رغم السنوات الطويلة التي شهد فيها المسرح المصري تراجعًا واضحًا في الحضور الجماهيري والانخراط الفني، يبدو أن الأضواء بدأت تعود تدريجيًا إلى الخشبة، مع محاولات متتالية لإعادة الحياة إلى فن «أبو الفنون» وإعادته إلى دائرة الاهتمام الثقافي والترفيهي. فمن خلال عروض متنوعة قُدمت مؤخرًا على مسارح الدولة والخاصة، وعودة عدد من النجوم الكبار إلى الوقوف على الخشبة، بات واضحًا أن هناك حراكًا فنيًا يستحق التوقف عنده، في ظل دعم مؤسسات الدولة من جهة، وتجارب شبابية واعدة من جهة أخرى. الدولة تدعم والمواسم تستعيد وهجها وزارة الثقافة من جانبها أعادت إطلاق مواسم مسرحية تحمل طابعًا جماهيريًا، أبرزها "موسم المسرح للجمهور" و"عودة الليالي المسرحية"، مع انفتاح على العروض المجانية أو منخفضة التكلفة، بهدف استقطاب شرائح أكبر من الجمهور، خاصة في المحافظات. نجوم الصف الأول على الخشبة عودة بعض الأسماء الكبيرة مثل يحيى الفخراني في "ياما في الجراب يا حاوي"، وأشرف عبد الباقي بمشروع «مسرح مصر»، ساعدت في إعادة ربط الجمهور بالمسرح، كما قدمت دفعة كبيرة للجيل الجديد لمواصلة العمل في هذا الفن دون يأس. جيل جديد يُراهن على الخشبة برزت تجارب شبابية على مسارح الدولة والمستقلة، حملت رؤى إخراجية جريئة، مثل عروض "تسجيل دخول"، و"أنا مش مسئول"، و"حفلة تنكرية"، والتي ناقشت قضايا معاصرة ترتبط بالهوية، والقلق الوجودي، والضغوط النفسية، في لغة مسرحية جديدة تمزج بين التقليدي والتفاعلي والرقمي أحيانًا. المسرح المستقل.. روح جديدة ومخاطرة محسوبة واصل المسرح المستقل تقديم تجاربه الجريئة التي تعتمد على نصوص غير تقليدية ورؤى إخراجية حديثة، رغم ضعف التمويل، ما ساهم في جذب شريحة من الشباب المهتمين بالمضمون الفني الجاد بعيدًا عن البريق التجاري. التحديات مستمرة.. لكن الأمل قائم ورغم هذه المحاولات، لا تزال التحديات قائمة، من حيث ضعف التسويق، وقلة المسارح المؤهلة، ونقص الميزانيات، فضلًا عن هيمنة "المحتوى السريع" على ذوق الجمهور، إلا أن التوجهات الحديثة تبعث برسالة مفادها أن المسرح لا يزال حيًا، وقادرًا على العودة من جديد بروح أكثر تنوعًا وشمولًا. الطريق إلى استعادة المسرح لبريقه الجماهيري ما زال طويلًا، لكنه لم يعد مستحيلًا فمع الإصرار والتطوير، ودمج الأجيال المختلفة من الفنانين، يمكن للمسرح أن يستعيد مكانته كأحد أهم أعمدة القوة الناعمة المصرية.