زمان كانت أقصى جريمة يمكن أن يرتكبها طفل دون ال18 سنة، هى أن يسرق، أو أن يتسول، أو حتى يضرب زميله فى الفصل، زمان كانت جرائم الأحداث بها مسحة من البراءة والطيش. أما اليوم فقد أصبح الأطفال والمراهقون أكثر وعيًا ودراية من البالغين بكل شىء نتيجة التطور الإلكترونى الرهيب فى وسائل التواصل الاجتماعى وانتشار الألعاب الإلكترونية التى تقوم بدور إبليس نيابة عنه. وعندما تصل الأمور الى أن يدبر ثلاثة أطفال جريمة قتل زميلهم ويتفننون فى إخفاء الجثة فهذه كارثة، وعندما يتفق تلميذان فى المرحلة الإعدادية على استدراج زميلتهما التلميذة الصغيرة واغتصابها فى الحقول، ويقوم حدث آخر بهتك عرض كلب فى الشارع، وفى أبريل 2024، عندما تم العثور على جثة طفل يبلغ من العمر 15 عامًا فى شقة بالقاهرة، وقد تم استئصال بعض أعضائه. أظهرت التحقيقات أن الجريمة دبرها طفل آخر يقيم فى الكويت، حيث طلب من القاتل أن يختار طفلاً لقتله واستئصال أعضائه مقابل مبلغ مالى كبير لأنه ينفذ تعليمات لعبة شبه الفيل الأزرق ! هذه الحوادث المفزعة وغيرها الكثير تشير إلى أنه، لابد من إعادة النظر فى قانون عقوبات الأحداث، فليس من المنطقى أن يتم تصنيف مجرم قادر على الاغتصاب والقتل على أنه طفل لأنه لم يكمل 18 عامًا، ولابد من خفض سن الحدث ليعاقب بعقوبة تليق بفداحة الجرم الذى ارتكبه، فالمراهق القادر على قيادة سيارة بسرعة جنونية فى الشوارع وقتل الأبرياء دون خوف من العقاب لا يمكن اعتباره طفلًا، ومن غير الإنصاف أن يتم معاقبته بعقوبة مخففة واتخاذ تعهدات على ولى أمره، كذلك المراهق القادر على التخطيط لقتل زميله أو اغتصاب طفله لا يمكن اعتباره طفلًا يستحق عقوبات مخففة، لأنه أتى أفعالًا يفعلها البالغون وتتجاوز أفكار الطفولة بمراحل.. ونحن على أبواب انتخابات برلمانية وشيكة فإننا نطالب المشرع بضرورة إعادة النظر فى عقوبات جرائم الأحداث، وضرورة تعديل سن الحدث حماية للأبرياء، وتحقيقًا للعدالة والحفاظ على السلم الاجتماعى وأمان المجتمع، حتى لا نرى تنظيمات إجرامية شديدة الخطورة تستغل العقوبات المخففة لمن دون ال18 عامًا، وتجندهم لارتكاب جرائم أكثر بشاعة تهدد المجتمع كله.