فى تاريخ إسرائيل، نتنياهو هو أكثر رؤساء الوزراء اصطداماً بالرؤساء الأمريكيين، بداية من بيل كلينتون الذى قال عنه فى سبتمبر 2011 انه سبب «قتل عملية السلام بالشرق الأوسط»، مروراً بباراك أوباما الذى امتنعت إدارته عن التصويت ضد قرار بمجلس الأمن الدولى، يدين المستوطنات أواخر 2016 اعتراضاً على إصرار نتنياهو على التوسّع الاستيطانى، الذى انتقده نتنياهو علناً بخطابه أمام الكونجرس، متجاوزًا البروتوكول، وانتهاء بجو بايدن الذى تجاوز نتنياهو كل خطوطه الحمراء حول العملية العسكرية الواسعة فى رفح والمساعدات الإنسانية الذى امتنعت إدارته أيضًا عن استخدام «الفيتو» ضد قرار يطالب بوقف فورى لإطلاق النار فى مارس 2024. ولأن أى من هذه الصدامات لم تسفر حقاً عن أى إجراء أو قرار يضر إسرائيل او يخل بدعمها، تمادى فيها المغرور نتنياهو، صاحب التاريخ الأطول فى البقاء بالسلطة، حيث رأى ان تحدى رؤساء أكبر دولة فى العالم يعزز صورته أمام قاعدته السياسية والانتخابية كزعيم قوى قادر على الاستقلال بقراراته حتى عن أكبر داعميه، واستند فى هذه الصدامات التى تركزت على الإدارات الديمقراطية على دعم اللوبى الصهيونى وأعضاء الكونجرس الجمهوريين، خاصةً المحافظين المتشددين والمسيحيين الإنجيليين. وكان يمنّى نفسه ان تمنحه سيطرة الجمهوريين على الكونجرس وعودة ترامب للسلطة، الفرصة لتحقيق كل أحلامه المتعلقة بضم الضفة وإعادة احتلال غزة والتوسع جغرافياً على حساب لبنان وسوريا، ورغم ان تصريحات وقرارات ترامب كانت تصب بهذا الاتجاه، الاّ ان إصرار نتنياهو على تكرار نهجه المتحدى فى مواجهة ترامب بشخصيته المختلفة والمتقلبة، وتصرفاته غير المتوقعة، تسببت فى توتر غير مسبوق بين الاثنين تسربت رائحته للإعلامين الأمريكى والإسرائيلى. ورغم انه لا يمكن التعويل على تأثير هذا التوتر على دعم أمريكا غير القابل للكسر لإسرائيل، لكن على الأقل يمكنه فرملة جموح نتنياهو او التعجيل بالتخلص منه واستبداله، خاصة لو أجدنا مداعبة «الإيجو» الخاص بترامب الذى يتمنى الحصول على نوبل للسلام ويسعى لإنجاز تاريخى يخلد اسمه.