استحوذ الحديث عن مأساة الفلسطينيين فى غزة، معظم الحوار مع الشيخ عبد الأحد مباكى مستشار الرئيس السنغالى الذى عبرت كلماته عن عمق المأسأة الإنسانية، مؤكدا أن القضية الفلسطينية هى قضية الأمة الإسلامية وأنه لا يخفى على أحد أن الحرب التى تقودها إسرائيل فى قطاع غزة، هي حرب إبادة وتدمير ولا تلتزم قوانين الحرب المنصوص عليها فى الاتفاقيات الدولية. متسائلا كيف يمكن النظر فى عيون أطفال دمرتهم القنابل الذكية وحرمتهم من أمهاتهم وآبائهم وبترت أطرافهم وتركتهم معطوبين ومدمرين نفسيا وجسديا. اقرأ أيضًا | خواطر الشعراوى :أنفقوا مما رزقناكم كيف ترى عدوان الاحتلال على غزة وكيف يمكن وضع حد له؟ -هى حرب إبادة وتدمير وهو المسمى الحقيقى لها، فالنية التى أعلنها قادة الحرب من سياسيين وعسكريين كانت تحويل قطاع غزة إلى مكان غير صالح للعيش، وإعادته إلى العصر الحجري، وما يعنيه ذلك من استهداف كل شيء، وفى مقدمة ذلك الأطفال.. منذ نشوب هذا الصراع، فقد أطفال غزة الحق فى الحياة والأمن والأمان والغذاء والعلاج والتعليم، والحق فى معرفة سبب استهدافهم بهذا المستوى الوحشى الإجرامي، ومن المؤسف أن العالم، وخصوصًا ذلك المتباهى بمنظومة قيم الحقوق والحريات، لا يستطيع أن يوقف هذه الحرب التى تجلب الموت والدمار والرعب والقهر إلى الأطفال والأبرياء وأبسط حقوقهم الإنسانية، وعلى الأقل أن يُخضعوا هذه الحرب لقوانين الحروب التى تحظر المس بالأطفال والمدنيين، وأنا أتعجب كيف يستطيع العالم النظر فى عيون أطفال يخرجون من تحت الأنقاض، وآخرين يتضورون جوعًا، وغيرهم ممن ينتظرون القذائف الذكية والغبية ليلا ونهارًا، وأطفال يبحثون عن أمهاتهم ولا يجدونهن، وأيضًا أولئك الذين يسألون إذا كانت أطرافهم المبتورة ستنمو من جديد أم لا؟ مَن يجرؤ على النظر فى عيون أطفال غزة ويستطيع الإجابة عن أسئلتهم الصامتة؟ إذا كان أكثر من 8 آلاف جندى إسرائيلى يحترف القتال يعانون جرّاء عطب فى قدراتهم العقلية والنفسية، وأُحيلوا إلى مراكز إعادة التأهيل العقلى والنفسي، وربما خرج أو سيخرج معظمهم من الخدمة العسكرية، فماذا يقول العالم لأكثر من مليون طفل فلسطينى زُج بهم فى أتون حرب إبادة لا ترحم. فى السنغال كيف ترون هذه الجرائم؟ - الرأى العام السنغالى منشغل بهذه القضية من خلال دعوة شعوب العالم إلى الدعم الثابت للشعب الفلسطيني، وإدانة العنف المرتكب ضد المدنيين فى غزة، والذى وصفه بعض المتحدثين بالإبادة الجماعية. والأصوات تتعالى فى السنغال مثمنة صمود الفلسطينيين فى مواجهة الشدائد، وكذلك على الحاجة إلى زيادة التعبئة الدولية لقضيتهم. وتتعالى الأصوات فى السنغال مستنكرة المأساة الإنسانية المستمرة فى فلسطين، داعية المجتمع الدولى إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لإنهاء هذه الفظائع وضمان حماية المدنيين. والمطالبة بحل دائم يمنح الفلسطينيين الحق فى العيش بكرامة على أرضهم، ويتعين على شعوب العالم الإسلامى التحرك إلى تعبئة عامة دعما لنضال الشعب الفلسطينى الذى يواجه تنكيلا لا حدود له وتتعالى الأصوات فى السنغال داعية إلى كسر الصمت حيال هذه المجازر التى ترتكب فى حق الشعب الفلسطيني، لأنه شريك فى هذه الجريمة النكراء ضد الشعب الفلسطيني. ما يحدث يحتاج لضغط دولى لإيقافه ولكن للأسف يقف الكثيرون موقف المتفرج؟ - نحن فى السنغال ندين بأشد العبارات الاحتلال الإسرائيلى وممارسة الفصل العنصرى والتطهير العرقى والدينى والإبادة الجماعية التى تنفذها إسرائيل ضد الفلسطينيين بدعم من الولاياتالمتحدة، والذى يشكل انتهاكا لا حدود له لحقوق وحريات شعب بأكمله، فضلا عن كونه إهانة للإنسانية جمعاء وندعو الدول الداعية إلى الحرية والعدالة وحقوق الإنسان إلى معاقبة إسرائيل من خلال فرض عقوبات على جرائم الحرب المحتملة والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة ضد الشعب الفلسطينى وفرض حظر عسكرى وأمنى شامل على الدولة العبرية. لأمانة الفتوى العالمية دور كبير مؤخرا.. ما رأيكم فى أدائها؟ -الجهات الدينية فى السنغال تثمن دور أمانة الفتوى العالمية فى خلق قنوات التشاور والتنسيق بين هيئات الإفتاء العالمية بمختلف عقائدها، لإيمانها بأن السلام العالمى يعزز من خلال الفتاوى المبنية على الوسطية والاعتدال، والبعيدة عن التطرف والعصبية العمياء والعنصرية البلهاء. حدثنا عن المجتمع السنغالى وكيف يتم التعامل بين أفراده؟ - تسهر الهيئات الدينية فى السنغال للدعوة إلى قيم التسامح والتعايش السلمى بين أبناء الشعب السنغالى، بمختلف مكوناته العقدية والثقافية، وهذا التعايش السلمى يلقى صدى خلال مناسبة الذكرى السنوية لنفى الشيخ أحمد بامبا إلى الجابون، وتعد أكبر تجمع دينى فى السنغال، يحضر فيها جميع أطياف الشعب السنغالى، مسلم ومسيحى، سنة وشيعة. ماذا عن وضع المرأة والشباب فى مجتمعكم؟ - تتحرك الهيئات الدينية فى السنغال إلى تمكين المرأة، مهنيا، وتفعيل دورها الحيوى فى قوام المجتمع، وذلك من خلال منح حق التعليم للمرأة، وتزويدها بالقيم الإسلامية التى تحفظ لها حقوقها وكرامتها، وتصونها من الاختراق الثقافى الذى يطغى على العالم بفاعل العولمة الثقافية، وتحارب الهيئات الدينية فى السنغال موجات الإلحاد التى بدأت فى صفوف الشباب بسبب حملات التضليل، والفتاوى التكفيرية المتشددة التى تدعو إلى قتل الغير، والاستباحة بدماء الأبرياء، ولغياب مؤسسات تعليمية وتربوية دينية، تعلم الشباب المسلم الدين الاسلامي، امتدادا من مصادر ومنابع علومه الصحيحة، وقد استضافت العاصمة السنغالية مؤخرا منتدى عالمى تحت الشعار «وسائل التواصل الاجتماعى ومخاطرها تجاه المجتمع»، حيث يتخذها بعض المتشددين كمنبر لنشر الأفكار المتطرفة.