على مدار السنوات الخمس الماضية، لم تتوانَ الهيئة الوطنية للصحافة برئاسة الفاضل المهندس عبد الصادق الشوربجى عن الاضطلاع بدورها التاريخى فى حماية ودعم الكيانات الصحفية القومية، لا سيما فى ظل تحديات متراكمة فرضتها ظروف اقتصادية وإعلامية معقدة، تزامنت مع تسارع التحولات الرقمية والانكماش الإعلانى. لكن الهيئة، ومن منطلق مسئوليتها الوطنية، سعت إلى إعادة هيكلة واقع الصحافة القومية وتوفير بيئة داعمة للنهوض بها. لقد كان تطوير وتنمية موارد المؤسسات الصحفية أحد أبرز محاور عمل الهيئة، حيث وضعت على رأس أولوياتها البحث عن سبل غير تقليدية لتمكين هذه الكيانات من تحقيق الاكتفاء الذاتى، بل وتحقيق فوائض مالية تضمن لها الاستمرار والقدرة على أداء دورها التنويرى والتثقيفى والوطنى. فبالإضافة إلى خطط التطوير الإدارى والهيكلى، ركزت الهيئة على تعزيز الاستثمار فى الأصول غير المستغلة، وتوظيف إمكانات المؤسسات الصحفية فى مشروعات ذات عائد مستدام. ويأتى ما أنجزته الهيئة مؤخراً لمؤسسة «أخبار اليوم» العريقة، كدليل حى على هذا التوجه الاستراتيجى. فقد نجحت الهيئة، بعد جهد دءوب وتنسيق متواصل من الهيئة السابقة والحالية فى الحصول على الموافقات الرئاسية والوزارية اللازمة لإنشاء جامعة ومدرسة ضمن استثمارات مؤسسة «أخبار اليوم» ، وهو المشروع الذى يمثل نقلة نوعية ليس فقط فى مسيرة المؤسسة، بل فى مستقبل الصحافة القومية بأسرها. هذه الخطوة تمثل طفرة تنموية حقيقية، تعكس رؤية مستقبلية بعيدة المدى. ففكرة إنشاء جامعة ومدرسة تحت مظلة مؤسسة إعلامية عريقة، ليست مجرد استثمار مالى، بل هى استثمار فى الإنسان والمعرفة والهوية الوطنية. هى مساهمة فى تشكيل وعى الأجيال الجديدة، وفتح آفاق تعليمية تضاهى أرقى المعايير، مستندة إلى رصيد معرفى وثقافى ضخم تمتلكه المؤسسة. وباعتبارى واحدًا من أبناء «أخبار اليوم»، فإننى أكتب هذه السطور غير متحرج من كونى أيضًا عضوًا فى الهيئة الوطنية للصحافة، لأننى أؤمن بأن الشفافية والانتماء لا يتعارضان، بل يتكاملان عندما تكون الغاية هى الصالح العام. وأقول بكل وضوح: إن هذا المشروع، الذى بات اليوم حقيقة، سيؤتى ثماره فى السنوات المقبلة، وسيظل شاهدًا على أن الصحافة القومية قادرة على التجدد والابتكار متى توافرت لها الرؤية والإرادة. إن إنشاء جامعة ومدرسة يحمل فى طياته رسالة أعمق من الاستثمار. إنها رسالة مفادها أن المؤسسات الصحفية ليست كيانات ورقية منتهية الصلاحية، بل هى مؤسسات وطنية تمتلك مقومات الحياة، وتستطيع أن تنهض وتستمر وتنافس، حين يتم التعامل معها برؤية شاملة تدرك قيمتها وتاريخها ودورها المحورى فى بناء الوطن. لقد وضعت الهيئة الوطنية للصحافة، من خلال هذا الإنجاز، حجر أساس جديدا لمستقبل المؤسسات الصحفية. مستقبل لا يقوم فقط على الورق والحبر، بل على التعليم والمعرفة والاستثمار فى الإنسان. وهذا هو الطريق الذى يضمن بقاء الكيان، وصون رسالته، وتأمين الأجيال القادمة بمؤسسات أقوى وأكثر رسوخًا. إن ما تحقق لمؤسسة «أخبار اليوم» ليس نهاية الطريق، بل بداية لطريق جديد من الأمل والعمل، وهى دعوة لكل المؤسسات الصحفية لأن تحذو نفس النهج، وللدولة أن تستمر فى دعم هذا التوجه الذى يثبت يوماً بعد يوم أنه الرهان الرابح.