مازلنا أمام مواجهات عسكرية غير مسبوقة بدأت منذ حوالى عشرة أيام بين إسرائيل وإيران دون أن يملك أى منهما شكل النهاية فالهجمات سجال بينهما، قدرات جوية وصاروخية إسرائيلية تفوقت فى الأيام الأولى ناهيك عن عمليات اغتيال واسعة لقيادات من الصف الأول فى الجيش والحرس الثورى وحتى بعض العلماء فى المجال النووى واستطاعت إيران الرد بشكل مؤثر على الداخل الإسرائيلى وإن كانت الرقابة العسكرية المفروضة بصرامة شديدة على الإعلام مازالت تخفى حجم الخسائر والاستهدافات رغم أن بعضها نال من مراكز قيادة ومنشآت عسكرية فى مناطق مختلفة فى إسرائيل وبالتوازى مع ذلك دخل على الخط جهود سياسية لوقف التصعيد وساطات غير معلنة من سلطنة عمان وقطر ودور أوروبى متأخر يسعى إلى إنهاء تهميش القارة فى قضايا دولية وإقليمية عندما نجحت دول الترويكا الأوروبية فرنسا وبريطانيا وألمانيا فى عقد لقاء مهم بين وزراء الخارجية الثلاثة ونظيرهم الإيرانى فى جنيف أول أمس الجمعة خاصة أنهم كانوا شركاء فى اتفاق خمسة زائد واحد الشهير عام 2015 لا نستطيع الحكم على نتائجه خاصة أن المقاربة المطروحة تكشف عن شروط أمريكية تعجيزية مع دعم ومساندة لقدرات إسرائيل العسكرية من قبيل عدم السماح بالتخصيب أضيف إليها مطلب مناقشة القدرات الصاروخية الإيرانية مقابل مطالب من طهران وهى وقف التصعيد للقبول بالذهاب إلى طاولة المفاوضات مع رفض مبدئى للتعامل معها على أنها مهزومة وعليها القبول بكل شروط المنتصر خاصة أنها غيرت المعادلة بهجماتها الصاروخية على إسرائيل ويدخل الرئيس ترامب كطرف رئيسى فيما يجرى على بعد آلاف الكيلومترات عن البيت الأبيض ليخلق حالة من الإرباك بتصريحاته التى لا تعبر عن موقف واضح وإن كان قد طرح مهلة عشرة أيام قد تنتهى نهاية الأسبوع أو القادم لاتخاذ قراره بالمشاركة سواء بالهجوم أو المفاوضات. وهذا الملف محاولة لتفسير بعض ظواهر أيام الحرب الأولى. اقرأ أيضًا | ترامب: هناك بعض التقدم في مسار حل النزاع في أوكرانيا يواجه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب عاصفة من الرفض الداخلى من مؤيديه قبل معارضيه بعد طرحه لاحتمال مشاركة القوات الأمريكية فى الصراع الذى اندلع قبل 10 أيام بين إيران وإسرائيل. وفى حال قيام القوات الأمريكية بتوجيه ضربة عسكرية لإيران، يكون الرئيس ترامب قد كسر أول وعوده الانتخابية بإنهاء الحروب حول العالم، وعدم الزج بالقوات الأمريكية فى أية صراعات خارجية، حيث أكد خلال حملته الانتخابية أن الاهتمام بالشأن الداخلى يأتى على رأس أولويات إدارته، وأنه سيتم الاكتفاء بالدعم العسكرى دون الزج بالقوات الأمريكية فى أية صراعات. وكشف احتمال توجيه ضربة عسكرية أمريكية ضد إيران عن انقسامات بين صفوف المؤيدين الذين أوصلوا الرئيس دونالد ترامب إلى السلطة، ويحثه بعضهم على عدم الزج بالبلاد فى حرب جديدة فى الشرق الأوسط. ووجد بعض أبرز حلفاء ترامب من الجمهوريين أنفسَهم فى موقف غير معتاد، بالاختلاف مع رئيس يشاركهم إلى حد كبير سياسة وطنية تدعو لتجنب الدخول فى صراعات مع دول أخرى. ويراقب المعارضون للتدخل العسكرى من الحزب الجمهورى بقلق تحول ترامب سريعاً من السعى إلى تسوية دبلوماسية سلمية مع إيران إلى احتمال دعم الولاياتالمتحدة للحملة العسكرية الإسرائيلية، بما فى ذلك استخدام قنبلة خارقة للتحصينات تزن 30 ألف رطل. وتُظهر هذه الانتقادات المعارَضةَ التى قد يواجهها ترامب من جناح (MACA) أو «لنجعل أمريكا عظيمة مجدداً» اليمينى فى حال تورطه فى القتال، وهى خطوة حذَّرت إيران من أنها ستكون لها عواقب وخيمة على الأمريكيين دون أن تحدِّد ماهية هذه العواقب. ولذا فإن إثارة غضب هذه القاعدة قد يؤدى إلى تآكل شعبية ترامب، كما سيؤثر على فرص الجمهوريين فى الاحتفاظ بالسيطرة على الكونجرس فى انتخابات التجديد النصفى لعام 2026. أما إذا قرَّر ترامب الدخول فى الصراع العسكرى فسيمثل ذلك انحرافاً حاداً عن توجهه المعتاد بشأن التورط فى النزاعات الخارجية. ويمكن أن يؤثر ذلك فى حملته لتعزيز العلاقات الجيدة مع الخليج، ويصرف انتباهه عن جهوده للتفاوض على إنهاء الحرب فى أوكرانيا، وعقد اتفاقات تجارية مع دول العالم. وبالرغم من أن الناخبين المحافظين عادة ما يفضلون دعم إسرائيل. إلا ان استطلاعات الرأى أظهرت أن 53٪ من ناخبى ترامب يعارضون تدخلًا عسكريًا أمريكيًا فى الصراع، مقابل 19٪ يؤيدون، بينما 63٪ يفضلون خيار التفاوض. كما أظهر استطلاع آخر للرأى أن 65٪ من أنصار (MAGA ) يدعمون ببراعة ضربات جوية لإضعاف البنية التحتية الإيرانية، لكنهم يرفضون إرسال قوات برية. وفى أوساط الديمقراطيين، وافق 25 % ممَّن شملهم الاستطلاع على ذلك، بينما عارضه 52 %. وكشف موقع أكسيوس، نقلًا عن مصادر مطلعة داخل الإدارة الأمريكية، أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب يسعى للتأكد من أن أى ضربة عسكرية محتملة تستهدف منشأة فوردو النووية الإيرانية، ستكون ضرورية بالفعل، ولن تؤدى إلى جرّ الولاياتالمتحدة إلى حرب طويلة الأمد فى الشرق الأوسط. وأوضح المسئولون الذين تحدثوا ل»أكسيوس» أن ترامب يدرس تداعيات هذا الخيار العسكرى بعناية شديدة، فى ضوء التوترات المتصاعدة بين واشنطنوطهران، خصوصا ما يتعلق بالأنشطة النووية الإيرانية المتقدمة. وأفاد الموقع أن مساعدى ترامب أخبروه بمقدرة أمريكا على اختراق منشأة فوردو فى حال قصفها. وأشار التقرير إلى أن ترامب لا يرفض الخيار العسكرى بشكل قاطع، لكنه يضع أولوية كبرى لتجنب الانزلاق فى نزاع مفتوح قد يستنزف الموارد الأمريكية ويعيد البلاد إلى أجواء الحروب الطويلة فى المنطقة. ويعتقد بعض المحللين أن إيران عازمة على تطوير سلاح نووي، على الرغم من نفى طهران، وتعتقد إسرائيل أنها ستكون فى خطر نتيجة لذلك. ويعتقد المسئولون الأمريكيون أنه إذا امتلكت إيران سلاحاً نووياً فإن ذلك سيؤدى إلى سباق تسلح نووى فى الشرق الأوسط. وقال ترامب للصحفيين فى البيت الأبيض: «أريد شيئاً واحداً فقط، وهو ألا تمتلك إيران سلاحاً نووياً». وأضاف أن بعض مؤيديه غير سعداء قليلاً الآن لكن آخرين يتفقون معه فى أن إيران لا يمكن أن تصبح قوةً نووية. وأضاف: «أنه بالنسبة لأولئك الأشخاص الذين يقولون إنهم يريدون السلام فلا يمكنك الحصول على سلام إذا امتلكت إيران سلاحا نوويا، وهذا ليس سلاما». وحذر بعض مؤيدى ترامب من الدخول فى حرب جدية وقال بعضهم إن ما أحدثته الحروب السابقة فى الشرق الأوسط من كوارث على الجنود الأمريكيين العائدين كان قاسيا. مؤكدين أننا لا نريد أن نشارك أو يطلب منا دفع ثمن لا يتحتم علينا دفعه. وحذر البعض من أننا اخترنا ترامب بعد وعود بصفقات تجارية عظيمة واقتصاد أعظم لمواجهة دين قيمته أكثر من 36 تريليون دولار وليس الانخراط فى حروب لا طائل من ورائها. وحذر ستيف بانون مستشار ترامب السابق من محاولة تدمير البرنامج النووى الإيرانى فى غياب اتفاق دبلوماسي. مضيفا «لا يمكننا أن نفعل ذلك مرة أخرى.. سنمزق البلاد. يجب ألا نكرر تجربة العراق». كما عارض عدد من النواب الجمهوريين البارزين المؤيدين لترامب توجيه ضربة عسكرية لإيران ومن بينهم النائب توماس ماسى من كنتاكى والنائب مات جايتز من فلوريدا، والنائبة الجمهورية مارجورى تايلور جرين من ولاية جورجيا، وكبير مستشارى البنتاجون السابق دان كالدويل. إلا أن هناك على الجانب الآخر عددا من الحلفاء يؤيدون ضرب إيران بينهم حليف ترامب السيناتور الجمهورى لينزى جراهام من ولاية ساوث كارولاينا، والذى قال إنه يأمل فى أن يساعد ترامب إسرائيل على «إنجاز المهمة»؛ لأن إيران تمثل تهديداً وجودياً للأصدقاء فى إسرائيل. وحاول جى دى فانس نائب الرئيس، التخفيف من حدة الجدل بمنشور على وسائل التواصل الاجتماعى يدافع فيه عن ترامب. وكتب: «الناس محقون فى قلقهم من التورط الخارجى بعد سياسة خارجية حمقاء لمدة 25 عاماً. لكننى أعتقد أن الرئيس لديه بعض الثقة فى هذه المسألة».