صراع على النفوذ بين تركيا وإسرائيل في سوريا؛ فبعد أن حلت تركيا محل النفوذ الإيراني في سوريا باتت تل أبيب تنظر بقلق لهذا النفوذ، وتراقب تنامي النفوذ العسكري التركي في سوريا، حتى باتت تعتبره تهديدا محتملا سيقوض حرية عملياتها، خاصة أن أنقرة تريد إنشاء قاعدة عسكرية لها في سوريا، ما اعتبرته تل أبيب تهديدا بديلا للتهديد الإيراني. اقرأ أيضا: غزة والحوثيون ونووي إيران.. أبرز الملفات خلال زيارة ترامب للمنطقة الوجودُ الإسرائيلي في سوريا إحدى أكثر القضايا حساسية وتعقيدا في المنطقة خاصة بعد أن استغلت سقوطَ نظام بشار الأسد وانتهكت اتفاق فض الاشتباك مع سوريا وتوسعت في الجولان بل سيطرت على جبل الشيخ وضمت قرى درزية عديدة تحت سيادتها. الصراع التركي الإسرائيلي على كعكة سوريا؛ عُقدت له عدة جولات تفاوض فشلت معظمها وجرى التوصل لتفاهم مؤقت في نهايتها، لكن تعتبر استراحة محارب وهدنة لالتقاط الأنفاس حتى تعود الدولتان التوسعيتان للصراع من جديد. قال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، إنه تم إنشاء آلية لخفض التوتر على مستوى معين، بين إسرائيل وتركيا في سوريا، وذلك في رده على سؤال يتعلق بالمحادثات المتعلقة بآلية منع الاشتباك مع إسرائيل. وعقدت جولة مفاوضات بين أنقرة وتل أبيب في العاصمة الأذربيجانية باكو، في 8 من مايو/أيار، تركزت حول التوتر بين الطرفين بشأن الدور التركي المتزايد في سوريا. وأشار فيدان، خلال مقابلة تلفزيونية مع قناة "24 TV" التركية، نشرت مساء الجمعة 9 من مايو/ أيار، إلى إنشاء آلية لخفض التوتر على مستوى معين، مبينًا أن هكذا "خطوة تعد أحد الأساليب الدبلوماسية المتبعة في مثل هذه الحالات". ولم يكشف الوزير التركي، عن طبيعة هذه الآلية، أو كيفية عملها. وأضاف، "يجب أولًا قطع أطول مسافة ممكنة عبر الحوار، دون التسرع في الانتقال إلى جهود أخرى قبل أوانها". كما لفت الوزير التركي إلى "توسع إقليمي" ملحوظ لإسرائيل، مؤكدًا أن "عودة سوريا إلى حالة غياب الاستقرار ستمثل مشكلة كبيرة"، وأن تركيا "لا يمكنها أن تقف مكتوفة الأيدي تجاه ذلك". في السياق، كشف فيدان أن بلاده تنخرط في مشاورات معينة مع الإدارة السورية الجديدة، مبينًا أن تركيا تولي أهمية لوحدة الأراضي السورية. وعقدت، الخميس الماضي، محادثات بين تركيا وإسرائيل في العاصمة باكو، بوساطة من الحكومة الأذربيجانية، بحسب ما أفادت به هيئة البث الإسرائيلية. ووفقًا للتقرير، عرضت إسرائيل خلال المحادثات مطلبين رئيسيين: الأول، ضمان عدم وجود أي قوة عسكرية تهدد أمنها قرب الحدود مع سوريا، والثاني، التأكيد على خلو سوريا من أسلحة استراتيجية يمكن أن تشكل تهديدًا مباشرًا لإسرائيل. وتتمتع أذربيجان بعلاقات أمنية واسعة مع إسرائيل، وتضطلع بدور الوسيط في المحادثات بين تل أبيب وأنقرة بشأن الملف السوري. وقبل يومين، كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، أن الجيش الإسرائيلي ضاعف وجوده في مرتفعات الجولان والمنطقة العازلة مع سوريا، مع إجرائه محادثات مع أنقرة لتنسيق النشاط العسكري في سوريا. وأفادت مصادر إعلامية إسرائيلية بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يجري مشاورات أمنية لمناقشة المخاوف بشأن النفوذ التركي في سوريا، وأنه يحاول تصوير المواجهة مع أنقرة على أنها حتمية. ووفقا لموقع (والا)، فقد أفادت مصادر أمنية بأن اتصالات سورية تركية تجري بشأن تسليم مناطق قرب تدمر (وسط سوريا وتعد منطقة أثرية) للجيش التركي، مقابل دعم اقتصادي وعسكري لدمشق. كما أضاف الموقع أن التحركات التركية المحتملة في تدمر وسط سوريا، تثير قلقا إسرائيليا كبيرا، لافتة في الوقت نفسه، إلى أن النظام السوري الجديد يحاول ترميم قواعد عسكرية وقدرات صاروخية ودفاعية في الجنوب قريبا من إسرائيل. كما ذكرت القناة 12 العبرية، أن نتنياهو، من خلال مستشاريه، يحث وسائل الإعلام الإسرائيلية على تأكيد أن المواجهة مع تركيا على الأراضي السورية أمر لا مفر منه. وتجدر الإشارة إلى أن تقريرا حديثا للجنة حكومية إسرائيلية أوصى نتنياهو بالاستعداد لحرب محتملة مع تركيا، في ظل مخاوف تل أبيب المتزايدة من تحالف أنقرة مع حكومة دمشق بعد سقوط نظام بشار الأسد. وأفادت صحيفة جيروزاليم بوست بأن لجنة "فحص ميزانية الأمن وبناء القوة، المعروفة بلجنة ناغل، على اسم رئيسها يعقوب ناغل، نبهت في تقريرها لنتنياهو في يناير الماضي، إلى خطر التحالف السوري - التركي، الذي ربما يخلق تهديدا جديدا كبيرا لأمن إسرائيل، وقد يتطور إلى شيء أكثر خطورة من التهديد الإيراني. وخلصت اللجنة إلى أنه على إسرائيل أن تستعد لمواجهة مباشرة مع تركيا في ضوء التوترات المحتملة، بسبب ما وصفتها بطموحات تركيا لاستعادة نفوذها العثماني. وطالب نتنياهو، في فبراير، بجعل جنوبسوريا منزوع السلاح بشكل كامل، محذرا من أن حكومته لن تقبل بوجود القوات الأمنية التابعة للسلطات الجديدة في سوريا قرب حدودها. وكانت أربعة مصادر كشفت لرويترز أن تركيا تفقدت ثلاث قواعد جوية على الأقل في سوريا قد تنشر قواتها فيها كجزء من اتفاق دفاع مشترك مزمع قبل أن تقصفها إسرائيل بضربات جوية. وبحسب قناة "العربية" أوضح مصدران عسكريان سوريان ومصدر سوري آخر مطلع، أن الفرق العسكرية التركية زارت في الأسابيع القليلة الماضية قاعدة "تي4"، وقاعدة تدمر الجوية بمحافظة حمص السورية والمطار الرئيسي في محافظة حماة. يذكر أن أنقرة تعد من أكبر الداعمين للسلطة الجديدة في سوريا، التي تسلمت الحكم بعد الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد في ديسمبر، عقب حرب أهلية استمرت قرابة 14 عاما، ما يثير قلق إسرائيل.