في ظل تزايد الشكوى من آلام الظهر المزمنة حول العالم، تظهر دراسات حديثة تسلط الضوء على أسباب خفية قد لا يلتفت إليها الكثيرون. دراسة ألمانية جديدة كشفت، باستخدام تقنيات متطورة، أن نوعية عضلات الظهر – من حيث محتواها من الدهون والكتلة العضلية – تلعب دورًا رئيسيًا في زيادة أو تقليل خطر الإصابة بهذه الآلام، مما يفتح الباب أمام أساليب جديدة للتشخيص والوقاية. كشف تقرير نشره موقع "ميديكال إكسبريس" عن دراسة ألمانية حديثة، نُشرت في مجلة Lancet Regional Health، تربط بين جودة عضلات الظهر وازدياد خطر الإصابة بآلام الظهر المزمنة. واعتمد الباحثون على تحليل صور رنين مغناطيسي لآلاف الأشخاص، مستعينين بخوارزميات الذكاء الاصطناعي، في خطوة تسلط الضوء على أهمية نمط الحياة في صحة الجهاز العضلي. ** تقنيات متطورة لفحص العلاقة بين عضلات الظهر والألم في دراسة تعدّ من الأكبر في هذا المجال، استخدم باحثون من جامعة ميونيخ التقنية (TUM) تقنيات التصوير بالرنين المغناطيسي المدعومة بخوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحليل تركيب عضلات الظهر لدى 27500 مشارك ضمن الدراسة الوطنية الألمانية (NAKO)، تراوحت أعمارهم بين 19 و74 عامًا، أبلغ 21.8% منهم عن معاناتهم من آلام مزمنة في الظهر. ** الدهون بين العضلات.. خطر غير مرئي أظهرت الدراسة أن ارتفاع نسبة الأنسجة الدهنية داخل عضلات الظهر يرتبط بشكل مباشر بزيادة خطر الإصابة بآلام مزمنة في تلك المنطقة. في المقابل، فإن ارتفاع الكتلة العضلية ارتبط بانخفاض هذا الخطر، مما يشير إلى أهمية الحفاظ على بنية عضلية صحية كعامل وقائي. ** الذكاء الاصطناعي يفك شفرة العضلات لتحقيق دقة أكبر في التحليل، استخدم الفريق تقنيات الذكاء الاصطناعي لتصنيف أنسجة عضلات الظهر إلى دهنية وغير دهنية، مع مراعاة الفروقات الفردية مثل العمر والجنس ومستوى النشاط البدني، بالإضافة إلى أمراض مزمنة مصاحبة مثل السكري، هشاشة العظام، واضطرابات الدهون. ** النشاط البدني.. سلاح مزدوج تشير الدراسة إلى أن ممارسة 150 دقيقة من النشاط البدني المعتدل إلى الشديد أسبوعيًا – كما توصي منظمة الصحة العالمية – يساهم في تقليل خطر الإصابة بآلام الظهر. لكن المفارقة أن قلة الحركة أو الإفراط في التمارين يمكن أن يفاقم الخطر، مما يبرز أهمية التوازن والانتظام. ** تغيّر تكوين العضلات مؤشر للألم قال الدكتور سيباستيان زيغلماير، أحد المشاركين في البحث: "ركّزنا على العضلات الهيكلية في منطقة الظهر، التي تتأثر بنمط الحياة بشكل كبير. وتشير نتائجنا إلى أن التغير في تكوين هذه العضلات قد يكون جزءًا من أسباب الألم المزمن". لكنه أشار إلى أن الدراسة – التي تعتمد على تحليل نقطة زمنية واحدة – لا تثبت العلاقة السببية بشكل قاطع، وإنما تسلط الضوء على ارتباطات تحتاج إلى مزيد من البحث. أثناء العمل.. نصائح لحماية عمودك الفقري ** دعوة لإعادة التفكير في تشخيص آلام الظهر توصي الدراسة بإعادة تقييم أساليب تشخيص آلام الظهر المزمنة، عبر إدماج تحليل تكوين العضلات الهيكلية مع عوامل أخرى مثل النمط الحياتي، والحالة النفسية، والميكانيكا الحيوية، بما يساهم في تطوير استراتيجيات علاجية ووقائية مخصصة. وأكد الباحثون أن هذه الخطوة قد تساعد في تخفيف العبء الكبير الذي تسببه هذه الآلام على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي.