أحمد موسى: مصر تفتتح أكبر سوق جملة لضبط الأسعار أكتوبر المقبل    "شكراً لمواصلة تعزيز تاريخ برشلونة".. رسالة لابورتا إلى فليك بعد تمديد تعاقده    الزمالك يعلن رحيل عادل حسين عن تدريب فريق السيدات    رسميًا| فليك مستمر مع برشلونة حتى 2027    "فسيولوجيا فيه مشكلة".. نجل شقيقه يكشف أسباب عدم زواج عبد الحليم حافظ    إيران: الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على سوريا تهدد السلم في المنطقة    63 شهيدا في غزة جراء غارات وقصف الاحتلال منذ فخر الأربعاء    شركة مياه الشرب تعلن بدء عودة المياه لمدينة المنيا    المدن المتاحة في إعلان سكن لكل المصريين 7    إطلاق أول مبنى دائم لمجلس الدولة بمحافظة الدقهلية    حشيش وشابو وفرد روسي.. مباحث الأقصر تضبط عنصرين إجراميين بالاقالتة تخصصا في تجارة المخدرات    مصرع طفل غرقا في ترعة الصافيه بكفر الشيخ    عباس: الفلسطينيون في لبنان لن يكون لديهم أي نشاط خارج إطار القانون اللبناني    مصطفى شحاتة ينضم لفريق عمل فيلم بنات فاتن    محامي بالنقض: كتابة المؤخر ذهب سيحول الزواج لسلعة    هيئة الدواء: تلقينا 12 ألف استفسار منذ تفعيل منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة    بعد توصيل أطفاله للمدرسة.. اغتيال مسؤول أوكراني متعاون مع روسيا في إسبانيا (ما القصة؟)    افتتاح وحدة تكافؤ الفرص بالجامعة التكنولوجية فى بني سويف -صور    رابط نتيجة الصف الأول الابتدائي 2025 في محافظة الجيزة (فور إعلانها)    البورصة توافق على القيد المؤقت ل " فاليو "    "الوفد" يعلن رؤيته بشأن قانون الإيجار القديم ويطرح 4 توصيات    أسعار الحديد مساء اليوم الأربعاء 21 مايو 2025    بيع 6 قصور.. اتهامات متبادلة بين أحفاد نوال الدجوي بشأن الثروة    الشباب والتعليم تبحثان استراتيجية المدارس الرياضية الدولية    مصدر: التعليم الثانوي ينطلق بمرونة لمواكبة التخصصات الحديثة    هل كانت المساجد موجودة قبل النبي؟.. خالد الجندي يوضح    هل يجوزُ لي أن أؤدّي فريضة الحجّ عن غيري وما حكم الحج عن الميت؟.. الأزهر للفتوى يجيب    باريس: استهداف وفد دبلوماسي في جنين تصعيد مرفوض ونطالب بتفسير عاجل    وزير الصحة يستجيب لاستغاثة أب يعاني طفله من عيوب خلقية في القلب    مصر تدين إطلاق النار من قبل الجانب الإسرائيلي خلال زيارة لوفد دبلوماسي دولي إلى جنين    ضبط راكبين بأوتوبيس نقل جماعى تحت تاثير المخدرات.. فيديو    سعر الريال القطرى اليوم الأربعاء 21-5-2025.. آخر تحديث    طولان: إلغاء الهبوط لم يكن بسبب الإسماعيلي.. بل لمصلحة ناد آخر    استعداداً ل«الأضحى».. محافظ الفيوم يوجه برفع درجة الاستعداد القصوى    وزير الخارجية يلتقى مع نظيره الزامبى على هامش الاجتماع الأفريقى الأوروبى    وزارة الأوقاف تنشر نص خطبة الجمعة بعنوان "فتتراحموا"    فيتسلار الألماني يعلن تعاقده مع نجم اليد أحمد هشام سيسا    «غيّر اسمه 3 مرات».. حقيقة حساب أحمد السقا غير الموثق على «فيسبوك»    صحة الدقهلية: ختام الدورة التدريبية النصف سنوية للعاملين بالمبادرات الرئاسية    محافظ أسوان يشارك فى إحتفالية فرع الهيئة العامة للإعتماد والرقابة الصحية    قرار جديد من القضاء بشأن معارضة نجل الفنان محمد رمضان على إيداعه بدار رعاية    ولي عهد الفجيرة: مقتنيات دار الكتب المصرية ركيزة أساسية لفهم التطور التاريخي    قد يكون صيف عكس التوقعات.. جوارديولا يلمح بالرحيل عن مانشستر سيتي بسبب الصفقات    تصعيد دموي جديد في بلوشستان يعمق التوتر بين باكستان والهند    الاحتلال الإسرائيلي يعتقل 20 فلسطينيا على الأقل من الضّفة الغربية    فيديو يكشف طريقة سرقة 300 مليون جنيه و15 كيلو ذهب من فيلا نوال الدجوي    تأثيرات التكنولوجيا الرقمية على الأطفال في مناقشات قصور الثقافة بالغربية    ضبط 7 أطنان دقيق مدعم قبل بيعه في السوق السوداء بالشرقية    الرئيس السيسى ل الحكومة: ليه ميتعملش مصنع لإنتاج لبن الأطفال في مصر؟    «بنسبة 100%».. شوبير يكشف مفاوضات الأهلي مع مدافع سوبر    لمواليد برج الحمل.. اعرف حظك في الأسبوع الأخير من مايو 2025    قبل أيام من حلوله.. تعرف على أبرز استعدادات السكة الحديد ل عيد الأضحى 2025    "هندسة بني سويف الأهلية" تنظم زيارة لمركز تدريب محطة إنتاج الكهرباء بالكريمات    استخراج جسم معدني خطير من جمجمة طفل دون مضاعفات بمستشفى الفيوم الجامعي    قبل مواجهة بتروجيت.. قرار من أيمن الرمادي بعد انتهاء معسكر الزمالك    موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025    المرور اليوم.. زحام وكثافات بشوارع ومحاور القاهرة والجيزة    تفسير حلم أكل اللحم مع شخص أعرفه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ترامب فى الخليج .. رحلة جنى الثمار
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 17 - 05 - 2025

حازم الشرقاوي - مروى حسن حسين - سميحة شتا- محمد جمال الزهيرى
هى فقط ثلاثة أيام من حيث الزمن ولكن مردودها وتوابعها السياسية والاقتصادية ضخمة كما تم التخطيط لها من قبل الأطراف الأربعة ومنذ أسابيع. أتحدث عن جولة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إلى دول الخليج الثلاثة السعودية وقطر وفى النهاية الإمارات يضاف إليها القمة التى انعقدت على هامش وجوده فى الرياض مع قادة دول الخليج حيث سبق أن أعلن ترامب منذ أيامه الأولى فى البيت الأبيض أنها ستكون على عكس السوابق التاريخية المستقرة إلى الخليج. ولن نتوقف كثيرا عند أرقام صفقات الاستثمارات المشتركة بين واشنطن والرياض والدوحة وأبو ظبى رغم أنها جاءت فى صالح الطرفين والفوائد منها عديدة على اقتصاديات الدول الاربع خاصة من منظور المجالات التى تشملها ولكن هناك أيضا ترسيخ الشراكة الاستراتيجية والاقتصادية بين الجانبين.
الرحلة بدأت كما لو كانت زلزالا سياسيا، توابعه ظهرت فى عواصم إقليمية خاصة إسرائيل التى أدركت منذ اللحظة التى تم استبعادها كمحطة فى الزيارة أو نقطة البداية للجولة أن العلاقات مع واشنطن تشهد نوعا من أنواع البرود غير المسبوق، وتهميشا مستمرا، أما طهران فأمامها أسئلة جائرة تبحث لها عن إجابة هل ستفيد الجولة مباحثاتها مع واشنطن خاصة فى ظل العلاقات الطيبة التى تجمعها مؤخرا مع دول الخليج أم سيتم استثمارها كوسيلة ضغط عليها لتقديم مزيد من التنازلات فى المباحثات؟ وتبدو دمشق بنظامها الانتقالى هى المستفيد الأكبر من اللقاء الذى تم بين الرئيس الأمريكى ترامب وأحمد الشرع بترتيب من الأمير محمد بن سلمان ولى العهد السعودى حيث أضفى اللقاء شرعية أمريكية على نظام ما بعد سقوط الأسد فى ديسمبر الماضي، والأهم هو قرار رفع العقوبات عن الشعب السورى والذى سيفتح الطريق أمام مزيد من الاستقرار والنهوض الاقتصادى فيها. وهذه التقارير الأربعة محاولة لمزيد من الفهم والتوضيح لما جرى فى رحلة الأيام الثلاثة.
اقرأ أيضًا | إشادة أمريكية وخليجية بالدور السعوي في دعم القضايا الإقليمية والدولية
السعودية.. شراكة اقتصادية ومكاسب سياسية
انتهت الزيارة الخارجية الأولى للرئيس الأمريكى دونالد ترامب إلى السعودية وتبعها زيارة إلى كل من قطر والإمارات وسط الإعلان عن الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية، وتوقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم مع الدول الثلاث تقترب من التريليون دولار وقد تصل إلى أكثر من 3 تريليونات دولار خلال السنوات الأربع المقبلة فى قطاعات الذكاء الاصطناعى والتقنية والطاقة والصحة وتحديث القطاعات العسكرية.
غالبية الاتفاقيات الاقتصادية والاستثمارية تقودها الصناديق الاستثمارية فى الدول الثلاث التى تمتلك صناديق استثمارية أو ما يطلق عليها البعض سيادية تقترب حجم أموالها من حاجز 2.5 تريليون دولار، أما اتفاقيات التحديث العسكرى فهى تكون ضمن ميزانيات الدول وتكون على مراحل لأن صفقات السلاح والطائرات والمعدات العسكرية يتم توريدها وفقا لجدول زمنى يستمر عدة سنوات.
حدث تباين فى وجهات النظر حول هذه الاستثمارات وقد اعتبر البعض أن دول الخليج تعطى هذه الأموال إلى الولايات المتحدة الأمريكية دون رؤية أو استراتيجية من أجل إرضاء الرئيس دونالد ترامب فقط.
فيما يرى فريق آخر أن دول الخليج لديها رؤية واستراتيجية للاستثمارات الخارجية والداخلية تقودها الصناديق السيادية التى ينبثق منها عدد كبير من الشركات التى تسعى وتبحث عن الفرص فى مختلف دول العالم، وترى أن الولايات المتحدة الأمريكية سوق مهم والفرص الاستثمارية مجدية وتحقق عوائد مرضية.
وخلال العقود الماضية ترى أن الولايات المتحدة الأمريكية فى مقدمة أولويات قطاع الاستثمار الخليجي، على سبيل المثال السعودية لديها استثمارات فى عدد من المشاريع والشركات والسندات الأمريكية تقدر بنحو 770 مليار دولار ، وقد أبرمت خلال زيارة ترامب الأسبوع الماضى مذكرات تفاهم جديدة بقيمة 300 مليار دولار وفقا لما أعلنه ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز.
ويبدو أن السعودية أصبح لديها رؤية فى توظيف استثماراتها من أجل تحقيق مكاسب سياسية ورؤية مستقبلية لتعزيز مكاناتها ودورها على المستويين الإقليمى والدولى بصورة واضحة.
وقد ظهرت بوادر النتائج السياسية بصورة جلية من خلال إعلان الرئيس الأمريكى ترامب عن رفع العقوبات عن سوريا تلبية لرغبة الأمير محمد بن سلمان الذى وصفه ترامب بأنه رجل عظيم لا مثيل له، وأعظم من مثّل شعبه، وأن المملكة أنجزت معجزة حقيقية بهويتها وطريقتها العربية ،وأضاف ترامب : علاقتنا مع السعودية قوية، لن يحاول أحد تعكير هذه العلاقة بسبب علاقتى القوية مع ولى العهد الأمير محمد بن سلمان.
وقد تلا ذلك قيام ترامب باستقبال الرئيس السورى أحمد الشرع فى مقر إقامته بالرياض قبيل انعقاد القمة الخليجية الأمريكية بحضور ولى العهد الأمير محمد بن سلمان، والرئيس التركى رجب طيب أردوغان عبر الهاتف.
والجانب السياسى الثانى والأهم وهو ما أعلنه وزير الخارجية السعودى الأمير فيصل بن فرحان الذى أعرب عن أمله أن يكون إطلاق الرهينة الأمريكى قاعدة لاتفاق لوقف إطلاق النار فى غزة وقال بالنص لقد اتفقنا مع الولايات المتحدة على ضرورة وقف الحرب فى غزة، وشدد على أهمية الوصول لوقف إطلاق النار فى غزة فى أقرب فرصة خاصة أن إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب أظهرت رغبتها فى اتخاذ قرارات شجاعة.
وأضاف لقد أكدنا للولايات المتحدة على أمرين أساسيين هما وقف دائم لإطلاق النار وعدم تعطيل وصول المساعدات لأهالى قطاع غزة.
كلام وزير الخارجية السعودى غاية فى الأهمية ويحتاج إلى وضع آلية سريعة لتنفيذه على أرض الواقع فى ظل الوعود التى حصلت عليها المملكة من الرئيس الأمريكى خلال زيارته للسعودية ومباحثاته مع ولى العهد السعودي.
وفى النهاية يظل الاقتصاد هو المحرك الرئيسى لعربة السياسة، فالدول صاحبة القوة الاقتصادية تسعى لتحقيق نفوذ ومكاسب بحيث يكون لها مكانة على المستوى الإقليمى والدولي، والقوة الاقتصادية والقدرة الاستثمارية التى تتمتع بها السعودية جعل منها المحطة الأولى لأول زيارة خارجية لترامب للمرة الثانية على التوالي، عندما أعلن عقب فوزه بأن أول زيارة له ستكون للسعودية فى حال استثمار 600 مليار دولار فى بلاده.
سوريا.. تغيير درامى أمريكى تجاه الشرع
شهدت العلاقات السورية الأمريكية حالة من الجمود والتوتر خلال السنوات الماضية نتيجة تباين المصالح والسياسات الإقليمية والدولية والخلافات العميقة حول ملفات الصراع، النفوذ الإيراني، وحقوق الإنسان، إلا أن اللقاء الأخير بين الرئيس الأمريكى دونالد ترامب والرئيس السورى أحمد الشرع، شكّل مفاجأة سياسية وأثار اهتماما واسعا وتحليلات متعددة، خاصة فى ظل «التغيير الدرامي» الذى أبداه الشرع فى مواقفه السياسية. فهل يشكل هذا اللقاء نقطة تحول فى العلاقات بين البلدين؟ وهل يمكن أن يكون مقدمة لتقارب دبلوماسى جديد؟
تم اللقاء فى أجواء غير تقليدية، بعيداً عن الأطر الدبلوماسية الرسمية، ما أثار تساؤلات حول أهداف الطرفين. ترامب، المعروف بسياسته الخارجة عن المألوف، قد يكون سعى لاستثمار الشرع كشخصية سورية تتمتع بتاريخ سياسى طويل وعلاقات متشعبة فى الداخل والخارج، فى محاولة لفهم التركيبة السورية من جهة، وربما للتأثير عليها من جهة أخرى.
أما الشرع، المعروف بتوجهه الدبلوماسى المعتدل، فكانت عودته المفاجئة إلى الواجهة السياسية وما قيل عن «تغيير درامي» فى مواقفه محوراً لتحليلات عديدة، حيث أبدى استعداداً للعب دور وسطى فى مرحلة انتقالية محتملة، أو على الأقل كجسر تواصل بين الغرب والنظام السورى بعد ابتعاده عن المشهد خلال الحرب، وكأنه يعود إلى الساحة السياسية عبر هذا اللقاء الرمزى وربما التمهيدي.
حيث تشير مصادر إلى أن الشرع عبّر عن مواقف أكثر انفتاحاً تجاه الإصلاح السياسى الداخلى والانفتاح على الغرب. وأفادت تقارير بأنه أبدى تفهماً لبعض المطالب الأمريكية، كضرورة تقليص النفوذ الإيرانى فى سوريا، وهو ما يعد تحولاً لافتاً.
ويظهر الشرع الآن كداعٍ لحل سياسى شامل يجمع أطياف المعارضة والنظام، وهى رؤية قد تلقى قبولاً أمريكيا.
يوحى اللقاء بإمكانية انفتاح واشنطن على دمشق، إنما ضمن شروط، أهمها إيجاد شريك سياسى قابل للحوار من داخل النظام، مثل الشرع. ويبدو أن ترامب يسعى غالبًا إلى صناعة «صفقات سياسية»، وقد يرى فى الشرع مدخلاً لصياغة حل انتقالى أو تفاهم جزئى دون اللجوء إلى التصعيد العسكرى أو العقوبات وحدها. كما أن فتح قناة مع شخصية سورية مستقلة نسبياً عن النفوذ الإيرانى والروسى يصب فى توجه ترامب لتقليص نفوذ خصوم أمريكا فى المنطقة عبر الوسائل السياسية.
يمهد اللقاء أيضا لإعادة إحياء الدبلوماسية غير الرسمية، من خلال قنوات خلفية قد تساهم فى تحريك ملفات مجمّدة، منها المساعدات الإنسانية، واللاجئين، وإعادة الإعمار. وفى حال تجاوب النظام مع طروحات الحوار السياسي، وإذا ما تطورت العلاقة فعلاً، قد نشهد دعوات من إدارة ترامب لتخفيف بعض العقوبات الأمريكية مقابل خطوات سياسية رمزية من النظام أو من أطراف قريبة منه. وهذا تحول استراتيجى مهم مقارنة بالجمود الذى طبع العلاقات فى السنوات السابقة. كما أن ظهور الشرع بهذا الشكل قد يشجع تيارات داخل النظام السورى على الدفع باتجاه حل سياسي، ويخلق دينامية داخلية جديدة.
لكن هناك تحديات محتملة قد توتجه الجانبين، فقد تحدث مقاومة من داخل النظام السوري، خاصة من الأطراف المستفيدة من الوضع القائم. بالإضافة إلى الرفض الإيرانى ى الروسى لأى تقارب سورى ى أمريكى خارج تنسيقهم. وكذلك غياب الاستراتيجية الأمريكية المتكاملة، حيث يُعرف عن ترامب ميله للقرارات الفردية السريعة دون تخطيط مؤسسي.
رغم أن لقاء ترامب والشرع لا يمكن اعتباره حدثاً مفصليا بمفرده، إلا أنه قد يشير إلى تحولات أعمق تجرى فى الكواليس، تحمل بذور تحوّل محتمل فى السياسة الأمريكية تجاه سوريا، فى ظل إدارة تبحث عن حلول عملية وسريعة بدل الاستراتيجيات التقليدية. ولكن يبقى مستقبل العلاقات بين البلدين مرهوناً بتطورات داخلية فى سوريا، وتغير فى الموقف الأمريكى الرسمي، وتفاهمات إقليمية أوسع.
إسرائيل.. فى انتظار دخول (بيت الطاعة الأمريكى)
أثارت جولة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى دول الخليج والتى شملت السعودية وقطر والإمارات - دون إدراج زيارة إسرائيل على جدول الأعمال- قلقًا كبيرًا فى الأوساط السياسية الإسرائيلية خاصة لدى رئيس وزراء الكيان الصهيونى بنيامين نتنياهو الذى تشهد علاقته مع ترامب توترا غير مسبوق فى الفترة الأخيرة بعدما قام ترامب بتهميش رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلى فى عدة ملفات إقليمية، وذلك ما تجلى فى مبادرة السلام الشاملة بتوصله إلى اتفاق مع الحوثيين باستثناء إسرائيل، كما أجرت واشنطن مفاوضات مع إيران أيضا دون مشاركة تل أبيب، بالإضافة إلى مواصلة المفاوضات المباشرة مع «حماس» والتى تكللت بإطلاق سراح الأسير عيدان ألكسندر الأسبوع الماضي.
وأعادت زيارة ترامب لمنطقة الشرق الأوسط دون المرور بإسرائيل إلى أذهان الإسرائيليين فترة الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما الذى كانت محطته الأولى بعد بضعة أشهر فقط من توليه منصبه الجديد فى 2009، هى الرياض حيث التقى بملك السعودية فى إطار جهوده لتعزيز العلاقات مع العالم العربي، واعتُبر قراره وقتها بعدم زيارة نتنياهو إهانةً له، وهو ما يعتبره الكثيرون حتى اليوم بداية علاقة أوباما المتوترة مع إسرائيل.
وبعد مرور أعوام، يتكرر الآن نفس النهج حيث زار الرئيس الأمريكى ترامب منطقة الشرق الأوسط فى زيارة وصفها البيت الأبيض بأنها ستكون «عودة تاريخية للشرق الأوسط»، ولكن إسرائيل ليست على جدول أعمال الرئيس الأمريكى مرة أخرى، فى زيارة قد ترمز إلى تحولات جوهرية فى أولويات السياسة الأمريكية فى الشرق الأوسط.
ويرى محللون أن استبعاد إسرائيل من جدول زيارة ترامب بمثابة رسالة واضحة عن تراجع مكانتها فى استراتيجية واشنطن الإقليمية، فبينما كانت إسرائيل فى السابق محورًا أساسيًا فى زيارات الرؤساء الأمريكيين الخارجية، فإن تجاهلها هذه المرة يثير تساؤلات حول مستقبل التحالف بين البلدين، خاصة فى ظل استمرار العدوان على غزة وتدهور الأوضاع الإنسانية بشكل غير مسبوق هناك.
وخلال زيارته، أبرم ترامب صفقات بمليارات الدولارات مع الدول العربية الثلاث، بما فى ذلك اتفاقيات دفاعية، كما تم الاتفاق على استثمارات محتملة فى الاقتصاد الأمريكي، كما أعلن عن رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا بعد لقائه بالرئيس السورى أحمد الشرع، وهو ما اعتبرته إسرائيل تهديدًا لأمنها القومي.
وأبدى نتنياهو قلقه من هذه التحولات، خاصة أن ترامب لم يضغط على قادة الخليج لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وهو ما يُعتبر هدفًا استراتيجيًا لنتنياهو، كما يخشى نتنياهو من أن الرئيس الأمريكى قد يكون توصل مع قادة الخليج إلى اتفاقات بشأن الوضع فى غزة تمهيدا لفرضه على تل أبيب بدون إشراكها فى الاتفاقات فى استمرار لسلسلة التهميش التى يتعامل من خلالها ترامب فى أعقاب أزمة الثقة مع نتنياهو.
وتشير التحليلات إلى أن إدارة ترامب تسعى لإعادة تشكيل التحالفات فى الشرق الأوسط، مع التركيز بشكل أكبر على الشراكات الاقتصادية والاستراتيجية مع دول الخليج، وتخفيف الاعتماد على إسرائيل كشريك أساسي، وهو ما يضع إسرائيل فى موقف صعب يتطلب إعادة تقييم استراتيجياتها الإقليمية، خاصة فى ظل تراجع الدعم الأمريكى التقليدى لإسرائيل.
وفى ظل هذه التحولات، يبقى مستقبل العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل غير واضح وما إذا كانت ستستمر على نفس الوتيرة المعتادة، أم أنها ستشهد مزيدًا من التباعد فى ظل التغيرات الإقليمية والدولية اليومية وهل يتمكن ترامب من دفع نتنياهو لدخول بيت الطاعة الأمريكي؟
إيران.. مخاوف من العُزلة ونتائج التحالفات الجديدة
كانت جولة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، الخليجية الأخيرة بمثابة إعادة ضبط للعلاقات الأمريكية مع دول المنطقة، مع التركيز على مواجهة النفوذ الإيرانى وتعزيز التعاون الاقتصادى والأمني، وبينما أبدت إيران استعدادها للمفاوضات غير المباشرة، إلا أن الضغوط الأمريكية المستمرة قد تؤدى إلى مزيد من التوترات فى المنطقة.
وتراقب إيران التى تعانى من العقوبات بقلق نجاح ترامب فى التوصل إلى صفقات تجارية بمليارات الدولارات مع القوى الكبرى فى المنطقة، إلا أنها تجد لحظة من الراحة فى تهميش إسرائيل.
وبالتزامن مع زيارة ترامب إلى منطقة الخليج، أصدرت إيران تحذيرًا عسكريًا، مؤكدةً أن أى هجوم على أراضيها سيُواجَه برد قوى يلحق خسائر جسيمة بالعدو.
وصرح رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية، اللواء محمد باقري، قائلًا: «أى عدوان مُحتمل على الأراضى الإيرانية سيُواجَه برد حاسم، وسيدفع المعتدون ثمنًا باهظًا لا يمكن تعويضه»، مشيرًا إلى أن طهران ستحدد توقيت وشكل الرد بما يتناسب مع الموقف.
ولفتت مجلة «فورين أفيرز»، إلى أنه بسبب الطبيعة المُتقلبة لإدارة ترامب والخلافات الداخلية بين مستشاريه الرئيسيين، فإن زيارته يمكن أن تمهد الطريق للحرب مع إيران بقدر ما يمكن أن تمهد لتوقيع اتفاق نووى معها.
وأضافت المجلة، أن القضية الأكثر أهمية، بالطبع، هى إيران، فعندما زار ترامب، المملكة العربية السعودية عام 2017، كان القادة فى معظم دول الخليج حريصين على التخلى عن دبلوماسية عهد أوباما وتبنى نهج أكثر تشددًا تجاه إيران، لكن مواقفهم تغيرت نتيجة الأوضاع فى المنطقة واستهداف جماعة الحوثى لأهداف داخل دول الخليج، ففى عام 2019، تم الهجوم على مصفاة نفط سعودية، مما أدى إلى خفض إمدادات النفط العالمية مؤقتًا بنسبة 6٪، والتزمت واشنطن عدم التورط أو الرد العسكرى، وصدمت إدارة ترامب قادة المنطقة، الذين اعتمدت استراتيجيتهم الأمنية لفترة طويلة على الضمانات الأمريكية، كما خَيَّبت الولايات المتحدة، آمال قادة الخليج برد فعل محدود على هجوم شنه الحوثيون، وهم ميليشيا مدعومة من إيران، على أبو ظبى عام 2022، وذَكَّرت هذه الحوادث دول الخليج، بأنها ستكون الهدف الأول لإيران فى حرب إقليمية وأنها ستكون بمفردها إلى حد كبير، وبينما تبدو إسرائيل حريصة على أن تهاجم الولايات المتحدة إيران، تبرز دول الخليج ككتلة مناهضة للحرب.
وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، انخرطت الرياض فى تقارب هادئ مع إيران بوساطة صينية، واستأنفت الدبلوماسية وحاولت منع التصعيد الإقليمي.
وتغيرت المعادلة فى المنطقة بعد تمكن إسرائيل من تدمير والنيل من قدرات حزب الله مما أثَّر بالسلب على الدور الإيرانى بالمنطقة، فى ظل قناعة لدى دول الخليج بخطوة التصعيد وتحول الأمر إلى مواجهة عسكرية ونقل الحرب إلى طهران بمشاركة أمريكية. لطالما كان ترامب، على الرغم من خطابه العدوانى وتصعيداته العسكرية، مُتشككًا بشدة فى الدخول فى حرب كبرى أخرى بالشرق الأوسط، فلقد تخلص من معظم صقور إيران من إدارته الأولى، ومنح مبعوثًا تفويضًا للتفاوض على اتفاق نووى جديد مع طهران، ولأن مثل هذه الاتفاقات تتطلب عملًا شاقًا وكثيرًا من الصبر، فمن غير المرجح أن تنجح إدارة ترامب فى إبرامها، وقد دعا بعض مسئولى إدارة ترامب إلى إنهاء تخصيب اليورانيوم الإيرانى تمامًا، وهو موقف من شأنه أن يضمن عمليًا انهيار المحادثات، وإذا فشلت المفاوضات، فقد يُمهِّد ذلك الطريق لصراع يدعى ترامب أنه لا يريده، لكن ترامب تَمَسَّك حتى الآن بالدبلوماسية، حتى فى ظل الاعتراضات الإسرائيلية، ومن شأن اتفاق إيرانى جديد أن يقطع شوطًا طويلًا نحو استقرار المنطقة وتقليل خطر الحرب، وقد يفسر ذلك حالة الترقب الذى تعيشه طهران لنتائج الجولة وهل ستكون عاملًا مساعدًا فى إقناع إدارة ترامب بالوصول إلى اتفاق يضمن استقرار المنطقة، أم تؤدى إلى ممارسة واشنطن مزيدًا من الضغوط عليها استثمارًا للشراكة الاستراتيجية مع دول الخليج.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.