شكوك كثيرة داخل أمريكا أثيرت حول جدوى الضربة الأمريكية لثلاثة مواقع نووية إيرانية فى الوقت الذى احتفلت فيه إيران شعبيًا بتحقيق الانتصار فى الحرب مع إسرائيل وأمريكا ظهر فيه رئيس الحرس الإيرانى الذى ادعى الإسرائيليون قتله، دعت إسرائيل إلى احتفال جماهيرى بالنصر الذى تحقق على إيران والتخلص من برنامجها النووى وخطر صواريخها الباليستية.. أما أمريكا ورغم سعى بعض النواب الديمقراطيين للدعوة لعزل ترامب لضربه منشآت إيران النووية فقد خرج الرئيس الأمريكى ليتباهى بدقة وروعة الضربة الأمريكية التى قام بها الطيارون الأمريكيون فى غياب القمر!.. وهكذا الجميع.. إسرائيل وإيران وقبلهما أمريكا قال، إنه انتصر فى تلك الحرب التى لم تكمل الأسبوعين وتوقفت بعد قبولهم وقف إطلاق النار الذى تم بضغوط أمريكية على نتانياهو ورغبة إيرانية تقوم على حسابات المصالح للنظام الحاكم فى إيران.. وكأننا كنّا إزاء حرب كل أطرافها خرجوا منها رابحين وفائزين ومنتصرين.. أى بلا خاسرين.. وهذا أمر مثير لأن الحروب ليست مثل مباريات الكرة يمكن أن يخرج فيها اللاعبون متعادلين سلبًا أو إيجابًا، أو بأهداف أو بدونها!. والأكثر إثارة أن ذلك حدث رغم الدمار الذى لحق بمنشآت إيران العسكرية والنووية واغتيال عدد من قادتها العسكريين وعلمائها النوويين بعد استباحة الطائرات الحربية الإسرائيلية سماء إيران لإثنى عشر يومًا وحتى بعد بدء سريان وقف إطلاق النار الذى كان ترامب أول من أعلن عنه، وعادت هذه الطائرات بلا ضرب إيران بأوامر صارمة من الرئيس الأمريكى لرئيس الحكومة الإسرائيلية. كذلك حدث هذا رغم الدمار الذى شهدته إسرائيل فى منشآتها ومبانيها بكل أنحائها لأول مرة منذ إنشائها، وبقاء سكانها فى الملاجئ ساعات طويلة وفقدان ألاف منهم مساكنهم بعد تدميرها بواسطة الصواريخ الإيرانية التى أخفقت القبة الحديدية الإسرائيلية وبقية أنظمة الدفاع الجوى التى زودتها بها أمريكا فى التصدى لها. كما أن ذلك حدث وشكوك كثيرة داخل أمريكا أثيرت حول جدوى الضربة الأمريكية لثلاثة مواقع نووية إيرانية، أهمها ما يتعلق باليورانيوم الإيرانى المخصب والذى تفيد تقارير عديدة بأن إيران قامت بنقله قبل الضربة الأمريكية، بل ونقلت معه أيضًا بعض أجهزة الطرد المركزى إلى أماكن سرية!. ولكن ربما كان لدى إيران وإسرائيل وأمريكا أيضًا أسبابهم للاحتفاء بالنصر الذى حققوه فى تلك الحرب التى هددت المنطقة كلها بأخطار جمة كبيرة.. فإيران أنقذت ما لديها من يورانيوم مخصب، وهى التى كانت تتمسك بالاحتفاظ به فى مفاوضاتها مع أمريكا قبل اندلاع الحرب، بل تتمسك بحقها فى التخصيب وترفض التنازل عنه لأحد ولو من أصدقائها مثل روسيا التى اقترحت ذلك لإنقاذ المفاوضات من التعثر والفشل.. والأهم أن إيران أنقذت نظامها السياسى من خطر كان يتهدده، وهو السقوط الذى قال نتانياهو إنه أحد أهداف إسرائيل، أو على الأقل أنقذت حياة المرشد خامنئى الذى ألمح ترامب بأحد تصريحاته المتضاربة أنها فى خطر. بينما إسرائيل أنقذت نفسها من حرب استنزاف لو طالت لنالت منها وجوديًا، وهذا ما يؤكده تزايد الهجرة من إسرائيل للشرائح الاجتماعية القادرة والغنية، لعدم احتمال الحياة فى الملاجئ ساعات طويلة من الليل والنهار، والخوف من فقدان الحياة بعد أن انتشرت الصواريخ الإيرانية فى كل أنحاء إسرائيل.. مما أنقذ نتانياهو نفسه وحكمه من سقوط مروع ربما لحق به محاكمات قد تفضى به إلى السجن، لأن استمرار الحرب كان يعنى فى ظل امتلاك إيران ترسانة من الصواريخ الباليستية، مزيدًا من الدمار داخل إسرائيل وهى التى تشهد ذلك للمرة الأولى منذ إنشائها!. أما أمريكا ورغم الشكوك فى ضربتها للمنشآت النووية الإيرانية فإنها خرجت من مولد الحرب وفى يدها إشهار بأنها وجهت ضربة لإيران، أى فعلت ما لم تفعله من قبل، أو ما يقول ترامب عجز الرؤساء الذين سبقوه أن يفعلوه.. كما أنه يمكنه التباهى أيضًا أنه أوقف حربًا بعد أن تعثر فى وقف حرب أوكرانياوروسيا، ووقف الحرب على أهالى قطاع غزة، وهو ما يبقى حظوظه قائمة فى الحصول على جائزة نوبل للسلام، خاصة وأنه يدعى أنه سبق أن أوقف حربًا بين الهند وباكستان. وهكذا.. الحقيقة أن الجميع وجد أن المصلحة تقتضى وقف القتال الآن والاحتفال بالنصر!.