القوة الناعمة لمصر فى قلب أوروبا.. الجامعة الألمانية جسر عابر للقارات رغم الارتفاع الكبير فى درجات الحرارة الذى يُغلف أجواء «تموز» هنا، إلا أن أجواء برلين قررت الانحاء احترامًا لعظمة التاريخ ورهبة الحضارة المصرية. راحت الأمطار تتساقط تمهيدًا لهذا الحدث الاستثنائى، وتحولت الأجواء فى منطقة راينكندورف، -التى تحتضن مقر الجامعة الألمانية فى برلين- إلى لوحة يعانق فيها التاريخ الحاضر والمستقبل، وتشارك فيها الطبيعة الاحتفال.. اقرأ أيضًا| حضارتنا عابرة للحدود.. «المتحف الكبير» يصل محطته الدولية الثانية ب«برلين» بنظرة خاطفة على بهو الحفل تقف الحضارة المصرية شامخة تروى أمجاد الأجداد وبصماتها على الإنسانية لآلاف السنين، وبنظرة أخرى على الشاشة الرئيسية لقاعة الاحتفال تدرك كيف خرج الحدث بهذه الصورة المشرفة، وأن الحاضر جرى الإعداد له جيدًا، فثلاث كلمات تختصر المشهد، وكيف صُنعت اللحظة بإتقان: design GIU GUC / music GIU GUC / Ai GIU GUC. وعلى يمين القاعة أكد ال«timeline» الذى حمل صور أبرز خريجى الجامعة الألمانية اللامعين فى مختلف بلدان العالم أنهم امتداد لحضارة تقدس رسالتها فى خدمة الإنسانية.. أكثر من 150 شخصية بارزة كانت حاضرة معرض المتحف المصرى الكبير، والذى نظمته الجامعة الألمانية ببرلين بالتزامن مع النسخة الثالثة ل «connects»- وهى منصة عالمية للإلهام والتعلم والابتكار- بمشاركة ثنائية من الجامعة الألمانية بالقاهرة والجامعة الألمانية التطبيقية الدولية بالعاصمة الإدارية، وبالتعاون مع وزارة السياحة والآثار متمثلة فى إدارة المتحف المصرى الكبير. وتنوع الحضور بين شخصيات سياسية ودبلوماسية وبرلمانية بارزة، وممثلى هيئة التبادل العلمى الألمانية وأكاديميين وممثلين عن المناطق المختلفة فى برلين، وبمشاركة أكثر من 600 طالب وطالبة من مختلف محافظات مصر. اقرأ أيضًا| الجامعة الألمانية توقع اتفاقية مع Ghorfa لدعم التعليم والتدريب عبر الحدود الشعور بفخر الهوية المصرية والإيمان بأن تأثير التعليم يتجاوز الحدود، والقوى الناعمة تعليمية وثقافية قادرة أن تكون عابرة للحدود، كان مسيطرًا على الكلمة التى ألقاها د. أشرف منصور رئيس مجلس أمناء الجامعة الألمانية بالقاهرة، خلال افتتاح المعرض، فقال إنه فخور بالهوية المصرية وإسهاماتها الحضارية فى مسيرة الإنسانية، وذلك فى حدث ثقافى مهيب يعكس عمق العلاقات المصرية الألمانية، وهو استضافة الجامعة الألمانية فى برلين، معرض المتحف المصرى الكبير وأكد أن العاصمة الإدارية الجديدة المشروع القومى للدولة المصرية، وإعدادها وتصميمها بهذه السرعة يعكس عظمة المصريين، كون تصميم المدينة كان أسرع من خرائط جوجل» . وتابع منصور قائلًا: «أبدأ كلماتى اليوم من مكان ملىء بالفخر والشرف، ليس فقط لأننى آتى من بلد تعد مهد جميع العلوم، ولكن لأننى آتى من دولة منحت العالم أول معاهدة سلام، فى الوقت الذى يبحث فيه العالم كله عن السلام فى وقتنا الحاضر، واستكمل: «لقد جئت من الأرض التى اخترعت أكثر من الآثار، لقد اخترعنا المعنى، فى أبسط مفردات الحياة، إلى وحدات القياس التى نستخدمها، والتقويم الذى يوجه أيامك إلى الهندسة المعمارية التى لا تزال تتحدى الفهم، بدأ كل شىء معنا، من حيث جئنا، هذا ليس مجرد تاريخ، بل هذا تراث حى فى كل واحد منا، أنا من مصر». وأبدت الوفود الزائرة إعجابًا شديدًا بالمعروضات، والتى تقدم لمحة عن عظمة المتحف المصرى الكبير المرتقب افتتاحه فى القاهرة، وعبّر العديد من السفراء عن دهشتهم من دقة التفاصيل وجمال المعروضات، مشيدين بجهود الجامعة الألمانية فى تنظيم هذا الحدث المتميز الذى يؤكد قوة الدبلوماسية الثقافية المصرية. اقرأ أيضًا| أحمد غنيم: المتحف المصري الكبير هدية مصر للعالم مصر جاءت أولًا مصر جاءت أولًا ثم جاء بعدها التاريخ، هكذا تحدث السفير محمد البدرى سفير مصر لدى ألمانيا، فى كلمته خلال افتتاح المعرض، فذكر أن مصر كانت أول دولة تهتم بالمرأة من خلال مظاهر عديدة، وأن من أوائل السيدات اللائى حكمن فى العالم كانت فى مصر، وكانت الملكة المصرية حتشبسوت، التى رسخت أسس العلاقات الاقتصادية.. وقال البدرى إن أحمس كان من أعظم من حكم مصر وأصغرهم، وإن مصر القديمة قدمت للعالم العديد من قواعد العلوم، وإن أول كتاب طبى كتب فى مصر، وإن أول جراح للمخ قبل 5 آلاف سنة، كان مصريًا، والأهم ما قدمته مصر فى علوم الهندسة والرياضيات، لأنه من غير المعقول أن تشيد الأهرامات وكل هذه الآثار دون دراسات وعلوم، وأشار السفير المصرى بألمانيا إلى أن مصر ذُكرت 735 مرة فى التوراة، و500 مرة فى الإنجيل، ولها إرث مسيحى قوي، واختتم بالإشارة إلى مقولة هيرودوت «إن مصر هى هبة النيل»، قائلًا: «الحضارة هبة الشعوب»، ووجه الدعوة للألمان لزيارة مصر ومشاهدة معالمها الأثرية والتاريخية. رسالة سلام وأكد الدكتور أحمد غنيم، الرئيس التنفيذى للمتحف المصرى الكبير، أن «المتحف المصرى الكبير ليس مجرد متحف، بل منارة حضارية فيما يتعلق بالعلم والترميم والتعليم المتخصص، وهو يعبر عن الثقافة والتراث المصري، بما يمتلكه من كنوز تجعله درة المتاحف فى العالم».. وأكد أن افتتاح المتحف بات وشيكًا وسيتم خلال هذا العام، وأن التكلفة الإجمالية للمشروع تجاوزت مليارًا وأربعة ملايين دولار، على مساحة تُقدَّر ب500 ألف متر مربع، أى ما يعادل خمسة أضعاف مساحة المتحف البريطاني، وضعفى مساحة متحف اللوفر، وأكبر من ديزنى لاند. اقرأ أيضًا| 608 طلاب يشاركون في فعاليات «Connects 2025» بالجامعة الألمانية في برلين| صور ووصف غنيم المتحف بأنه «هدية مصر للعالم»، ويقدم لمحة شاملة عن التاريخ المصرى العريق، وحاضرها المتطور، ومستقبلها الواعد، مشيرًا إلى أن تنظيم المعرض بالتعاون مع الجامعة الألمانية يُعد خطوة مهمة ضمن خطة الترويج العالمية للمتحف، وتابع قائلا: «كل المصريين فخورون بهذا الصرح الذى يعد رسالة سلام لكل العالم». عمدة راينيكندورف إمينه ديميربيكن-فيغنر عمدة منطقة راينيكندورف، عبرت عن سعادتها بحضور فعاليات حفل المتحف المصرى الكبير ببرلين، وقالت إن هذه الفعالية المميزة، التى تجمع بين افتتاح معرض المتحف المصرى الكبير وورش عمل CONNECTS، وأكدت أن الحدث يبنى جسورًا دولية ويجمع بين المواهب الشابة ذات التنوع الثقافى والقوة الابتكارية. ترنيمة إيزيس الدور الممتد للجامعة فى دعم العلاقات الاقتصادية المصرية الألمانية والألمانية العربية، تبلور فى توقيع الجامعة الألمانية اتفاقية تعاون مشترك مع غرفة الصناعة والتجارة العربية الألمانية (Ghorfa) فى العاصمة الألمانية برلين. تهدف هذه الشراكة الاستراتيجية إلى دعم الشركات والمؤسسات العربية والألمانية فى مختلف القطاعات، وذلك من خلال تقديم برامج تدريب وتعليم مستمر متخصصة، ورفع كفاءة الموارد البشرية، وتوفير استشارات متقدمة لبناء الكفاءات التنفيذية والمؤسسية وفقًا لأعلى المعايير الدولية. اقرأ أيضًا| الجامعة الألمانية تفتتح معرضًا للترويج للمتحف المصري الكبير وقال السفير خالد جلال، مستشار ورئيس مكتب غرفة التجارة والصناعة العربية الألمانية فى مصر، إن هذه الاتفاقية ستدعم بشكل كبير الشركات العربية فى مصر وألمانيا من خلال برامج تدريبية متخصصة تهدف إلى تنمية مهاراتهم المهنية والفنية، وأن هذا التعاون هو الأول من نوعه، ويصب مباشرة فى مصلحة التبادل الاقتصادى والتجاري.. واختتم الحفل المبهر على أنغام ترنيمة إيزيس وأغنية حلوة يابلدى وأغانى أم كلثوم، التى شدا بها فريق الجامعة، وأضفى الشباب المشاركون فى النسخة الثالثة لمعرض connects2025 حالة من البهجة على القاعة. سحر جيندار ماركت التأكيد على الدور المحورى للجامعة الألمانية فى تعزيز التعاون والتبادل العلمى والثقافى مع كبرى الجامعات والمؤسسات البحثية الألمانية، لا يتوقف عند كونها تمنح 60% من الشهادات الألمانية خارج حدود ألمانيا، بل يمتد إلى دعم العلاقات المصرية الألمانية الأوروبية والمصرية العربية الإفريقية بالتعاون العلمى الثقافى التقنى الاقتصادى لتحقيق التنمية لمصر وألمانيا، يعكسه أيضا وجود مقر للجامعة فى منتدى العلوم ببرلين المطل على ساحة جيندارمين ماركت الشهيرة، ويعد أهم مبنى للمؤسسات التعليمية والثقافية الألمانية الحكومية، فالجامعة الألمانية فى مصر لا تقدم فقط تعليمًا على الطراز الألماني، بل تعمل كجسر ثقافى يربط طلابها وخريجيها بقلب المجتمع الألماني، مما يتيح لهم الانخراط فى أرقى الفنون والتبادل الثقافى، وهو ما عكسه أيضا مشاركة الجامعة، فى فعاليات مهرجان «كلاسيك أوبن إير»، ويتميز المهرجان الذى يقام بساحة جيندارمين ماركت بمزيج فريد من الموسيقى الكلاسيكية والحديثة لمشاهير العازفين.. وتوفر الساحة، إحدى أعرق الساحات الأوروبية، خلفية معمارية لعروض المهرجان، حيث تحيط بالمسرح المفتوح مبانٍ تاريخية مثل، كاتدرائية الألمانية (Deutscher Dom)، كاتدرائية الفرنسية (Französischer Dom)، قاعة الحفلات كونزرت هاوس (Konzerthaus Berlin)، وتمنح هذه البنية المعمارية الأصيلة للمهرجان سحرًا بصريًا يضاف إلى الإبداع السمعي، لتكون تجربة الحضور متكاملة وفريدة.