دبلوماسية الأرجوحة التى يمارسها الرئيس ترامب ترسخ لأسلوب سياسى جديد يعتمد الضبابية عبر «شطرة مثبتة وشطرة نافية»، وخداع استراتيجى «عينى عينك» بلا مواربة. دأب ترامب منذ ولايته الثانية على ترقيص العالم بين دعاوى السلام التى يرددها، والتهديد بالقوة التى يمتلكها، والدعوة لمفاوضات شكلية ومضللة، وفى الوقت نفسه العدوان المفاجئ وفق خطط مسبقة الإعداد. كل الاحتمالات مفتوحة فى كل المواقف وجميع الاتجاهات.. وعلى الصعيد الإيرانى.. قال ترامب قد أضرب وقد لا أضرب.. وفى الغالب قد أضرب لكن ليس فى الوقت الحاضر.. أمامنا مهلة أسبوعين للاتفاق بشأن البرنامج النووى. بعد ساعات يفاجئنا بضربة لأكبر ثلاث منشآت نووية فى إيران، فودرو ونطنز وأصفهان، فى عملية وصفها بالناجحة جداً، ودمرت البرنامج النووى الإيرانى بالكامل، وفى الوقت نفسه يحذر إيران بعدم الرد والذهاب للمفاوضات والاستسلام غير المشروط. عن أى مفاوضات يتحدث وقد شارك فعلياً فى حرب غير متكافئة ضد إيران، وكيف يصدقه العالم بعد ذلك، ولماذا يريد مفاوضات إذن وقد تباهى بأن الضربة العسكرية الأمريكيةلإيران قد أجهزت على البرنامج النووى. منطقة الشرق الأوسط تمر بمرحلة هى الأصعب فى تاريخها، مع وجود قوة غاشمة تستهدف إعادة تشكيلها ورسم خارطتها، لدعم قوة الكيان الصهيونى، وتوسعة نطاقه الجغرافى بما يخدم مصالح أمريكا والغرب. غطرسة القوة لم ولن تصنع سلاماً، ومهما كانت جاذبية دعاوى السلام التى يطلقها ترامب ونتنياهو فمعين الثقة نفد، وستتعامل معها دول المنطقة على طريقة: كيف أعاودك وهذا أثر قاذفاتك. مؤشرات التصعيد تتجاوز تطلعات الاستقرار، والموقف مرشح لزيادة الاشتعال، وكل الطرق تقود لحقيقة أن العالم لن تستقيم أموره فى ظل قطبية أحادية تمارس القوة وفق شريعة الغاب.