كنت هناك، بين الشاحنات، ومعى مئات المتطوعين، نتابع لحظة بلحظة، تحرك القافلة رقم 11 من قوافل التحالف الوطنى للعمل الأهلى والتنموى إلى أهالينا فى غزة كانت لحظة مصرية نادرة يتقاطع فيها النبض الشعبى مع إنسانية الدولة. منذ الصباح الباكر بدأ المشهد فى نقطة الانطلاق على طريق مصر - الإسماعيلية: شاحنات مصطفة، مشرفون ومنسقون يتحركون بدقة، ومئات المتطوعين لم يناموا من أيام .. يسابقون الزمن ليصلوا الى لحظة انطلاق القافلة. الشاحنات جاهزة، والكراتين مغلقة بإحكام، مرصوصة ومنظمة وفقًا لخطط محكمة، لا مجال للعشوائية. وفى قلب المشهد، كنت أشارك، أسمع التعليمات، وأشهد عن قرب لحظة إنسانية يندر أن تتكرر. المهندس خالد عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء التحالف الوطني، حضر بهدوئه الشديد وقام بتحية المتطوعين، السفيرة نبيلة مكرم، رئيسة الأمانة الفنية، انتقلت بين الحضور بابتسامة لا تُفارِق وجهها، تشكر الجميع، وتغرس فيهم معنى الانتماء لما هو أكبر من كل جهة أو مؤسسة. النائب محمد أبو العينين، وكيل مجلس النواب، قالها بوضوح: هذه ليست قافلة غذاء فقط... هذه قافلة ضمير، قافلة دولة اختارت أن تكون حاضرة وقت المحنة، لا وقت التصفيق. ما نفعله اليوم ليس دعمًا فقط لأهلنا فى غزة، بل هو رسالة بأن مصر لا تنسى، ولا تتخلّى، ولا تساوم على إنسانيتها. هذه القافلة تسير باسم كل مصرى يعرف قيمة العروبة، ويؤمن أن الإنسان أغلى من أى حسابات سياسية أو حدود جغرافية. نحن نؤدى واجبًا، ونُعيد لشعب جريح جزءًا من كرامته. لم نرسل فقط مساعدات. أرسلنا أملًا، وتعهدًا، ووعدًا ألا ننسى، وألا نخذل، وألا نُغلق قلوبنا كما أُغلقت المعابر من الجهة الأخرى التى لا تعرف قلبًا ولا رحمة.