كشفت مجلة «تايم» الأمريكية، عن الستار الأخير في مسرحية ترامب الاقتصادية، خلف الوعود البرّاقة والتصريحات الحماسية، يختبئ مشروع مالي ضخم يُروَّج له كمنقذ ل الاقتصاد الأمريكي بينما يراه خبراء الاقتصاد كارثة تنتظر لحظة الانفجار. المشروع الذي يَعِد بتخفيضات ضريبية هائلة ونمو اقتصادي "أسطوري"، قد يضيف في الواقع تريليونات إلى الدين الفيدرالي لكنه يُثقِل كاهل الخزينة الأمريكية بعجز طويل الأمد، حيث يكشف عن انقسام عميق داخل الكونجرس الأمريكي وكذلك صراع صامت بين الواقع المالي والطموحات السياسية، لتتكشف زواياه (مشروع ترامب المالي) القاسية، بين عجز متفاقم، ودين متصاعد، وفجوة تتسع بين الطبقات في أمريكا، ورغم أن ترامب يرى هذا المشروع "جميل وكبير" ومفيد ل الاقتصاد الأمريكي، لكن يراه الاقتصاديون "خطيرًا ومكلفًا". اقرأ أيضًا| ترامب يطلق خطة جديدة لتسريع بناء المفاعلات النووية في أمريكا.. تفاصيل مشروع ترامب.. وعود مالية تواجه تحذيرات ثقيلة رغم التصريحات المبهرة التي تصف مشروع ترامب المالي بأنه "جميل وكبير"، إلا أن خبراء الاقتصاد كما أفادت مجلة «تايم» الأمريكية يُطلقون جرس إنذار. إذ يرون أن المشروع قد يكلف الخزانة الأمريكية أكثر من 2.5 تريليون دولار خلال عشر سنوات، ما يُفاقم الدين الفيدرالي الذي تجاوز أصلًا 36.8 تريليون دولار. في المقابل، تصر السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، كارولين ليفيت، على أن مشروع القانون سيوفر 1.6 تريليون دولار، واصفةً إياه بأنه أكبر عملية توفير في تاريخ الولاياتالمتحدة. ووفق تصريحات لمسؤول كبير بالمكتب الرئاسي الأمريكي، فإن هذا الرقم يستند إلى تقديرات أولية صادرة من لجان في الكونجرس، استجابة لتوجيهات الجمهوريين. وأشار المسؤول ذاته، إلى أن "مشروع ترامب المالي" قد يحقق إيرادات إضافية تصل إلى 2.6 تريليون دولار بفضل زيادة النمو الاقتصادي، ما يعني – حسب قوله – أن التخفيضات ستُعوَّض بالكامل، بل وستسهم في تقليص العجز، لكن هذه الرؤية تُقابل بتشكيك واسع من المؤسسات المالية المستقلة الأمريكية. وفي ذات السياق، أكدت اللجنة الفيدرالية للميزانية الأمريكية، وهي جهة مستقلة، أن التخفيضات الضريبية المضمنة في المشروع – والتي تُقدَّر ب3.8 تريليون دولار – تفوق بكثير أي وفورات متوقعة، وتتوقع اللجنة أن يزيد المشروع الدين الفيدرالي بواقع 3.3 تريليون دولار بحلول 2034، ويرفع العجز السنوي بنحو 2.9 تريليون دولار. انقسامات داخل الحزب الجمهوري في حين يتحدث الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب عن فوائد اقتصادية، يُبدي بعض الجمهوريين المتشددين في الكونجرس الأمريكي تحفظاتهم، خاصة في ظل اقتراب انتهاء مفعول تخفيضات 2017 الضريبية، والتي سيكلف تمديدها 4.6 تريليون دولار خلال عشر سنوات، ويشمل المشروع الحالي تخفيضات جديدة تطال الإكراميات وساعات العمل الإضافي بالولاياتالمتحدة، إلى جانب زيادات في ميزانيات الدفاع وأمن الحدود. ويحاول قادة الحزب الجمهوري السير على حبل مشدود، لخفض تكاليف المشروع من جهة، والحفاظ على رضا المعتدلين الذين يرفضون المساس بشبكات الأمان الاجتماعي من جهة أخرى، ومن المتوقع أن يحضر الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب اجتماعًا حاسمًا مع نواب الحزب في الكابيتول لحشد الدعم. يتضمّن مشروع القانون، تخفيضات في برامج الرعاية مثل "ميديكيد" (وهو أكبر برنامج مصدر لتمويل الخدمات الطبية والمتعلقة بالصحة للأشخاص ذوي الدخل المنخفض في الولاياتالمتحدة) والمساعدات الغذائية، ويُشدد شروط الاستفادة على المهاجرين غير المسجلين في الولاياتالمتحدة، لكن اقتصاديين مثل دانيال هورنونج، نائب مدير المجلس الاقتصادي الوطني الأمريكي السابق، يرون أن هذه التخفيضات تُحمّل الأسر الفقيرة والمتوسطة عبئًا كبيرًا، بينما ينعم الأثرياء بالمكاسب. اقرأ أيضًا| وراء الكواليس| لماذا يعتبر «راسل فوجت» واحد من أهم صناع القرار في الحكومة الأمريكية؟ من يقاوم مشروع ترامب المالي؟ بدا الانقسام داخل الحزب الجمهوري بين المحافظين واضحًا حين صوت عدد من "صقور العجز" (وهم من أعضاء كتلة الحرية المحافظة) ضد المشروع داخل لجنة الميزانية الأمريكية، أو حضروا دون التصويت للسماح بمروره، ومع أن رئيس مجلس النواب مايك جونسون حشد الدعم لتمريره من اللجنة، إلا أن المشروع لا يزال يواجه معارضة عنيفة قبل طرحه على مجلس النواب. وفي مجلس الشيوخ الأمريكي، تعلو أصوات جمهورية تنتقد مشروع ترامب المالي، حيث كتب السيناتور رون جونسون أنه من غير المنطقي دعم تشريع يزيد العجز والدين الأمريكي، ويشك كثيرون في أن المشروع سينجو في مجلس الشيوخ الأمريكي، رغم اندفاع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب خلفه. سيناريوهات كارثية في حال تمديد التخفيضات أشار خبراء في الولاياتالمتحدة بحسب مجلة «تايم» الأمريكية إلى أن مشروع ترامب المالي، يعتمد على انتهاء بعض التخفيضات الضريبية خلال فترة محددة لتقليل كلفته الظاهرة، لكن الكونجرس الأمريكي له سجل طويل في تمديد هذه الإجراءات، وإذا تم تمديدها، قد يصل العجز المالي في الولاياتالمتحدة الناتج عن المشروع إلى 5.3 تريليون دولار، بحسب تقديرات لجنة الميزانية الفيدرالية. فيما خفّضت وكالة موديز (وهي إحدى أهم الوكالات التصنيفية المصرفية في العالم) بالفعل التصنيف الائتماني ل الولاياتالمتحدة، مُشيرةً إلى تزايد القلق بشأن التزام البلاد بالانضباط المالي، وهذا التراجع قد يزيد الضغط على سندات الخزانة الأمريكية، التي تجاوز عائدها 5%، ما يعكس حالة من التوتر في الأسواق تجاه الدين الأمريكي المتصاعد. وفي ختام الصورة.. يتمسك الجمهوريون بفكرة أن نمو الاقتصاد الأمريكي الناتج عن المشروع سيوفر إيرادات تعوض الدين، لكن اقتصاديين كثر يشككون في هذه الوعود، خاصة في ظل التركيبة الحالية للمشروع التي تبدو منحازة للأثرياء على حساب الطبقات المتوسطة والفقيرة. اقرأ أيضًا| ترامب يُشعل حرب الجمارك مُجددًا بتهديدات مباشرة لآبل والاتحاد الأوروبي