في الأول من يونيو من كل عام، تحيي الكنيسة القبطية الارثوذكسية ذكرى دخول العائلة المقدسة إلى مصر، وهو حدث ذو أهمية دينية وتاريخية، ارتبط ارتباطًا وثيقًا بالتراث المصري المسيحي. وتمثل هذه الذكرى نقطة انطلاق لمسار طويل قطعه السيد المسيح وهو طفل برفقة السيدة العذراء مريم والقديس يوسف النجار، هربًا من اضطهاد الملك هيرودس في فلسطين. ووفقًا للمصادر التاريخية والكنسية، دخلت العائلة المقدسة إلى مصر عبر منطقة الفرما (بمحافظة شمال سيناء حاليًا)، ومرت بعدة مواقع، منها تل بسطا، بلبيس، سمنود، وادي النطرون، المطرية، الفسطاط، جبل الطير، دير المحرق، وانتهت إقامتهم المؤقتة في منطقة جبل قسقام بمحافظة أسيوط، قبل عودتهم إلى فلسطين بعد زوال الخطر. تُعد هذه الرحلة من الأحداث الفريدة عالميًا، حيث لم يرد في تاريخ المسيحية أن وطأت العائلة المقدسة أرضًا غير فلسطين سوى في هذه المناسبة، وقد حظيت مصر بذكرى هذا الحدث ضمن تقويم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية. وتعمل الدولة المصرية بالتنسيق مع الكنيسة القبطية على تنفيذ مشروع وطني لإحياء مسار العائلة المقدسة، الذي يضم 25 نقطة رئيسية عبر عدة محافظات. يهدف المشروع إلى تطوير البنية التحتية للمواقع المرتبطة بالرحلة، وتحقيق الاستفادة السياحية والدينية منها، إضافة إلى الترويج لمصر كمركز للسياحة الروحية على المستوى الدولي. وتقام بهذه المناسبة قداسات واحتفالات كنسية في عدد من المواقع التاريخية، أبرزها كنائس زويلة الاثرية بمنطقة الجمالية، بمشاركة شخصيات دينية ووطنية وسفراء من دول متعددة. وتمثل ذكرى دخول العائلة المقدسة إلى مصر محورًا مهمًا في فهم العلاقة بين التاريخ والدين والهوية الوطنية، كما يشكل مسار العائلة المقدسة مشروعًا ذا بعد حضاري وثقافي يعزز من مكانة مصر في السياحة الدينية العالمية.