هل زال الخطر الذى واجهته مصر بعد سقوط الإخوان المسلمين منذ اثنى عشر عاما، واستعادة الدولة والمؤسسات؟ ..الاجابة عن السؤال ليست لصالح أحد، ولكن من أجل وطن لا يحتمل السقوط مرة أخرى، لأنه -لا قدر الله - معناه الانهيار التام. اولا: نجت مصر من المؤامرة لكنها لا تزال فى قلب الخطر، والدرس الأهم: أن الوطن لا يُحمى بالشعارات بل بالوعي، والالتفاف حول الدولة ودعم مؤسساتها، ومواجهة الأكاذيب بالحقيقة، والتحريض بالعقل. المؤامرات لا تنتهي، بل تتجدد وتغيّر وجوهها،وبعد أن فشلت أدوات الفوضى المسلحة، يتم استخدام سلاح جديد هو الغضب الشعبي، واستثمار مشاكل الناس، وتضخيم المعاناة وتصوير الدولة كخصم، وبث مشاعر الحقد والكراهية والتمرد، وكلها أدوات لإعادة إشعال نار الفتنة. ثانيا :علينا ان نستدعى رصيد» الارادة الشعبية « فى الثلاثين من يونيو 2013، ومواجهة أخطر مخطط استهدف كيان الدولة وأمن المجتمع، وانتفض المصريون ليمنعوا امتداد حرائق الربيع العربي إلى قلب وطنهم، ويوقفوا مشهدًا كان معدًا لتكرار سيناريو الانهيار كما حدث فى دول الجوار. كان المخطط واضحًا: إسقاط الدولة الوطنية من الداخل، عبر فتن دينية تقود إلى حروب اهلية، لتتحول أرض الوطن إلى ساحة احتراب، ولم يكن الهدف نظامًا بل الدولة، والجيش هو العائق الذى يجب تدميره. ثالثا: في الكواليس رسم المخططون ما أسموه «الشرق الأوسط الجديد»،لا مكان فيه لدولة قوية أو جيش موحد أو هوية جامعة، ويُعاد تشكيله بالحروب الأهلية، و«الصحوات الإسلامية» التى لم تكن سوى غطاء لجماعات إرهابية مسلحة، لا تؤمن بوطن ولا تعترف بسيادة، ولا يهمها إلا الوصول إلى الحكم، حتى لو كان الثمن هو الدم والخراب. رابعا : منذ سقوط عواصم عربية كبرى فى مستنقعات الفوضى، بات واضحًا أن العين الإسرائيلية - ومعها أدوات إقليمية ودولية -تركز مع مصر، ولم تتوقف عن السعى لهزّ استقرارها أو استدراجها إلى معارك جانبية. ما يدور فى المحيط الإقليمى ليس مجرد اضطرابات متناثرة، بل هو نتاج أيادٍ خفية تعبث بخريطة الشرق وإعادة رسمها، وفى مقدمتها إسرائيل، بخططها المسمومة وأصابعها القذرة التى تحرك الفوضى وتغذى النزاعات وتدفع بالمنطقة إلى هاوية التقسيم. خامسا : الحفاظ على الاستقرار أصعب من تحقيقه، ومصر بحاجة اليوم إلى وعى شعبى لا يقل عن وعى لحظة الثورة، عندما كان كل مواطن خط دفاع ضد الشائعات والتضليل والاستغلال السياسي لأزمات الحياة اليومية،لأن أخطر ما يهدد الدول ليس الهجوم الخارجي، بل الاختراق الداخلي. وأول مقومات الاستقرار تعميم «الرضا العام» وليس معناه أن يكون الجميع راضيا تمامًا، وإنما أن تشعر الأغلبية أن الأوضاع تسير بشكل مقبول ومعقول، حتى لو كانت هناك بعض المشكلات، ومحاربة اليأس والإحباط بالأمل والتفاؤل بالمستقبل.