على مدار عقود، ظل حلم تصنيع خام الحديد محليًا يراود المصريين، حتى بزغ فجر التغيير عقب ثورة 30 يونيو 2013 وتولي الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم في عام 2014. ومنذ ذلك الحين، شهدت مصر تحولات اقتصادية وصناعية غير مسبوقة، توجت مؤخرًا بتكليف الفريق المهندس كامل الوزير بمنصب نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة في يوليو 2024. وجاءت التوجيهات الرئاسية بإحداث "ثورة صناعية" حقيقية، تقلصت معها فاتورة الاستيراد وتعززت الصادرات، لتبدأ مصر فعليًا في التحول من مستورد للحديد الخام إلى مركز لتصنيعه وتصديره. محطة جديدة تُودع زمن الاستيراد في خطوة غير مسبوقة، صدّق الرئيس عبد الفتاح السيسي مؤخرًا على مشروع إنشاء أول محطة وطنية لتداول واستقبال خام الحديد، ويُمثل هذا القرار علامة فارقة في مسار الصناعة المصرية، ويبعث برسالة أمل قوية لكل العاملين في مجال الحديد والصلب، إيذانًا بنهاية عهد الاعتماد الكامل على استيراد هذا الخام الحيوي. تحويل مصر إلى مركز عالمي لصناعة الحديد في هذا السياق، أكد الفريق المهندس كامل الوزير أن الهدف من إنشاء محطة تداول واستقبال خام الحديد هو تحويل مصر إلى مركز عالمي لتصنيع وتجارة الصلب. وأوضح أن مصر تستورد خام الحديد حاليًا، لكنها ستتجه قريبًا إلى تصنيعه محليًا، ما يمثل تحولًا استراتيجيًا في بنية الاقتصاد الصناعي. تاريخ مشرف.. وقاعدة صناعية وطنية قوية وأشاد الوزير، بالمصانع الوطنية العاملة في هذا المجال، مُشيرًا إلى أن مصر تمتلك تاريخًا عريقًا في صناعة الحديد، من خلال مصانع قوية مثل مصنع الحديد والصلب بحلوان، أول مصنع من نوعه في المنطقة. وأكد أن العامل المصري يتمتع بكفاءة عالية، وأن الدولة تراهن بقوة على العنصر البشري في إنجاح خططها الصناعية الطموحة. إشارة انطلاق من موانئ مصر الفريق كامل الوزير أعلن كذلك عن بدء تنفيذ مشروع إنشاء محطة خام الحديد فورًا، مع ربطها بموانئ رئيسية مثل أبو قير والسويس والأدبية والدخيلة، والتي ستضم مصانع متخصصة بالقرب من الموانئ وخطوط السكك الحديدية، ما يُسهم في تحسين كفاءة النقل وخفض التكلفة. القطاع الخاص يُشيد ويدعم التوجه الجديد وفي تعليق على تدشين مشروع إنشاء أول محطة وطنية لتداول واستقبال خام الحديد، قال المهندس طارق الجيوشي، عضو مجلس إدارة غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات ومن أبرز مصنعي الحديد، إن تصديق الرئيس على هذا المشروع الذكي، يعتبر تحولا استراتيجيًا يعكس رؤية الدولة المصرية في تعزيز مكانتها كمركز صناعي ولوجستي إقليمي وعالمي في الصناعات الثقيلة، وعلى رأسها صناعة الحديد والصلب، مشيدًا بما تملكه الموانئ المصرية من بنية تحتية قوية تحققت خلال السنوات العشر الأخيرة. مزايا تنافسية لوضع مصر على الخارطة العالمية وفي حديث ل"بوابة أخبار اليوم" اعتبر "الجيوشي" تمكين الحكومة ممثلة في وزارة الصناعة، منتجي الحديد المحليين من التوسع في الإنتاج والنفاذ إلى الأسواق الخارجية، بمثابة قاطرة حقيقية لدعم الإنتاج المحلي من حديد التسليح، مؤكدًا أن مصر تمتلك مزايا تنافسية تؤهلها لريادة صناعة الحديد إقليميًا حيث تتوافر المواد الخام والتكنولوجيا الحديثة والعمالة المدربة. رؤية واضحة.. وأرقام واعدة للتصدير وأكد الجيوشي أن الفريق كامل الوزير يقود مشروع التحول إلى مركز عالمي للحديد برؤية واضحة، تتضمن عقد جلسات عمل مع كافة أطراف المنظومة، مقدمًا المصلحة الوطنية على أي اعتبارات شخصية. وتوقع أن تؤدي المحطة الجديدة إلى مضاعفة حجم صادرات الحديد والصلب، التي بلغت نحو 2 مليون طن في 2024، مدعومة بدخول مصانع جديدة مرحلة التشغيل قريبًا. تعميق الصناعة المحلية.. حلم قارب على الاكتمال واختتم الجيوشي حديثه مؤكدًا أن الجهود الحالية تصب في دعم استراتيجية تعميق الصناعة المحلية، ومضاعفة الصادرات، لا سيما من حديد التسليح، الذي يتمتع بقدرة تنافسية عالية في الأسواق العالمية.