"صحح مفاهيم".. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة القادمة    جمعية الصداقة المصرية الروسية تنظم احتفالا بمناسبة ذكرى نصر أكتوبر    مستقبل وطن بكفر الشيخ يدفع ب4 مرشحين في القائمة الوطنية لانتخابات النواب 2025 | خاص    فيديو.. الري: أراضي طرح النهر ليست مملوكة لأفراد    سائحون بالأقصر: سنشجع أصدقائنا وأقاربنا على زيارة مصر لما لمسناه من دفء الضيافة وعظمة الحضارة والآثار    تركيا: توقعات عودة مشاركين في أسطول الصمود اليوم على متن رحلة خاصة    بيراميدز بزيه الأساسي أمام الجيش الرواندي بدوري الأبطال    مروان محسن يقود هجوم الجونة أمام طلائع الجيش    دفاع شقيق سارة خليفة: موكلي يعاني من أمراض قلب تستدعي متابعة متخصصة    الأرصاد: غدا الأحد طقس حار نهارا معتدل ليلا.. والعظمى بالقاهرة 31    رضا الباهي في مهرجان الإسكندرية: السينما المصرية جزء مهم من حياتي.. وانطلاقتي العالمية بدأت من كان    خبير متاحف: المتحف المصري الكبير ليس مجرد مشروع سياحي بل بيت للمجتمع المصري    وزير الخارجية يؤكد أهمية تكاتف جهود أبناء الوطن في الداخل والخارج لدعم المصالح المصرية والدفاع عنها    أنشطة ثقافية احتفالا بذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة في مكتبة مصر العامة بالدقي    نائب وزير الصحة: بتشكيل لجنة لتفعيل خدمات الميكنة والتحول الرقمي بمستشفى الهلال في دمياط    نقابة البيطريين تدعو لنشر ثقافة الرحمة والتعايش السلمي مع الحيوانات    افتتاح فرع جديد للخط الساخن لصندوق مكافحة الإدمان لأول مرة بالسويس لعلاج المرضى مجانا    أتلتيك بيلباو يصنع الحدث.. فعالية مؤثرة لدعم فلسطين أمام مايوركا الليلة    بطل رفع الأثقال البارالمبى: إقامة بطولة العالم بالعاصمة الإدارية حدث تاريخى    مهاب ياسر: قرار جوميز سبب رحيلي عن الزمالك    مجلة أمريكية: واشنطن على الأرجح لن تسلم صواريخ توماهوك إلى أوكرانيا    إيرادات فيلم فيها إيه يعنى تتجاوز حاجز ال10 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض    أبرز إنجازات خالد العنانى المرشح لمنصب مدير اليونسكو    غدا احتفالية نقابة الصحفيين بذكرى نصر أكتوبر المجيد    محافظ أسيوط يتفقد إنشاء منافذ ومعارض دائمة للأسر المنتجة أسفل كوبرى فيصل    وكيل صحة سوهاج يتابع أعمال لجنة الكشف الطبي للمرشحين المحتملين لمجلس النواب    الصحة تطلق النسخة الخامسة من مؤتمر قلب زايد بمشاركة نخبة من خبراء أمراض القلب    السيسي يتابع توفير التغذية الكهربائية للمشروعات الزراعية الجديدة.. فيديو    منح النيابة حق التحقيق بدون محام يثير أزمة باجتماع مناقشة الاعتراض على "الإجراءات الجنائية"    " سي إن بي سي": توقعات باستمرار الإغلاق الحكومي الأمريكي حتى 14 أكتوبر وسط تعثر المفاوضات    وكيل الشباب والرياضة بالفيوم يشهد انطلاق الدورة الأساسية رقم 578 للمدربين والإداريين    الري تحسم الجدل حول غرق المنوفية والبحيرة بسبب فيضانات سد النهضة    إصابة 5 بينهم 4 أطفال في انقلاب سيارة ملاكي بالوادي الجديد    حريق هائل بمصنع بلاستيك في العاشر من رمضان    مواصفات صحية.. طريقة عمل اللانشون بجميع أنواعه في المنزل    مواقيت الصلاة اليوم السبت 4-10-2025 في محافظة الشرقية    قوافل طبية وغذائية لدعم الأسر المتضررة من ارتفاع منسوب مياه النيل بدلهمو بالمنوفية    في الذكرى ال52 لانتصارات أكتوبر المجيدة.. منظومة التعليم العالي تشهد طفرة غير مسبوقة بسيناء ومدن القناة    اليوم.. مستقبل وطن يستقبل الأحزاب المشاركة بالقائمة الوطنية استعدادا للانتخابات    وزير الزراعة يعلن تحقيق الصادرات الزراعية المصرية 7.5 مليون طن حتى الآن    إجراء أولى عمليات زراعة قوقعة للأطفال بمستشفى أسوان التخصصي    خطوات تنزيل تردد قناة طيور بيبي الجديد 2025 على جميع الأقمار الصناعية    "تابع الآن قيامة عثمان" تردد قناة الفجر الجزائرية الجديد على جميع الأقمار الصناعية بجودة hd    موجة انتقادات لاذعة تطارد محمد صلاح.. ماذا فعل النجم المصري؟    "الوكالة الوطنية للإعلام": سقوط طائرة إسرائيلية مسيّرة عن بُعد في منطقة "وادي فيسان" في "جرود الهرمل" شرقي لبنان    ما حكم من لم يقدر على الوضوء لأجل الصلاة؟.. الإفتاء توضح    الهلال الأحمر يصل دلهمو لتقديم الدعم للأهالي بعد غرق منازلهم وأراضيهم    وصول سارة خليفة وعصابتها لمحكمة الجنايات وسط حراسة مشددة    هالة عادل: عمل الخير وصنع المعروف أخلاق نبيلة تبني المحبة بين البشر    بينهم طفلان.. 6 شهداء في قصف الاحتلال غزة وخان يونس    تشكيل الزمالك المتوقع أمام غزل المحلة بالدوري    موعد انخفاض أسعار الطماطم في الأسواق.. الكيلو وصل 35 جنيه    دار الإفتاء توضح: حكم الصلاة بالحركات فقط دون قراءة سور أو أدعية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 4-10-2025 في محافظة قنا    تعرف على أسعار الأسمنت اليوم السبت 4 أكتوبر 2025 في المنيا    وزير الخارجية يثمن الدعم الفرنسي للمرشح المصري لرئاسة اليونسكو خالد العناني    اللواء مجدى مرسي عزيز: دمرنا 20 دبابة.. وحصلنا على خرائط ووثائق هامة    فلسطين.. طائرات الاحتلال المسيّرة تطلق النار على شرق مدينة غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ترامب فى الخليج .. رحلة جنى الثمار
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 17 - 05 - 2025

حازم الشرقاوي - مروى حسن حسين - سميحة شتا- محمد جمال الزهيرى
هى فقط ثلاثة أيام من حيث الزمن ولكن مردودها وتوابعها السياسية والاقتصادية ضخمة كما تم التخطيط لها من قبل الأطراف الأربعة ومنذ أسابيع. أتحدث عن جولة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إلى دول الخليج الثلاثة السعودية وقطر وفى النهاية الإمارات يضاف إليها القمة التى انعقدت على هامش وجوده فى الرياض مع قادة دول الخليج حيث سبق أن أعلن ترامب منذ أيامه الأولى فى البيت الأبيض أنها ستكون على عكس السوابق التاريخية المستقرة إلى الخليج. ولن نتوقف كثيرا عند أرقام صفقات الاستثمارات المشتركة بين واشنطن والرياض والدوحة وأبو ظبى رغم أنها جاءت فى صالح الطرفين والفوائد منها عديدة على اقتصاديات الدول الاربع خاصة من منظور المجالات التى تشملها ولكن هناك أيضا ترسيخ الشراكة الاستراتيجية والاقتصادية بين الجانبين.
الرحلة بدأت كما لو كانت زلزالا سياسيا، توابعه ظهرت فى عواصم إقليمية خاصة إسرائيل التى أدركت منذ اللحظة التى تم استبعادها كمحطة فى الزيارة أو نقطة البداية للجولة أن العلاقات مع واشنطن تشهد نوعا من أنواع البرود غير المسبوق، وتهميشا مستمرا، أما طهران فأمامها أسئلة جائرة تبحث لها عن إجابة هل ستفيد الجولة مباحثاتها مع واشنطن خاصة فى ظل العلاقات الطيبة التى تجمعها مؤخرا مع دول الخليج أم سيتم استثمارها كوسيلة ضغط عليها لتقديم مزيد من التنازلات فى المباحثات؟ وتبدو دمشق بنظامها الانتقالى هى المستفيد الأكبر من اللقاء الذى تم بين الرئيس الأمريكى ترامب وأحمد الشرع بترتيب من الأمير محمد بن سلمان ولى العهد السعودى حيث أضفى اللقاء شرعية أمريكية على نظام ما بعد سقوط الأسد فى ديسمبر الماضي، والأهم هو قرار رفع العقوبات عن الشعب السورى والذى سيفتح الطريق أمام مزيد من الاستقرار والنهوض الاقتصادى فيها. وهذه التقارير الأربعة محاولة لمزيد من الفهم والتوضيح لما جرى فى رحلة الأيام الثلاثة.
اقرأ أيضًا | إشادة أمريكية وخليجية بالدور السعوي في دعم القضايا الإقليمية والدولية
السعودية.. شراكة اقتصادية ومكاسب سياسية
انتهت الزيارة الخارجية الأولى للرئيس الأمريكى دونالد ترامب إلى السعودية وتبعها زيارة إلى كل من قطر والإمارات وسط الإعلان عن الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية، وتوقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم مع الدول الثلاث تقترب من التريليون دولار وقد تصل إلى أكثر من 3 تريليونات دولار خلال السنوات الأربع المقبلة فى قطاعات الذكاء الاصطناعى والتقنية والطاقة والصحة وتحديث القطاعات العسكرية.
غالبية الاتفاقيات الاقتصادية والاستثمارية تقودها الصناديق الاستثمارية فى الدول الثلاث التى تمتلك صناديق استثمارية أو ما يطلق عليها البعض سيادية تقترب حجم أموالها من حاجز 2.5 تريليون دولار، أما اتفاقيات التحديث العسكرى فهى تكون ضمن ميزانيات الدول وتكون على مراحل لأن صفقات السلاح والطائرات والمعدات العسكرية يتم توريدها وفقا لجدول زمنى يستمر عدة سنوات.
حدث تباين فى وجهات النظر حول هذه الاستثمارات وقد اعتبر البعض أن دول الخليج تعطى هذه الأموال إلى الولايات المتحدة الأمريكية دون رؤية أو استراتيجية من أجل إرضاء الرئيس دونالد ترامب فقط.
فيما يرى فريق آخر أن دول الخليج لديها رؤية واستراتيجية للاستثمارات الخارجية والداخلية تقودها الصناديق السيادية التى ينبثق منها عدد كبير من الشركات التى تسعى وتبحث عن الفرص فى مختلف دول العالم، وترى أن الولايات المتحدة الأمريكية سوق مهم والفرص الاستثمارية مجدية وتحقق عوائد مرضية.
وخلال العقود الماضية ترى أن الولايات المتحدة الأمريكية فى مقدمة أولويات قطاع الاستثمار الخليجي، على سبيل المثال السعودية لديها استثمارات فى عدد من المشاريع والشركات والسندات الأمريكية تقدر بنحو 770 مليار دولار ، وقد أبرمت خلال زيارة ترامب الأسبوع الماضى مذكرات تفاهم جديدة بقيمة 300 مليار دولار وفقا لما أعلنه ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز.
ويبدو أن السعودية أصبح لديها رؤية فى توظيف استثماراتها من أجل تحقيق مكاسب سياسية ورؤية مستقبلية لتعزيز مكاناتها ودورها على المستويين الإقليمى والدولى بصورة واضحة.
وقد ظهرت بوادر النتائج السياسية بصورة جلية من خلال إعلان الرئيس الأمريكى ترامب عن رفع العقوبات عن سوريا تلبية لرغبة الأمير محمد بن سلمان الذى وصفه ترامب بأنه رجل عظيم لا مثيل له، وأعظم من مثّل شعبه، وأن المملكة أنجزت معجزة حقيقية بهويتها وطريقتها العربية ،وأضاف ترامب : علاقتنا مع السعودية قوية، لن يحاول أحد تعكير هذه العلاقة بسبب علاقتى القوية مع ولى العهد الأمير محمد بن سلمان.
وقد تلا ذلك قيام ترامب باستقبال الرئيس السورى أحمد الشرع فى مقر إقامته بالرياض قبيل انعقاد القمة الخليجية الأمريكية بحضور ولى العهد الأمير محمد بن سلمان، والرئيس التركى رجب طيب أردوغان عبر الهاتف.
والجانب السياسى الثانى والأهم وهو ما أعلنه وزير الخارجية السعودى الأمير فيصل بن فرحان الذى أعرب عن أمله أن يكون إطلاق الرهينة الأمريكى قاعدة لاتفاق لوقف إطلاق النار فى غزة وقال بالنص لقد اتفقنا مع الولايات المتحدة على ضرورة وقف الحرب فى غزة، وشدد على أهمية الوصول لوقف إطلاق النار فى غزة فى أقرب فرصة خاصة أن إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب أظهرت رغبتها فى اتخاذ قرارات شجاعة.
وأضاف لقد أكدنا للولايات المتحدة على أمرين أساسيين هما وقف دائم لإطلاق النار وعدم تعطيل وصول المساعدات لأهالى قطاع غزة.
كلام وزير الخارجية السعودى غاية فى الأهمية ويحتاج إلى وضع آلية سريعة لتنفيذه على أرض الواقع فى ظل الوعود التى حصلت عليها المملكة من الرئيس الأمريكى خلال زيارته للسعودية ومباحثاته مع ولى العهد السعودي.
وفى النهاية يظل الاقتصاد هو المحرك الرئيسى لعربة السياسة، فالدول صاحبة القوة الاقتصادية تسعى لتحقيق نفوذ ومكاسب بحيث يكون لها مكانة على المستوى الإقليمى والدولي، والقوة الاقتصادية والقدرة الاستثمارية التى تتمتع بها السعودية جعل منها المحطة الأولى لأول زيارة خارجية لترامب للمرة الثانية على التوالي، عندما أعلن عقب فوزه بأن أول زيارة له ستكون للسعودية فى حال استثمار 600 مليار دولار فى بلاده.
سوريا.. تغيير درامى أمريكى تجاه الشرع
شهدت العلاقات السورية الأمريكية حالة من الجمود والتوتر خلال السنوات الماضية نتيجة تباين المصالح والسياسات الإقليمية والدولية والخلافات العميقة حول ملفات الصراع، النفوذ الإيراني، وحقوق الإنسان، إلا أن اللقاء الأخير بين الرئيس الأمريكى دونالد ترامب والرئيس السورى أحمد الشرع، شكّل مفاجأة سياسية وأثار اهتماما واسعا وتحليلات متعددة، خاصة فى ظل «التغيير الدرامي» الذى أبداه الشرع فى مواقفه السياسية. فهل يشكل هذا اللقاء نقطة تحول فى العلاقات بين البلدين؟ وهل يمكن أن يكون مقدمة لتقارب دبلوماسى جديد؟
تم اللقاء فى أجواء غير تقليدية، بعيداً عن الأطر الدبلوماسية الرسمية، ما أثار تساؤلات حول أهداف الطرفين. ترامب، المعروف بسياسته الخارجة عن المألوف، قد يكون سعى لاستثمار الشرع كشخصية سورية تتمتع بتاريخ سياسى طويل وعلاقات متشعبة فى الداخل والخارج، فى محاولة لفهم التركيبة السورية من جهة، وربما للتأثير عليها من جهة أخرى.
أما الشرع، المعروف بتوجهه الدبلوماسى المعتدل، فكانت عودته المفاجئة إلى الواجهة السياسية وما قيل عن «تغيير درامي» فى مواقفه محوراً لتحليلات عديدة، حيث أبدى استعداداً للعب دور وسطى فى مرحلة انتقالية محتملة، أو على الأقل كجسر تواصل بين الغرب والنظام السورى بعد ابتعاده عن المشهد خلال الحرب، وكأنه يعود إلى الساحة السياسية عبر هذا اللقاء الرمزى وربما التمهيدي.
حيث تشير مصادر إلى أن الشرع عبّر عن مواقف أكثر انفتاحاً تجاه الإصلاح السياسى الداخلى والانفتاح على الغرب. وأفادت تقارير بأنه أبدى تفهماً لبعض المطالب الأمريكية، كضرورة تقليص النفوذ الإيرانى فى سوريا، وهو ما يعد تحولاً لافتاً.
ويظهر الشرع الآن كداعٍ لحل سياسى شامل يجمع أطياف المعارضة والنظام، وهى رؤية قد تلقى قبولاً أمريكيا.
يوحى اللقاء بإمكانية انفتاح واشنطن على دمشق، إنما ضمن شروط، أهمها إيجاد شريك سياسى قابل للحوار من داخل النظام، مثل الشرع. ويبدو أن ترامب يسعى غالبًا إلى صناعة «صفقات سياسية»، وقد يرى فى الشرع مدخلاً لصياغة حل انتقالى أو تفاهم جزئى دون اللجوء إلى التصعيد العسكرى أو العقوبات وحدها. كما أن فتح قناة مع شخصية سورية مستقلة نسبياً عن النفوذ الإيرانى والروسى يصب فى توجه ترامب لتقليص نفوذ خصوم أمريكا فى المنطقة عبر الوسائل السياسية.
يمهد اللقاء أيضا لإعادة إحياء الدبلوماسية غير الرسمية، من خلال قنوات خلفية قد تساهم فى تحريك ملفات مجمّدة، منها المساعدات الإنسانية، واللاجئين، وإعادة الإعمار. وفى حال تجاوب النظام مع طروحات الحوار السياسي، وإذا ما تطورت العلاقة فعلاً، قد نشهد دعوات من إدارة ترامب لتخفيف بعض العقوبات الأمريكية مقابل خطوات سياسية رمزية من النظام أو من أطراف قريبة منه. وهذا تحول استراتيجى مهم مقارنة بالجمود الذى طبع العلاقات فى السنوات السابقة. كما أن ظهور الشرع بهذا الشكل قد يشجع تيارات داخل النظام السورى على الدفع باتجاه حل سياسي، ويخلق دينامية داخلية جديدة.
لكن هناك تحديات محتملة قد توتجه الجانبين، فقد تحدث مقاومة من داخل النظام السوري، خاصة من الأطراف المستفيدة من الوضع القائم. بالإضافة إلى الرفض الإيرانى ى الروسى لأى تقارب سورى ى أمريكى خارج تنسيقهم. وكذلك غياب الاستراتيجية الأمريكية المتكاملة، حيث يُعرف عن ترامب ميله للقرارات الفردية السريعة دون تخطيط مؤسسي.
رغم أن لقاء ترامب والشرع لا يمكن اعتباره حدثاً مفصليا بمفرده، إلا أنه قد يشير إلى تحولات أعمق تجرى فى الكواليس، تحمل بذور تحوّل محتمل فى السياسة الأمريكية تجاه سوريا، فى ظل إدارة تبحث عن حلول عملية وسريعة بدل الاستراتيجيات التقليدية. ولكن يبقى مستقبل العلاقات بين البلدين مرهوناً بتطورات داخلية فى سوريا، وتغير فى الموقف الأمريكى الرسمي، وتفاهمات إقليمية أوسع.
إسرائيل.. فى انتظار دخول (بيت الطاعة الأمريكى)
أثارت جولة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى دول الخليج والتى شملت السعودية وقطر والإمارات - دون إدراج زيارة إسرائيل على جدول الأعمال- قلقًا كبيرًا فى الأوساط السياسية الإسرائيلية خاصة لدى رئيس وزراء الكيان الصهيونى بنيامين نتنياهو الذى تشهد علاقته مع ترامب توترا غير مسبوق فى الفترة الأخيرة بعدما قام ترامب بتهميش رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلى فى عدة ملفات إقليمية، وذلك ما تجلى فى مبادرة السلام الشاملة بتوصله إلى اتفاق مع الحوثيين باستثناء إسرائيل، كما أجرت واشنطن مفاوضات مع إيران أيضا دون مشاركة تل أبيب، بالإضافة إلى مواصلة المفاوضات المباشرة مع «حماس» والتى تكللت بإطلاق سراح الأسير عيدان ألكسندر الأسبوع الماضي.
وأعادت زيارة ترامب لمنطقة الشرق الأوسط دون المرور بإسرائيل إلى أذهان الإسرائيليين فترة الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما الذى كانت محطته الأولى بعد بضعة أشهر فقط من توليه منصبه الجديد فى 2009، هى الرياض حيث التقى بملك السعودية فى إطار جهوده لتعزيز العلاقات مع العالم العربي، واعتُبر قراره وقتها بعدم زيارة نتنياهو إهانةً له، وهو ما يعتبره الكثيرون حتى اليوم بداية علاقة أوباما المتوترة مع إسرائيل.
وبعد مرور أعوام، يتكرر الآن نفس النهج حيث زار الرئيس الأمريكى ترامب منطقة الشرق الأوسط فى زيارة وصفها البيت الأبيض بأنها ستكون «عودة تاريخية للشرق الأوسط»، ولكن إسرائيل ليست على جدول أعمال الرئيس الأمريكى مرة أخرى، فى زيارة قد ترمز إلى تحولات جوهرية فى أولويات السياسة الأمريكية فى الشرق الأوسط.
ويرى محللون أن استبعاد إسرائيل من جدول زيارة ترامب بمثابة رسالة واضحة عن تراجع مكانتها فى استراتيجية واشنطن الإقليمية، فبينما كانت إسرائيل فى السابق محورًا أساسيًا فى زيارات الرؤساء الأمريكيين الخارجية، فإن تجاهلها هذه المرة يثير تساؤلات حول مستقبل التحالف بين البلدين، خاصة فى ظل استمرار العدوان على غزة وتدهور الأوضاع الإنسانية بشكل غير مسبوق هناك.
وخلال زيارته، أبرم ترامب صفقات بمليارات الدولارات مع الدول العربية الثلاث، بما فى ذلك اتفاقيات دفاعية، كما تم الاتفاق على استثمارات محتملة فى الاقتصاد الأمريكي، كما أعلن عن رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا بعد لقائه بالرئيس السورى أحمد الشرع، وهو ما اعتبرته إسرائيل تهديدًا لأمنها القومي.
وأبدى نتنياهو قلقه من هذه التحولات، خاصة أن ترامب لم يضغط على قادة الخليج لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وهو ما يُعتبر هدفًا استراتيجيًا لنتنياهو، كما يخشى نتنياهو من أن الرئيس الأمريكى قد يكون توصل مع قادة الخليج إلى اتفاقات بشأن الوضع فى غزة تمهيدا لفرضه على تل أبيب بدون إشراكها فى الاتفاقات فى استمرار لسلسلة التهميش التى يتعامل من خلالها ترامب فى أعقاب أزمة الثقة مع نتنياهو.
وتشير التحليلات إلى أن إدارة ترامب تسعى لإعادة تشكيل التحالفات فى الشرق الأوسط، مع التركيز بشكل أكبر على الشراكات الاقتصادية والاستراتيجية مع دول الخليج، وتخفيف الاعتماد على إسرائيل كشريك أساسي، وهو ما يضع إسرائيل فى موقف صعب يتطلب إعادة تقييم استراتيجياتها الإقليمية، خاصة فى ظل تراجع الدعم الأمريكى التقليدى لإسرائيل.
وفى ظل هذه التحولات، يبقى مستقبل العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل غير واضح وما إذا كانت ستستمر على نفس الوتيرة المعتادة، أم أنها ستشهد مزيدًا من التباعد فى ظل التغيرات الإقليمية والدولية اليومية وهل يتمكن ترامب من دفع نتنياهو لدخول بيت الطاعة الأمريكي؟
إيران.. مخاوف من العُزلة ونتائج التحالفات الجديدة
كانت جولة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، الخليجية الأخيرة بمثابة إعادة ضبط للعلاقات الأمريكية مع دول المنطقة، مع التركيز على مواجهة النفوذ الإيرانى وتعزيز التعاون الاقتصادى والأمني، وبينما أبدت إيران استعدادها للمفاوضات غير المباشرة، إلا أن الضغوط الأمريكية المستمرة قد تؤدى إلى مزيد من التوترات فى المنطقة.
وتراقب إيران التى تعانى من العقوبات بقلق نجاح ترامب فى التوصل إلى صفقات تجارية بمليارات الدولارات مع القوى الكبرى فى المنطقة، إلا أنها تجد لحظة من الراحة فى تهميش إسرائيل.
وبالتزامن مع زيارة ترامب إلى منطقة الخليج، أصدرت إيران تحذيرًا عسكريًا، مؤكدةً أن أى هجوم على أراضيها سيُواجَه برد قوى يلحق خسائر جسيمة بالعدو.
وصرح رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية، اللواء محمد باقري، قائلًا: «أى عدوان مُحتمل على الأراضى الإيرانية سيُواجَه برد حاسم، وسيدفع المعتدون ثمنًا باهظًا لا يمكن تعويضه»، مشيرًا إلى أن طهران ستحدد توقيت وشكل الرد بما يتناسب مع الموقف.
ولفتت مجلة «فورين أفيرز»، إلى أنه بسبب الطبيعة المُتقلبة لإدارة ترامب والخلافات الداخلية بين مستشاريه الرئيسيين، فإن زيارته يمكن أن تمهد الطريق للحرب مع إيران بقدر ما يمكن أن تمهد لتوقيع اتفاق نووى معها.
وأضافت المجلة، أن القضية الأكثر أهمية، بالطبع، هى إيران، فعندما زار ترامب، المملكة العربية السعودية عام 2017، كان القادة فى معظم دول الخليج حريصين على التخلى عن دبلوماسية عهد أوباما وتبنى نهج أكثر تشددًا تجاه إيران، لكن مواقفهم تغيرت نتيجة الأوضاع فى المنطقة واستهداف جماعة الحوثى لأهداف داخل دول الخليج، ففى عام 2019، تم الهجوم على مصفاة نفط سعودية، مما أدى إلى خفض إمدادات النفط العالمية مؤقتًا بنسبة 6٪، والتزمت واشنطن عدم التورط أو الرد العسكرى، وصدمت إدارة ترامب قادة المنطقة، الذين اعتمدت استراتيجيتهم الأمنية لفترة طويلة على الضمانات الأمريكية، كما خَيَّبت الولايات المتحدة، آمال قادة الخليج برد فعل محدود على هجوم شنه الحوثيون، وهم ميليشيا مدعومة من إيران، على أبو ظبى عام 2022، وذَكَّرت هذه الحوادث دول الخليج، بأنها ستكون الهدف الأول لإيران فى حرب إقليمية وأنها ستكون بمفردها إلى حد كبير، وبينما تبدو إسرائيل حريصة على أن تهاجم الولايات المتحدة إيران، تبرز دول الخليج ككتلة مناهضة للحرب.
وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، انخرطت الرياض فى تقارب هادئ مع إيران بوساطة صينية، واستأنفت الدبلوماسية وحاولت منع التصعيد الإقليمي.
وتغيرت المعادلة فى المنطقة بعد تمكن إسرائيل من تدمير والنيل من قدرات حزب الله مما أثَّر بالسلب على الدور الإيرانى بالمنطقة، فى ظل قناعة لدى دول الخليج بخطوة التصعيد وتحول الأمر إلى مواجهة عسكرية ونقل الحرب إلى طهران بمشاركة أمريكية. لطالما كان ترامب، على الرغم من خطابه العدوانى وتصعيداته العسكرية، مُتشككًا بشدة فى الدخول فى حرب كبرى أخرى بالشرق الأوسط، فلقد تخلص من معظم صقور إيران من إدارته الأولى، ومنح مبعوثًا تفويضًا للتفاوض على اتفاق نووى جديد مع طهران، ولأن مثل هذه الاتفاقات تتطلب عملًا شاقًا وكثيرًا من الصبر، فمن غير المرجح أن تنجح إدارة ترامب فى إبرامها، وقد دعا بعض مسئولى إدارة ترامب إلى إنهاء تخصيب اليورانيوم الإيرانى تمامًا، وهو موقف من شأنه أن يضمن عمليًا انهيار المحادثات، وإذا فشلت المفاوضات، فقد يُمهِّد ذلك الطريق لصراع يدعى ترامب أنه لا يريده، لكن ترامب تَمَسَّك حتى الآن بالدبلوماسية، حتى فى ظل الاعتراضات الإسرائيلية، ومن شأن اتفاق إيرانى جديد أن يقطع شوطًا طويلًا نحو استقرار المنطقة وتقليل خطر الحرب، وقد يفسر ذلك حالة الترقب الذى تعيشه طهران لنتائج الجولة وهل ستكون عاملًا مساعدًا فى إقناع إدارة ترامب بالوصول إلى اتفاق يضمن استقرار المنطقة، أم تؤدى إلى ممارسة واشنطن مزيدًا من الضغوط عليها استثمارًا للشراكة الاستراتيجية مع دول الخليج.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.