجاري، مشددًا على أهمية استمرار برامج دعم الصادرات، وتكثيف المشاركة فى المعارض والبعثات التجارية، وفتح المزيد من الأسواق الجديدة. ◄ الأسواق الواعدة فيما أكدت مى حلمى المدير التنفيذى للمجلس التصديرى للصناعات الهندسية، أن خطة المجلس للمرحلة المقبلة تركز على التوسع فى عدد من الأسواق الواعدة داخل القارة الإفريقية، مع التركيز على دول تشهد طلبًا متزايدًا على المنتجات الهندسية المصرية، فضلًا عن العمل على فتح أسواق غير تقليدية فى مناطق جديدة حول العالم، بما يسهم فى تنويع القاعدة التصديرية وتقليل الاعتماد على الأسواق التقليدية فقط. وقالت: ينظم المجلس التصديرى للصناعات الهندسية بعثة تجارية إلى أوغندا فى أول سبتمبر المقبل، مما يتيح للشركات المصرية فرصة التوسع فى أسواق جديدة، وعقد شراكات تجارية واعدة.. وأوضحت أن هناك توقعات قوية باستمرار الأداء الإيجابى لصادرات القطاع حتى نهاية عام 2025، فى ظل الجهود المكثفة التى يبذلها المجلس من خلال تنظيم الفعاليات الترويجية والمشاركة فى المعارض الدولية والبعثات التجارية، إلى جانب البرامج المستمرة لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة وتعزيز قدرتها على التصدير، وأضافت أن المؤشرات الحالية تبعث على التفاؤل، خاصة فى ظل التحسن المستمر فى أداء العديد من القطاعات الفرعية داخل الصناعات الهندسية، ذاكرة أن النتائج المتحققة حتى الآن تعكس القدرات الحقيقية للشركات والمصانع المصرية، التى أثبتت مرونتها العالية واستعدادها لمواكبة المتغيرات العالمية. وأكدت أن المجلس سيواصل العمل عن قرب مع المصنعين والمصدرين لتقديم الدعم الفنى والتسويقى اللازم، وتذليل أية تحديات تواجههم فى الأسواق المستهدفة، مؤكدة أن نجاح صادرات الصناعات الهندسية هو نتاج تكامل الجهود بين الدولة والقطاع الخاص والمجالس التصديرية. ◄ قطاع حيوي من جانبه أكد د. عبدالمنعم السيد مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، أن الصناعات الهندسية فى مصر تعتبر قطاعًا حيويًا يساهم بشكل كبير فى الاقتصاد المصرى حيث يمثل حوالى 19٪ من الشركات الصناعية وله دور هام فى مؤشر الأداء الصناعى، كما أنه يمثل نسبة كبيرة من الصادرات المصرية، ويوفر فرص عمل لنسبة كبيرة من القوى العاملة فى مصر، حيث يمثل حوالى 20٪ من العاملين فى القطاع الصناعى. وأضاف: بلغت قيمة الصادرات الهندسية نحو 3.1 مليار دولار فى النصف الأول من العام الحالى محققة بذلك أعلى رقم نصف سنوى فى تاريخ القطاع، ويمثل هذا ارتفاعًا قدره 15٪ مقارنة بنفس الفترة من عام 2024، وأوضح أنه اعتبارًا من نهاية مايو فقط، وصلت الصادرات إلى 2.6 مليار دولار، مما يُشير إلى نمو سنوى بنسبة 17٪ من يناير إلى مايو 2025 مقارنةً بنفس الفترة فى 2024، كما أنه فى شهر يناير وحده سجل القطاع 526.2 مليون دولار من الصادرات، بنمو مذهل نسبته 42٪ عن يناير 2024.. وأشار إلى أن من أبرز القطاعات المساهمة فى النمو المعادن والتى شهدت قفزة استثنائية تجاوزت 260٪، ما يعكس تزايد الطلب العالمى على منتجات مصرية تنافسية، والكابلات الكهربائية والتى شهدت نموًا قويًا، ومنها نمو بنسبة 72.8٪ فى يناير فقط، الأجهزة الكهربائية والمنزلية التى ارتفعت بنسبة بين 17٪ إلى 65٪ فى قطاعات مثل الأجهزة الكهربائية والإلكترونية والمعدات الصناعية، ومكونات السيارات التى سجلت زيادة بنحو 6٪ إلى 15٪ حسب الفترة، مع نمو 9.5٪ فى يناير، وكذلك معدات النقل والمركبات التى سجلت قفزات، بما فى ذلك نمو 34٪ فى أول 5 شهور.. وقال: لا شك أن قطاع الصناعات الهندسية يقدم قيمة مضافة، ويسعى إلى توطين التكنولوجيا الصناعية فى مصر، كما تساهم الصناعات الهندسية فى توفير العديد من المنتجات التى يحتاجها السوق المحلى فى مختلف القطاعات وزيادة معدل النمو الاقتصادي، كما يعزز النمو فى قطاع الصناعات الهندسية من جاذبية مصر كوجهة للاستثمارات الأجنبية وهذا ما حدث فى المنطقة الصناعية بمحور قناة السويس ووجود شركات صناعية أجنبية مثل تيدا الصينية وغيرها يؤكد ذلك، وأكد أنه فى الوقت نفسه لا بد من ضرورة تطوير التكنولوجيا وزيادة القدرات التنافسية وجذب الاستثمارات الأجنبية فى القطاع، حيث سيساعد ذلك على توطين التكنولوجيا وزيادة الصادرات. ◄ طفرة حقيقية من جانبه أكد د. على الإدريسى الخبير الاقتصادى أن الصادرات الهندسية شقان، الأول المتعلق بالصناعات المغذية والثانى الصناعات المكتملة مثل الأجهزة الكهربائية والمزلية والآلات المعدات، وأشار إلى أن هناك طفرة حقيقية فى الإنتاج المصرى من تلك الصناعات، ولكن يبقى الرهان على ضرورة إحداث التوازن بين ما يحتاجه السوق المحلية والتصدير، وأضاف: التصدير قضية محورية ولكن بما لا يخل باحتياجات الداخل حتى لا تحدث زيادة فى الأسعار نتيجة قلة المعروض.. وأضاف أن هناك عدة أسباب أدت إلى حدوث الطفرة التصديرية ومن بينها جودة المنتج المصرى وتفوقه على كثير من السواق المنافسة، تنافسية السعر المصرى والتى أوجدت للمنتج المصرى أسواقًا جديدة لم يكن يصل إليها من قبل، توافر المواد الخام ومستلزمات الإنتاج بصورة كافية ما تسبب فى زيادة الإنتاج، استقرار سوق الطاقة، وأخيرًا توافر الدولار من خلال الجهاز المصرفى للدولة من أجل استيراد مستلزمات الإنتاج المطلوبة. وأكد أن المطلوب الآن من الدولة هو الحفاظ على توازن السوق المحلية مع زيادة معدلات التصدير، بالإضافة إلى الاستمرار فى تشجيع القطاع الخاصعلى ضخ استثمارات جديدة فى الصناعات الهندسية، مع تحفيز صغار المصنعين على التصدير أيضًا من خلال توفير مزيد من الحوافز والتسهيلات له، بالإضافة إلى الترويج للمناطق الصناعية فى المحافظات والاستفادة منها فى دعم القطاع.