فى السنوات الأخيرة أصبحت لا أهتم بمتابعة الاعمال الدرامية الطويلة، هربا من المط والتطويل فى الاحداث لملء مساحات زمنية دون دواعٍ درامية، وأثناء بحثى عن أعمال درامية لم اشاهدها على المنصات الرقمية، التى أصبحت أفضلها بعيدا عن الفواصل الإعلانية الطويلة، لفت انتباهى عمل درامى جذبنى لمتابعته رغم طول الحلقات بعنوان «آسر» بطولة: باسل خياط، باميلا الكيك، سامر المصرى، خالد القيش وآخرون. تدور احداثه حول شخصية «مجد» الذى يتعرض إلى خيانة أقرب أصدقائه والمرأة التى أحبها، ليتم تلفيق تهمة قتل له لحارس أحد محلات بيع المجوهرات بعد سرقة المحل وقتل الحارس ليجد نفسه خلف القضبان، لكنه لا ينهزم ورغم اصابته فى الحريق الذى تعرض له السجن الذى يقضى فيه عقوبته، وأدى إلى تشويه ملامح وجهه تماما ويهرب من السجن، ليتم الاعلان عن وفاته فى الحريق ولكنه يعود «مجد» بملامح جديدة وهوية مختلفة باسم «آسر» ولديه هدف واحد: الانتقام، وذلك فى إطار من الدراما والتشويق. ورغم أن العمل مقتبس من التركى «إيزل»، الذى عُرض 2009، وكتب النسخة العربية رغدا الشمرانى، إلا أن العمل حافظ على جوهر الانتقام والزيف والهوية المزدوجة، مع مواءمة واضحة للسياق العربى «دمشق - بيروت»، وحاولت النسخة العربية التكيف مع القيم والبيئة المحلية قدر الإمكان. ويستخدم السيناريو الأسلوب السردى ويتبنّى التنقل بين الماضى والحاضر، وجاءت حبكة الانتقام متماسكة، مع تصاعد نفسى جيد وتحولات مرضية لشخصية البطل، واستخدام أكثر من خلفية جغرافية «سوريا - لبنان» أضفى تنوعًا على المشهد، ولكن الخط الدرامى جاء شبه مطابق للأصل التركى، ما قد أفقده عنصر المفاجأة للمطّلعين على «إيزل». قدم باسل خياط أصعب أدوار مسيرته، خاصة مع التغييرات النفسية والعاطفية التى واجهها، فكان أداؤه يعتبر نقطة ارتكاز فى العمل، مثّل انتقالًا منطقيًّا من الطموح البرىء إلى الانتقام المدروس، اما الفنان الكبير عباس النورى فقد أضفى عمقاً فلسفياً على شخصية الخال «رستم»، وكان واضحاً حرصه على بناء الشخصية وفق خصوصية عربية، بعيداً عن النسخ الحرفي، وقدم كل من باميلا الكيك، سامر المصري، خالد القيش وغيرهم اداء ناضجا ومعرفة تامة بتفصيل الادوار التى يلعبها، اما الإخراج لفيليب أسمر، فجاء ممتاز على صعيد التوازن بين مشاهد الأكشن والدراما النفسية. الحوارات تجمع بين لغة أدبية وأخرى شعبية، وهو ما خلق توازناً بين المشاهد الراقى والمشاهد اليومية ومن جماليات المسلسل الاخرى الديكور المتقن، والتصوير الاحترافى، وموسيقى الخلفية التى تعزز التوتر دون مبالغة كما ان استخدام الأضواء والظلال أعطى إحساساً بالغموض.