اليابان اشترت دماغها، تركت العالم يتصارع فى حروب الكل فيها مهزوم. لا وقت يضيعونه فى خناقات كرة القدم ولا تلاسن عبر السوشيال ميديا يعجبنى كوكب اليابان هذه الأيام وأتمنى أن أحذو حذوه، فهو لا يلقى بالاً لما يدور حوله من أحداث فى العالم كله ونادراً ما تقرأ اسم اليابان فى الصفحات التى تخصصها الصحف والمجلات لتغطية الأحداث الدولية. لن تجد كلمة اليابان سوى فى صفحات العلم والعلوم والاختراعات التى ترسخ فكرة العالم عن هذا الكوكب العجيب الذى يقدم للبشرية كل يوم شيئاً جديدًا يترفع عن الصغائر ولا يدخل فى مهاترات تنقص منه ولا تزيده، يضع أهدافاً واضحة أمام عينيه ويسعى إليها بكل جدية دون الاكتراث بأى محاولات تحاول جره للوراء. أغلق كوكب اليابان صفحات الصراعات الإقليمية بعد أن انتصرت فى جميع الحروب التى خاضتها تقريبا، هزمت الصين 1895 وقهرت الروس 1945 وسحقت أمريكا فى الحرب العالمية الثانية ، ولا تحاول الصين اختبار اليابان وممارسة هواية التحرش التى تمارسها مع آخرين. ويتحاشى بوتين أن يأتى بذكر اليابان على لسانه إلا بكل خير. ولا تجد جعجاع مثل ترامب يجرؤ على أن يدوس لليابان على طرف، حتى قراره بالرسوم الجمركية التى أراد بها ترهيب العالم كله وإدخاله فى بيت الطاعة الأبيض ألقت بها اليابان فى سلة المهملات، وسخرت منها غالبية الشركات وقالت إنها قرارات « فستك» لا تؤثر على اقتصاد قوى مثل اقتصاديات كوكبنا وأنها لا تنوى - إمعانا فى الاستهزاء بترامب وقراراته - إيقاف خططها الاستثمارية بل وتفكر حكومة كوكب اليابان منح كل يابانى مبلغا يتراوح بين 30 ألف و40 ألف ين لدعم القوة الشرائية فى ظل ارتفاع تكاليف المعيشة. وأزيدك من الشعر بيتا فقد سجلت اليابان أرقامًا قياسية فى الاندماجات والاستحواذات بلغت 232 مليار دولار فى الستة أشهر الماضية من العام بسبب ما تم انجازه فى الاصلاحات الهيكلية للشركات وزيادة الاستثمارات الخارجية والخاصة. اليابان اشترت دماغها من زمان، تركت العالم يتصارع حولها فى حروب طاحنة الكل فيها مهزوم. ليس لديهم وقت يضيعونه فى خناقات حول كرة القدم ولا تلاسن عبر السوشيال ميديا وركز اليابانيون كل طاقتهم فى مجالات مفيدة لهم أولا وللبشرية ثانيا، فبعد خمسين تجربة ناجحة أطلقت اليابان الأقمار الصناعية الأحدث على مستوى العالم على متن صاروخ هو أيضًا الأحدث عالميًا، ليس للاستعراض ولا للتباهى ولكن لرصد غازات ثانى أكسيد الكربون والميثان، حتى يمكنهم السيطرة على ما يحدث فى التغير المناخى خاصة أنها محاطة بالصين وروسيا وكوريا الشمالية، بالإضافة للتوترات بالشرق الأوسط. رفع اليابانيون شعار «لا تلتفت حولك ولا تدع شيئا يشغلك عن هدفك» مع فتح الباب لمن يريد أن يتعاون معها لذا يعززون التعاون مع الولاياتالمتحدة وحلفاء آخرين، لزيادة تدريبات الردع واستخدام الدفاع المشترك وتشارك أيضًا فى تطوير طائرة مقاتلة من الجيل السادس مع بريطانيا وإيطاليا، كما رصدت 65 مليار دولار لدعم أبحاث شرائح الكمبيوتر والذكاء الاصطناعي. السؤال هل كوكب اليابان ليس لديه مشاكل أبدًا؟! بالطبع لا، فلا يوجد فى الدنيا كائن بلا مشاكل سواء كان الفقير لله كاتب هذه السطور أو كان كوكب اليابان العظيم، فتعالى نتعرف معًا على مما يعانى هؤلاء البشر، أولا يا سيدى القارئ تجرى مناقشات داخل البرلمان اليابانى حول السماح للأميرة بالاحتفاظ بلقبها بعد الزواج لضمان استمرارية الأسرة الإمبراطورية، وسط مؤيدين بنسبة تقارب 70% من الجمهور. ويا للهول يعانى كوكب اليابان من تراجع أعداد المواليد كذلك، معدل الولادات فى اليابان وصل إلى أدنى مستوى (1.15 طفل لكل امرأة عام 2024)، مما قد يهدد بفناء الجنس اليابانى يوما ما ، لذا يقترح خبراء الكوكب تخفيض ساعات العمل وتحسين التوازن بين الحياة والعمل والمعضلة الآن فى كيفية إقناع العمال اليابانيين بفكرة تقليل ساعات العمل حيث كلما تم طرح الفكرة تخرج المظاهرات الغاضبة الرافضة. إننى أتخيل الإنسان اليابانى مثل الروبوت، ينام بعد العشاء ويستيقظ فجرًا، يعمل بكل جد وإخلاص ويتناول ثلاث وجبات صحية، لا يتألم ولا يسقم أبدًا، لا يحزن ولا يتألم ،لا يسعد ولا يفرح، لا يطعن ولا يُطعن، لا يخوض فى سيرة أحد ولا يأكل أحدهم لحمه ميْتًا ، يعيش فى هدوء ويرحل فى هدوء وهذا هو المطلوب. لذا أحب هذا الكوكب !.