"تحت شعار صنع فى مصر" لا حديث يعلو الآن فوق صوت التوجه نحو التصنيع المحلي، والعمل على زيادة نسبة المكون المحلي في عمليات التصنيع وكذلك زيادة الإنتاج الكمى سنويًا، ولأن صناعة السيارات تعد إحدى ركائز الاقتصاد الوطني، فقد توجهت الدولة بكل ما أوتيت من قوة نحو توطين صناعة السيارات وتعزيز والتصنيع المحلى من أجل التصدير، للحد من فاتورة الاستيراد الباهظة، وتشغيل كثير من المصانع، الأمر الذى يؤدى إلى خلق مزيد من فرص العمل ومن ثم الحد من نسبة البطالة، وتقدم الحكومة كامل دعمها لهذا الملف الحيوى من خلال البرنامج الوطنى لتنمية صناعة السيارات، الذى يمنح المُصنعين والمستثمرين حوافز عدة، وبشأن تلك الحوافز والمزايا المتعددة ومدى تأثيرها على تعزيز التصنيع المحلى وزيادة حجم الإنتاج الكمى السنوى، وكيف تسهم تلك الحوافز فى حدوث انطلاقة حقيقية لصناعة السيارات فى مصر؟. ◄ مصطفى: خلق صناعة وطنية قادرة على المنافسة أكد اللواء حسين مصطفى، خبير السيارات، أن الدولة لا تتواني عن تقديم كامل الدعم لتوطين صناعة السيارات فى مصر وخلق صناعة سيارات وطنية قادرة على المنافسة، حيث تعد صناعة السيارات إحدى الركائز والمحركات الرئيسية للنمو الصناعي، فضلًا عن توفير فرص العمل، وتشغيل الأيدى العاملة وتحسين الميزان التجارى، لافتًا إلى قيام الدولة بتخصيص نحو 3 مليارات جنيه ضمن الموازنة العامة لها 2026- 2025 لتوطين ودعم صناعة السيارات ومستلزماتها ومكوناتها محليًا، ويأتى ذلك التخصيص ضمن 19.6 مليار جنيه إجمالى ما تم تخصيصه من قبل الدولة لدعم الصناعة بوجه عام فى الموازنة العامة للدولة 2026 - 2025. وأضاف مصطفى، أن تلك المخصصات المالية سوف تسهم بدورها فى تحفيز المستثمرين والمُصنعين على إنشاء مصانع جديدة، ودعم الشركات الناشئة في مجال مكونات السيارات، والعمل على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، بالإضافة إلى عمل شراكات تكنولوجية. ◄ حوافز تشجيعية وأوضح مصطفى، أن البرنامج الوطنى لتنمية صناعة السيارات يضم حوافز عدة تقدم للمُصنعين نظير حجم إنتاجهم، ونسبة المكون المحلى فى تصنيع سياراتهم، وحجم استثماراتهم فى مشروعاتهم، وأيضًا مدى الالتزام البيئى فى منتجاتهم المُصنعة محليًا، مشيرًا إلى أنه يجب عند تحديد حجم الإنتاج للمُصنعين كى يتمكنوا من الحصول على حوافز البرنامج الوطنى لتنمية صناعة السيارات، التعامل مع هذا الأمر بحذر بالغ، لأن اشتراط الوصول إلى نسب مرتفعة فى المكون المحلى أو حجم إنتاج كمى كبير لدى مصانع السيارات لن يستطيع تحقيقه سوى عدد قليل من كبريات المصانع المحلية. الأمر الذى يجعل بقية المصانع غير قادرة على الالتزام بتلك النسب الكبيرة أو المرتفعة، لذا يجب عند وضع الحوافز المالية على حجم إنتاج تلك المصانع أن يكون حجم الإنتاج يسهل الوصول إليه، على أن تُخصص حوافز إضافية أعلى لمن يتمكن من الوصول إلى حجم إنتاج كمى أكبر، كما لابد أن تكون نسب المكون المحلى مناسبة ويسهل تحقيقها، لأن أى زيادة ولو بنسبة 1% فى نسبة المكون المحلى تتطلب إقامة مصانع جديدة، لإنتاج مكونات جديدة قد لا تكون منتجة حاليًا، من هنا يجب التدرج فى زيادة نسبة المكون المحلى. ◄ سعد: التصنيع المحلي ضرورة ملحة ◄ دعم الصناعة فيما أوضح خالد سعد، أمين عام رابطة مُصنعي السيارات، أن الدولة تولى اهتمامها وكامل دعمها بتوطين صناعة السيارات وتعميق التصنيع المحلى، ما دفع كثير من شركات السيارات إلى التوجه نحو التصنيع المحلى، لاسيما فى ظل تعطل الاستيراد جراء الصراعات والحروب واشتعال الأحدات الجارية، ما سيؤدى بدوره إلى وجود أزمة فى الاستيراد نظرًا لارتفاع تكلفة الشحن والنقل، لذا بات التوجه نحو التصنيع المحلى ضرورة ملحة فى تلك المرحلة الراهنة أكثر من أى وقت مضى، لتفادى التداعيات الناجمة عن الأزمات والحروب والصراعات على الساحتين الإقليمية والدولية. وأضاف سعد، أن البرنامج الوطنى لتنمية صناعة السيارات يحوى حوافز ومزايا عدة للمُصنعين، منها: تقديم الدعم اللازم والحوافز التشجيعية لشركات السيارات المُصنعة محليًا التى تزيد نسبة المكون المحلى فى سياراتها عن 45%، وكلما زادت نسبة المكون المحلى زادت بالتبعية الاستفادة من الحوافز الإضافية المقدمة من الدولة، لافتًا إلى أن أهم ما يميز بنود البرنامج الوطنى لتنمية صناعة السيارات أن الدولة لم تلزم المُصنعين بضرورة الوصول إلى نسب أو أرقام محددة في نسبة المكون المحلي، كما لا تلزمهم بالوصول إلى إنتاج كمى محدد نسبته، ولكنها تمنح المُصنعين والمستثمرين حوافز إضافية تشجعهم على إنتاج كمى أكبر. ◄ اقرأ أيضًا | ◄ توفيق: حوافز تشجيعية ◄ الصناعات المغذية أما المهندس على توفيق، رئيس رابطة الصناعات المغذية، فأكد أن لدينا ما يقرب من 13 إلى 14 شركة سيارات ترغب فى الإقدام على خطوة التصنيع المحلي، مشيرًا إلى أنه يمكن بسهولة أن يصل حجم الإنتاج الكلى من السيارات محلية الصنع إلى 100 ألف سيارة في العام، وذلك حال قيام كل شركة على حدة بتصنيع 10 آلاف سيارة محلية من الطرازات التي تندرج تحت علاماتها التجارية، موضحًا أن السوق المصرية كبيرة تستوعب أكثر من 100 ألف سيارة مجمعة محليًا في العام، ولكن لابد من مراعاة الحالة الاقتصادية للمستهلك وأن تتناسب تلك السيارات المطروحة سعريًا واقتصاديًا مع متطلباته ورغباته. وأضاف توفيق، أنه لابد من الاهتمام بالصناعات المغذية للسيارات لتوافر مكونات ومستلزمات الإنتاج المستخدمة فى تصنيع السيارات محليًا، جنبًا إلى جنب توافر التسعير الجيد، واختيار موديل مناسب للمستهلك، بالإضافة إلى تقديم الدعاية اللازمة للتعريف بالمنتج المحلى، وضرورة أن يتوجه هذا المنتج المحلى إلى التصدير، وأن يكون الهدف من التصنيع المحلى هو التصدير للخارج. وأشاد توفيق، بدور الدولة في الاهتمام بملف توطين صناعة السيارات والاستثمار فى تلك الصناعة الكبرى، بالإضافة إلى تقديمها تسهيلات عدة لدعم وتعميق التصنيع المحلى، ما يحد من فاتورة الاستيراد المكلفة، كما يسهم ذلك في تشغيل مصانع السيارات وشركات الصناعات المغذية، وتشغيل الأيدى العاملة، مؤكدًا أن هذا التوقيت الراهن هو "آوان التصنيع"، لافتًا إلى الدور الذى يلعبه البرنامج الوطنى لتنمية صناعة السيارات وما يحويه من حوافز لتشجيع الشركات القادرة على الإنتاج والتسويق والتصدير والاستثمار، من أجل الاستفادة من تلك الحوافز والمزايا العديدة التى تقدمها الحكومة لهؤلاء المُصنعين. وطالب توفيق، الحكومة بمنح الصناعات المغذية مزايا وحوافز تشجيعية خصيصًا لها، وعدم الاعتماد فقط على الحوافز والمزايا المقدمة لشركات السيارات التى تعد أكثر من الحوافز المقدمة لشركات الصناعات المغذية، والتى ينبغي أن تحصل على دعم أكبر ضمن حوافز البرنامج الوطنى لتنمية صناعة السيارات. ◄ فرج: فرص عمل جديدة ◄ التصنيع المحلي من جانبه، أشاد محمد فرج، رئيس مجلس إدارة شركة "كايى موتورز إيجيبت"، بتوجه الدولة نحو توطين صناعة السيارات فى مصر، والدور بالغ الأهمية الذى تلعبه فى دعم وتعزيز التصنيع المحلى بهدف التصدير، للحد من الفاتورة الاستيرادية الباهظة، مؤكدًا أن الحكومة تقدم كامل دعمها لصناعة السيارات، كما تسعى لذليل كافة المعوقات والعقبات أمام المُصنعين، لتعود تلك الصناعة الكبرى إلى سابق عهدها وتستعيد ريادتها من جديد، حيث تعد صناعة السيارات إحدى الركائز الأساسية للاقتصاد الوطنى. وأضاف فرج، أن شركة "كايى موتور إيجيبت، لديها استراتيجية لتجميع سيارات "كايي" الصينية محليًا عقب إطلاقها مؤخرًا فى السوق المصرية، وذلك تماشيًا مع توجه الدولة نحو توطين صناعة السيارات وتعزيز التصنيع المحلي. كما أوضح فرج، أن المرحلة الراهنة تعد الأنسب للتوجه نحو التصنيع المحلى، وزيادة نسبة المكون المحلى فى السيارات المُصنعة محليًا، وخلق مزيد من فرص العمل لتشغيل الأيدى العاملة بمصانع وشركات الإنتاج المحلى، ومن ثم الحد من البطالة، والتصدير للخارج، الأمر الذى يعود بالنفع على الاقتصاد الوطنى بوجه عام وصناعة السيارات بوجه خاص. ◄ علام: انضمام لاعبين جدد للسوق ◄ شراكات عالمية فيما أكد محمود علام، خبير السيارات، أن الاستفادة التى تعود على الصناعة جراء توجه الدولة نحو تعميق التصنيع المحلى وزيادة نسبة المكون المحلى فى السيارات المجمعة محليًا، هى: تقليل تكلفة الفاتورة الاستيرادية المكلفة للغاية، والحد من الضغط على الدولار، بالإضافة إلى تشغيل المصانع المحلية، وخلق مزيد من فرص العمل، وتنشيط وتشغيل شركات ومصانع الصناعات المغذية، فضلًا عن جذب الاستثمارات الأجنبية فى قطاع السيارات. وأضاف علام، أن الوصول إلى نسب أعلى من نسبة المكون المحلى الموجودة حاليًا وهى 45%، ليس سهلًا نظرًا لعدم توافر مصانع الصناعات المغذية للسيارات بالقوة التى ترضى طموح الدولة، لذا لابد من الاهتمام بالصناعات المغذية للسيارات من خلال التعاون وعقد الشراكات مع الشركات العالمية الكبرى المتخصصة فى مجال الصناعات المغذية، فضلًا عن تقديم حوافز تشجيعية لجذبهم إلى الاستثمار فى مصر وإنشاء مصانع للصناعات المغذية بها. وبشأن توجه الحكومة ضمن البرنامج الوطنى لتنمية صناعة السيارات نحو الوصول إلى إنتاج كمى سنوى من الطرازات المُصنعة محليًا بمصانع وشركات السيارات، أوضح علام، أن هذا الأمر ليس هينًا، لأن السوق لن يستوعب هذا الكم من الطرازات المنتجة محليًا، جنبًا إلى جنب نظيرتها المستوردة الموجودة فى السوق، ولكن من الممكن حدوث ذلك عن طريق قيام الدولة بتقديم مبادرات لتشجيع المستهلكين على شراء السيارات، وذلك على غرار مبادرة إحلال السيارات "الملاكى" المتقادمة، فضلًا عن تقديم حوافز للمستثمرين لإنتاج سيارات محلية الصنع، وتيسير عملية شراء السيارات من خلال توفير أنظمة تقسيط ميسرة على العملاء عبر الإقراض من البنوك، وتخفيض قيمة الفائدة البنكية لزيادة حجم المبيعات، والحد من استيراد السيارات كاملة الصنع لتشجيع الإنتاج المحلى. وأشار علام، إلى أنه لابد من أن يصل حجم الإنتاج الكمى السنوى إلى 500 ألف سيارة محلية الصنع، لذا يجب أن تضع الدولة بعض العراقيل والمعوقات أمام الاستيراد، من أجل دعم وتحفيز التصنيع المحلى، وإتاحة الفرصة أمامه لأن يأخذ وضعه ومكانته الفعلية في السوق المصرية، موضحًا أن هناك شركات طرحت بالفعل سياراتها محلية الصنع فى السوق، حيث نشهد فى الوقت الراهن كثير من الطرازات المحلية المتنوعة فى أسعارها ومواصفاتها وإمكاناتها، وتعد بداية لانطلاقة أكبر حيث سينضم لاعبون جدد إلى التصنيع المحلى، لنشهد خلال الفترة المقبلة انضمام شركات جديدة إلى قائمة الشركات التى توجهت فعليًا للتصنيع المحلى، ومن ثم تتعدد الفرص المتاحة لدى العملاء للاختيار من بين الطرازات المحلية المتنوعة المطروحة فى السوق.