منذ الصبا، أيقنت أن الفرج لا يسكن في دعائي وحده، بل فى صدق فرحتي بما أنعم الله به على غيرى. تربّيت على يقين أن من يرضَ بنعمة أخيه، تستقر النعمة عنده، وربما تأتيه مضاعفة. في شبابي، اقتربت من الصالحين، زاهدين فى الدنيا، أغنياء بالحكمة. قالوا: "افرح لغيرك، ففيه عبادة"، و"لا تنظر لما فى يد غيرك، بل لحكمة الله فى القسمة". تعدّدت الأبواب، لكن الرزق لا يخرج عن يد الله. قد تسعى، لكن ما كُتب لك سيأتيك، وما لم يُكتب لن تناله. حين أرى من أحب فى نعمة، أبتسم، وأقول: "اللهم زد وبارك". القلوب التى لا تضيق من خير غيرها، مؤهّلة لرزق لا يُتوقّع... لأن الله لا ينسى من رضى، ولا يحرِم من فرح لغيره صدقًا. فرحة الغير عبادة صامتة... لا يراها الناس، لكن يسمعها الله جيدًا. ◄ دعوة مقبولة دعوة كريمة من صديقى أحمد هاشم للكتابة فى "آخرساعة"... يصعب علىّ التفكير فى قبول أو رفض، لأن صاحب الدعوة له مكانة كبيرة فى قلبى، شريك رحلة عمر امتدت لثلاثة عقود. جمعتنا كيمياء المحبة والود، وتشابهت طباعنا، فكلانا يبحث عن البشر الحقيقيين، أصحاب القلوب الخضراء النابضة بالحب، الرافضين لقلوب تدربت على الكراهية. في زمن تتسارع فيه الأخبار وتتقاطع فيه المصالح، قليل من الناس نثق أنهم لا يبيعون مواقفهم، ولا ينجرفون مع الموجة. صديقى أحمد هاشم أحد هؤلاء الذين يحملون على أكتافهم شرف الكلمة. عرفته زميلًا وصديقًا فى مواقف تختبر الرجال. لم يخذلنى يومًا، ثابتًا على مبادئه، يدافع عن زملائه كما يدافع عن مهنته، لا يسعى للصدارة، حضوره صادق، وإن غاب افتقده المكان. من أجله أكتب كلماتي، لا تكريمًا له، بل اعترافًا بفضل من بقى وفيًّا للرفاق والمبادئ.