فى الوقت الذى تعمل دول حديثة العهد بالسينما وإنتاجها حتى الآن تجاوز المائة فيلم إلا قليلًا، إلا أنها تعمل جاهدةً على حفظ وصيانة أرشيفها، بل وشرعت فى إقامة «سينماتك» معنى بحفظ أفلامها، نجد عندنا حالة من الإهمال الشديد لا أعرف هل هو متعمد أم غير متعمد تجاه أرشيفنا السينمائى الذى تجاوز عمره قرنًا وربع القرن من الزمان، فلا يوجد أدنى اهتمام بالأفلام المحفوظة، التى تعرّض عدد كبير منها للتحلل، ولم تمتد إليه يد الترميم منذ سنوات طويلة، أما الأفلام التى تم ترميمها، فقد تم تسريب النسخ المرممة وبيعها لقنوات مصرية وشركات طيران للعرض عليها، دون أن تحصل الدولة المصرية على حقوق بث هذه الأفلام. كتبت الأسبوع قبل الماضى هنا عن حالة الإهمال الجسيم الذى يتعرّض له أرشيف السينما المصرية متمثلًا فى تجاهل المسئولين فى المركز القومى للسينما والرقابة على المصنفات الفنية منذ عام 2017 تطبيق القانون والقرارات الوزارية المتعاقبة، أبرزها قرار رقم 846 لسنة 2014، وقرار رقم 524 لسنة 2018، التى صدرت بشأن إنشاء وحدة حفظ الأفلام «الأرشيف القومى للفيلم»، التى ألزمت منتجى السينما بإيداع نسخة من أى فيلم يتم إنتاجه فى وحدة حفظ الأفلام، كما ألزمت الرقابة على المصنفات الفنية بعدم منح ترخيص العرض «فاوشر» لأى فيلم قبل تقديم ما يفيد قيام المنتج بإيداع نسخة منه فى وحدة تخزين الأفلام بالمركز القومى للسينما، ولكن ما حدث منذ عام 2017، حيث حدث نوع من الإهمال الشديد فلم يتم تطبيق القانون، وبالتالى تجاهل المنتجون إيداع نسخ لأفلامهم فى وحدة حفظ الأفلام، فمتوسط الإنتاج السينمائى 35 فيلمًا فى العام، وهو ما يعنى أن هناك ما يقرب من 300 فيلم تم إنتاجها طوال الثمانى سنوات لم يتم إيداع نسخ منها فى الأرشيف إلا من بعض النسخ التى تُعد على أصابع اليد الواحدة حصل عليها بجهود شخصية رئيس المركز القومى السابق د. حسين بكر مثل فيلم «الممر». كنت أنتظر بمجرد التنبيه بهذه القضية الخطيرة التى تمس تراثنا السينمائى أن يتحرك وزير الثقافة د. أحمد فؤاد هنو، وهو فنان فى المقام الأول قبل أن يكون مسئولًا سياسيًا، ويقوم بتشكيل لجنة من كبار السينمائيين - وليس موظفى الوزارة - لبحث هذه القضية ومحاسبة المسئول عنها حفاظًا على تاريخ السينما المصرية.