حملات التحريض التى تحاول النيل من مصر والتشكيك فى دورها الداعم الأصيل والتاريخى للقضية الفلسطينية «سفه» يرتقى لحد «الجريمة الهزلية». وأصفها «بالجريمة» لأنها تمحو تاريخًا طويلًا من التضحية بالدم والأرض والرجال من أجل القضية التى تتصدى لها مصر باعتبارها قضيتها الخاصة، ولأنها تتجاهل جهودًا لم تنقطع بذلتها ومازالت تبذلها القاهرة ليس فقط للم الشمل الفلسطينى وترتيبه من الداخل ولكن لحقن الدماء الفلسطينية، حيث كانت دائمًا الراعى لأى وقف لإطلاق النار بين المقاومة المسلحة وإسرائيل على مدار العقود الماضية. أما وصفها «بالهزلية» فلأنها تجافى المنطق وتتناقض مع «ألف باء» قواعد الأمن القومى. فغزة ليست مجرد أرض فلسطينية على حدودنا، ولكنها امتداد أصيل لأمن مصر الوطنى. وإن كانت هناك دولة بالعالم تتضرر من استمرار الحرب غير فلسطين نفسها فهى مصر. وبالتالى ليس فى مصلحتها على الإطلاق أن تلعب دورًا يساهم فى استمرار المعاناة فى القطاع وتكريس الوضع غير المستقر هناك. والحقيقة أن الاستهداف الممنهج للدور المصرى محاولة مفضوحة لضرب عصفورين بحجر واحد. الأول: تسييس الأزمة الإنسانية لأشقائنا فى غزة وتوظيفها كسلاح لضرب السلطة المصرية، وكأداة لتأليب الشعب على مؤسسات دولته. والعصفور الثانى زيادة الضغط على القيادة المصرية للتخلى عن موقفها الثابت والمعلن الرافض للتهجير وتصفية القضية الفلسطينية، وذلك من خلال حشرها فى الزاوية لتوافق على استقبال الفلسطينيين المنكوبين الذين يعرضهم الاحتلال الصهيونى لكل صنوف «التطفيش» من قتل وتجويع وتدمير للمنازل والبنى التحتية لدفعهم للرحيل قسرًا تحت غطاء فتح باب «الهجرة الطوعية» لهم. هذا المخطط يتفق العرب على رفضه، كما يتفقون على ضرورة وقف الحرب وإقامة دولة فلسطينية على حدود 67 عاصمتها القدس، لكن هذا التوافق لابد من ترجمته لمواقف ملموسة مساندة لمصر التى تقف وحدها بصلابة ضد تيار جارف وفى خضم تحديات داخلية وإقليمية لا يتزامن أن تتكالب على أى دولة بالعالم فى وقت واحد.