فى عصر العواصف الرقمية، قد تتحوّل لحظة عفوية إلى موجة تسونامى عملاقة تجتاح العالم، وتصنع من شخص مجهول «تريند» لا حديث يعلو فوقه فى كل أنحاء العالم. هذا ما حدث تمامًا خلال إحدى حفلات فرقة «كولدبلاى» فى مدينة بوسطنالأمريكية، عندما التقطت كاميرا «Kiss Cam» لقطة تحولت فى لمح البصر إلى قضية رأى عام عالمى.. يدلو 7 مليارات نسمة على كوكب الأرض بآرائهم فيها، وتتسابق الصفحات لنيل جزء من كعكة الترافيك منها. فى لحظة يُفترض أنها مرحة ورومانسية، فوجئ الآلاف من جمهور الحفل بمشهد محرج لرجل وسيدة التقطتهما الكاميرا العملاقة وهما يحتضنان بعضهما البعض، ليتبيّن لاحقًا أنهما من كبار المسئولين فى إحدى شركات التكنولوجيا. وسرعان ما اشتعلت مواقع التواصل، بعدما تبيّن أن الرجل هو آندى بايرون، الرئيس التنفيذى لشركة «Astronomer»، وأن السيدة هى مديرة الموارد البشرية فى نفس الشركة، كريستين كابوت. حاول الاثنان أن يخفيا وجهيهما وردة فعلهما كانت مرتبكة للغاية، فقد حاولا الابتعاد عن الكاميرا، فى مشهد زاد من تساؤلات الجمهور وشغفه بدلًا من تهدئتها. أما المغنى كريس مارتن، فعلق على الموقف قائلًا ما معناه: «إما أنهما على علاقة سرية... أو أنهما خجولان جدًا»، وهو ما زاد من الإثارة حول اللقطة. لم تمضِ ساعات حتى كان الفيديو قد تصدّر تطبيق «تيك توك»، وبدأت وسائل الإعلام فى كشف هوية الشخصيتين والتفاصيل المحرجة حول علاقتهما، وسط تعليقات متعاطفة من البعض مع زوجة آندى بايرون، وانتقادات لاذعة من آخرين رأوا أن الحادثة تمسّ مبدأ النزاهة فى العمل ومكانة القيادة. ما يجعل هذه القصة نموذجًا حيًا لواقعنا المعاصر، هو أنها وقعت ضمن واحدة من أكثر الحفلات رواجًا فى جولة كولدبلاى العالمية، ومع ذلك، لم يكن هذا النجاح الموسيقى هو محور النقاش، بل تلك «الثانية الواحدة» التى نقلت الحضور من مقاعدهم إلى واجهة التريند العالمى، بل ووضعت اسم الفرقة مرة أخرى فى عناوين الأخبار. هذه القصة ببساطة تضعنا أمام تساؤلات عديدة: هل تحول عالمنا اليوم إلى غرفة صغيرة ضيقة؟ وهل انقسمنا جميعًا إلى جناة وقضاة على منصات السوشيال ميديا؟، كيف يمكن لأى لحظة، وأى شخص، أن يصبح فجأة فى مرمى الضوء، سواء أراد ذلك أم لا؟، الجواب: نعم... «كاميرات الهواتف لا ترحم» وكل شىء قابل للانتشار، قد يتحوّل خطأ بسيط أو تصرّف عفوى إلى حدث يهزّ الإنترنت، ويُعيد تشكيل صورة الأفراد فى عيون المجتمع خلال ثوانٍ فقط.