«إسكان النواب» تستمع لمستأجري الإيجار القديم اليوم.. ووزير الأوقاف السابق يوضح موقفه من القانون    تراجع أسعار الذهب اليوم الاثنين 12 مايو في بداية التعاملات    تراجعت 3 جنيهات، اسعار الدواجن اليوم الإثنين 12-5-2025 في الفيوم    حقيقة تعاطي قادة أوروبا الكوكايين خلال عودتهم من أوكرانيا    برلماني أوكراني يشير إلى السبب الحقيقي وراء الإنذار الغربي لروسيا    مباشر.. القناة الناقلة لمباراة الأهلي والزمالك اليوم في السوبر الإفريقي لكرة اليد    جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة: الهلال والنصر.. مصر وغانا في أمم إفريقيا للشباب    الحماية المدنية بالغربية تسيطر على حريق هائل بتشوينات القمح ببسيون    موعد صرف مرتبات شهر مايو 2025 وقيمة الحد الأدنى للأجور    جريمة زوجية وجثة حسناء في سهرة حمراء وانتقام للشرف.. أكتوبر على صفيح ساخن    أسعار سبائك الذهب 2025 بعد الانخفاض.. «سبيكة 10 جرام ب 54.851 جنيه»    أغنية مش مجرد حب لرامي جمال تقترب من تحقيق مليون مشاهدة (فيديو)    المطورين العقاريين: القطاع العقاري يُمثل من 25 إلى 30% من الناتج القومي    ما شروط وجوب الحج؟.. مركز الأزهر للفتوى يوضح    تزامنا مع زيارة ترامب.. تركيب الأعلام السعودية والأمريكية بشوارع الرياض    أمن الإسماعيلية: تكثيف الجهود لكشف لغز اختفاء فتاتين    زلزال بقوة 5.5 درجات يضرب جنوب غربي الصين    لبنى عبد العزيز لجمهورها: الحياة جميلة عيش اليوم بيومه وماتفكرش فى بكرة    يارا السكري ترد على شائعة زواجها من أحمد العوضي (فيديو)    المجلس الوطني الفلسطيني: قرار الاحتلال استئناف تسوية الأراضي في الضفة يرسخ الاستعمار    حكم اخراج المال بدلا من شراء الأضاحي.. الإفتاء تجيب    أمريكا تعلق واردات الماشية الحية من المكسيك بسبب الدودة الحلزونية    وفري في الميزانية واصنعيه في البيت، طريقة عمل السينابون    أصالة تدافع عن بوسي شلبي في أزمتها: "بحبك صديقتي اللي ما في منك وبأخلاقك"    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الاثنين 12 مايو    مدير الشباب والرياضة بالقليوبية يهنئ الفائزين بانتخابات برلمان طلائع مصر 2025    حقيقة وفاة الدكتور نصر فريد واصل مفتي الجمهورية الأسبق    جيش الاحتلال ينفذ عمليات نسف كبيرة فى رفح الفلسطينية جنوبى قطاع غزة    من أجل تدعيم صفوفة قبل المونديال.. الأهلي يفاضل بين شكري وتوفيق محمد لدعم الجبهة اليسرى    المهندس أحمد عز رئيسا للاتحاد العربى للحديد والصلب    خاص| سلطان الشن يكشف عن موعد طرح أغنية حودة بندق "البعد اذاني"    عمرو سلامة عن مسلسل «برستيج»: «أكتر تجربة حسيت فيها بالتحدي والمتعة»    عمرو سلامة: «اتحبست في دور المثير للجدل ومش فاهم السبب»    ترامب: سأعلن عن خبر هو الأهم والأكثر تأثيرا على الإطلاق    حبس وغرامة تصل ل 100 ألف جنيه.. من لهم الحق في الفتوى الشرعية بالقانون الجديد؟    تكليف «عمرو مصطفى» للقيام بأعمال رئيس مدينة صان الحجر القبلية بالشرقية    ملخص أهداف مباراة الاتحاد والفيحاء في دوري روشن السعودي    عاجل- قرار ناري من ترامب: تخفيض أسعار الأدوية حتى 80% يبدأ اليوم الإثنين    تبدأ في هذا الموعد.. جدول امتحانات الصف الأول الثانوي بمحافظة أسوان 2025 (رسميًا)    وزيرا خارجية الأردن والإمارات يؤكدان استمرار التشاور والتنسيق إزاء تطورات الأوضاع بالمنطقة    ندوة "العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في فتاوى دار الإفتاء المصرية" بالمركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي    مشاجرة عائلية بسوهاج تسفر عن إصابتين وضبط سلاح أبيض    حريق محدود في مطبخ شقة سكنية بساقلتة دون إصابات    3 أبراج «مكفيين نفسهم».. منظمون يجيدون التخطيط و«بيصرفوا بعقل»    «انخفاض مفاجئ».. بيان عاجل بشأن حالة الطقس: كتلة هوائية قادمة من شرق أوروبا    عاصفة ترابية مفاجئة تضرب المنيا والمحافظة ترفع حالة الطوارئ لمواجهة الطقس السيئ    بسبب ذهب مسروق.. فك لغز جثة «بحر يوسف»: زميله أنهى حياته ب15 طعنة    عاد إلى إفريقيا.. الوداد يحسم مشاركته في الكونفدرالية بفوز في الجولة الأخيرة    نجم الزمالك السابق: تعيين الرمادي لا يسئ لمدربي الأبيض    مع عودة الصيف.. مشروبات صيفية ل حرق دهون البطن    حسام المندوه: لبيب بحاجة للراحة بنصيحة الأطباء.. والضغط النفسي كبير على المجلس    خبر في الجول - جاهزية محمد صبحي لمواجهة بيراميدز    مواعيد عمل البنك الأهلى المصرى اليوم الاثنين 12 مايو 2025    الاعتماد والرقابة الصحية: القيادة السياسية تضع تطوير القطاع الصحي بسيناء ضمن أولوياتها    هل هناك حياة أخرى بعد الموت والحساب؟.. أمين الفتوى يُجيب    جامعة بنها تطلق أول مهرجان لتحالف جامعات القاهرة الكبرى للفنون الشعبية (صور)    الإفتاء توضح كيف يكون قصر الصلاة في الحج    هل يجبُ عليَّ الحجُّ بمجرد استطاعتي، أم يجوزُ لي تأجيلُه؟.. الأزهر للفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وكيل مكافحة المخدرات الأسبق: سوق المخدرات تطور خلال ال30 سنة الأخيرة

المتابع لخريطة انتشار المخدرات في الثلاثين عاما الأخيرة، يلاحظ أن ثمة تطورا كبيرا قد طرأ على مجال المكافحة، خاصة وأنه طوال هذه الفترة تعاقب على سوق المخدرات العديد من الأنواع، المنزرعة منها والمستحدثة والمصنعة، والتي بدأت بزراعة الأفيون، وبعد انحسار انتشاره بفضل جهود رجال المكافحة، اتجه البعض إلى التجارة في الحشيش، ومن بعده الهيروين والكوكايين، وبعد الألفينيات ظهرت المخدرات التخليقية، كالاستروكس والشابو والفودو وغيرها.
هذا الانتشار تزامن معه تطور كبير في آليات وأدوات مكافحة المخدرات، وأصبح الجهاز الشرطي المتخصص في مكافحة المخدرات من أكثر الأجهزة تطورًا في الشرق الأوسط وشمال افريقيا، وتخرج فيه كوادر وخبراء استطاعوا أن يحققوا نجاحات يشهد لها القاصي والداني.
واحد من أهم خبراء المكافحة في مصر هو اللواء وليد السيسي، وكيل الإدارة العامة لمكافحة المخدرات الأسبق، ومساعد وزير الداخلية مدير الإدارة العامة لمكافحة الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر السابق،الذي خدم في جهاز مكافحة المخدرات أكثر من 30 عاما، استطاع فيها أن يكون ضابطًا من المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة والتضحية، وعلى مدار هذه الفترة الطويلة، مر بالعديد من المنعطفات الخطيرة في مجال المكافحة، ولديه مخزون قوي من الوقائع، وتفاصيل تعرف لأول مرة، عن كيفية تتبع تجار المخدرات والقبض عليهم، وعن خريطة انتشار المخدرات وأماكن توزيعها، وهو ما نعرفه في السطور التالية، وإلى نص الحوار.
*ما أبرز القضايا التي عملت عليها خلال مسيرتك في مكافحة المخدرات؟
امتدت مسيرتي في مكافحة المخدرات من عام 1990 وحتى 2022، تدرجت خلالها في العديد من المناصب داخل المكافحة حتى وصلت إلى درجة وكيل الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، وخلال هذه الفترة الطويلة عملت على الكثير من الوقائع التي يصعب حصرها على وجه الدقة، لأنها كانت فترة تمر بالعديد من المنعطفات الخطيرة في مجال المكافحة عموما، أبرزها أنه في الثمانينيات وعقد التسعينيات انتشر إلى حد كبير الأفيون، وهو ما استدعى جهدًا ضخمًا من كل العناصر الأمنية وفي القلب منها منظومة المكافحة، حتى يتم التصدي لمثل هذه التجارة التي أصبحت في أوج خطورتها، وبالفعل تكللت مجهوداتنا وتمكنا من ضبط آلاف الضبطيات المخدرة والمتهمين فيها.
والحقيقة أن هذه الفترة كانت خطرة جدا، لأنه بالتزامن مع انتشار الأفيون كانت هناك محاولات كثيفة لزراعة الحشيش في عدة مناطق معينة، في الوجه القبلي وفي سيناء، وكانت فترة مليئة بالقضايا المهمة جدا.
ثم زاد الخطر أكثر بعد الألفينيات، وتحديدا عندما بدأت تنتشر أنواع مختلفة من المخدرات، وهي المخدرات التخليقية، مثل الاستروكس والشابو والشادو والحشيش الصناعي والفودو،وغيرها من المخدرات المستحدثة، والتي انتشرت بسرعة كبيرة في الأوساط الشبابية، وكانت تتسبب في تدمير مستقبلهم.
الأمر الذي استدعى بذل المزيد من الجهد للسيطرة عليها وضبط القائمين على هذه التجارة، خاصة وأن أجهزة الرصد كانت تعي تمامًا أن هذه المحاولات كان وراؤها العديد من عصابات المافيا العالمية، التي كانت تبذل كل ما في وسعها لإغراق السوق المصرية بكل هذه المخدرات، حتى المصنع كيمياويًا منها، كالأقراص، مثل سيكونال الصوديوم "الفراولة"، وهابي مول "أبو صليبة"، والترامادول وحاليا الكبتاجون، وغيرها، كلها أقراص مخدرة يتم استيرادها من خارج البلاد لاستهداف الشباب المصري، وهو ما يتطلب من كل الأجهزة المعنية في وزارة الداخلية اليقظة المستمرة والتصدي لمثل هذه المحاولات التي من شأنها هدم البلاد وزعزعة استقرارها، عن طريق تغييب الوعي للشباب.
ولازالت مدرسة المكافحة المصرية العتيدة والمليئة بالكوادر مستمرة في التصدي لمثل هذه المحاولات، وضرب أعظم الأمثلة في التفاني والإخلاص والتضحية لمكافحة انتشار هذه المخدرات وضبط القائمين عليها.
المخدرات التخليقية
*كيف يتم التخطيط لعمليات الإيقاع بتجار المخدرات الكبار؟
القبض على كبار تجار المخدرات يحتاج إلى عمل دقيق جدا، ويحتاج أيضا إلى توخي أعلى درجات الحذر والصبر، بالإضافة إلى التنسيق الشديد، ومن أولى أساسيات العمل في مجال المكافحة أن كبار تجار المخدرات لابد أن يتم رصد تحركاتهم كافة، وأن لا يغيبوا مطلقًا عن أعين الأجهزة الأمنية، وأن يظلوا تحت المراقبة والرصد حال وجودهم خارج السجن، وهو ما يتطلب من كل رجال المكافحة المزيد من العمل على تجنيد العديد من المصادر السرية وعمل التحريات المستمرة، وتحليل البيانات تحليلا دقيقًا وعلى مدار الساعة، يكفي أن تاجر المخدرات الذي يتم رصده، لو تبين أنه خارج البلاد حتى لو من أجل قضاء مناسك العمرة، ندرك وقتها أنه يتم التحضير لدخول شحنة مخدرات داخل البلاد.
هذا مثال يوضح الدرجة العالية من الرصد والمتابعة والتحري التي عليها رجال مكافحة المخدرات، ويتم التنسيق على أعلى مستوى بين مكافحة المخدرات وكافة القطاعات المعنية في وزارة الداخلية، كالأمن العام والأمن الوطني والأمن المركزي، ووضع خطط على أعلى مستوى من الاحترافية والسرية والدقة للإيقاع بهؤلاء الخارجين عن القانون وضبطهم متلبسين بجريمتهم.
ونحن في المكافحة نعي تماما وندرك أن سقوط التاجر الكبير يختلف تمامًا عن سقوط أي تاجر صغير أو موزع، لأن التاجر الكبير سقوطه يؤثر بشكل مباشرعلى سوق المخدرات، "تحبس تاجر كبير ولا 100 تاجر صغير"، ولا يمكن إغفال دور النيابة العامة المهم والدعم الكامل في رصد تحركات رجال المخدرات حتى القبض عليهم.
*ما أكثر أنواع المخدرات انتشارًا حاليًا، وما أسباب ذلك؟
للأسف، المخدرات التخليقية هي الأكثر انتشارًا في الوقت الحالي كالاستروكس والشابو والحشيش الصناعي، وذلك لعدة أسباب، أولا لأن سعرها أقل بكثير من أنواع أخرى من المخدرات كالهيروين والكوكايين والأفيون وخلافه، الأمر الثاني سهولة تصنيعها، فهي عبارةعن خلط مواد كيميائية على نبات عشبي، فتظهر هذه الأنواع من المخدرات، والأمر التصنيعي الذي أدخل على هذه المخدرات جعلها "مغشوشة"، تختلف من مكان لآخر في كيفية تصنيعها وطبيعة المواد المستخدمة فيها، وهو ما يضاعف ضررها، يعني بالبلدي كدا "مخدرات ومغشوشة".
بالإضافة إلى أن الترويج لهذه الأنواع من المخدرات فيها سهولة لم تكن موجودة من قبل، مثلا في الماضي لو أن أي مخدر ظهر نستطيع تحديد من السبب في انتشاره خاصة في الأحياء الشعبية، على عكس ما يحدث الآن، حيث يروج للمخدرات عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي والإنترنت وطرق أخرى كثيرة، وبالتالي هناك حالة من حالات الصعوبة في الرصد، وصعوبة في تحديد التاجر، الأمر الذي يجعل من الضرورة تكليف العديد من المصادر السرية والاستعانة المستمرة والكثيرة بمواقع التواصل الاجتماعي وتكنولوجيا المعلومات وكيفية مهامها وسبل تتبع ورصد أصحاب الحسابات المشتبه فيهم، حتى يتسنى الوصول إليهم وكشف طرق ترويج هذه المخدرات.
يتبقى أن أشير في هذه الجزئية تحديدًا أن ما يزكي انتشار المخدرات التخليقية بالصورة التي عليها الآن، هي اعتقاد بعض الشباب أنها لا تسبب إدمانًا كالمخدرات الأخرى التقليدية، وهو اعتقاد خاطئ جملة وتفصيلا، فالمخدرات التخليقية المستحدثة أخطر ما تكون، وتسبب الإدمان بشدة، وأضرارها مضاعفة عن المخدرات التقليدية فهي تسبب الهلوسة وتليف في خلايا المخ، وهنا لابد أن أنوه إلى أن المخدرات التخليقية ليست ساحة للتجربة، ولابد أن ندرك أن خطرها فادح، وضررها أعمق، وتعاطيها يهلك شبابنا ويؤدي بهم إلى التهلكة.
الدور التكنولوجي
*هل من الممكن أن توضح لي دور التكنولوجيا في رصد وكشف أساليب تهريب تجارة المخدرات؟
التكنولوجيا حاليا أصبح لها دورا مهما في رصد وكشف تجار المخدرات، وأساليب التهريب، فالمسألة هنا أصبحت شديدة التعقيد، خاصة وأن تجار المخدرات أصبحوا يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي المشفرة والإنترنت المظلم Dark Wep، وبالتالي كان لزاما علينا تطوير كافة أدواتنا التكنولوجية والتقنية حتى أسبقه، والكثير جدا من قضايا المخدرات في الفترة الأخيرة رصدت وتتبع المتهمون فيها من خلال هذه المواقع ونجح القطاع بالفعل في ضبط الكثير منهم، وعليه جهاز المكافحة يحدث نفسه تقنيا بشكل آلي ولحظي حتى يواكب السوق الجديد من تجارة المخدرات الإلكترونية.
لا يفوتني هنا أن أشير إلى عمليات إدخال المخدرات من خارج البلاد للداخل هي عمليات شديدة التعقيد، وأساليب مختلفة، وبالتالي مع رجال المكافحة في الموانئ والمطارات أحدث أجهزة كشف المخدرات.
*ما هى أكبر التحديات التي تواجهها الإدارة العامة لمكافحة المخدرات في التصدي لعصابات المخدرات؟
كما أشرت سابقا، تطور أساليب التهريب، بات من أكثر التحديات التي تواجه قطاع مكافحة المخدرات، ليس في مصر وحدها بل في العالم كله، وهذا التطور سوف يظل تحديًا كبيرًا، وفي تصوري أنه لن ينتهى، لذلك عملية التطوير والتحديث لابد أن تستمر ولا تتوقف لحظة، فتطور طرق التهريب تتم بشكل يومي، وعلى الجانب الآخر لابد أن تكون عملية التطوير داخل أنظمة مكافحة المخدرات مستمرة، يكفي أن أشير في هذا الصدد أنه في الماضي كان مفهوم العصابات المنظمة واضحا ومعروف آلياته، حاليً الأمر أصبح في غاية التعقيد، وتحول مفهوم العصابات المنظمة إلى خارج البلاد، ولها هيكل قوي، وشبكة علاقات كبير وممتدة ومتشعبة ومعقدة.
أيضا من ضمن التحديات التي تواجه قطاع المكافحة انتشار المخدرات التخليقية، والتي أصبح رصدها وتتبع القائمين عليها في غاية الصعوبة، وفي يقيني أن كل هذه التحديات يتم التعامل معها بشكل ناجح، لكن أكثر التحديات التي تواجه المنظومة الأمنية لمكافحة المخدرات قلة الوعي عند بعض الشباب وتوجههم للإدمان، وضعف معرفة الشباب بخطورة تجربة المخدرات، وعدم الإدراك الحقيقي لمشكلة وخطورة الإدمان، وهذا هو أهم تحدي يواجه ضابط المكافحة بشكل عام.
*هل هناك مناطق أو شبكات معينة تُعد بؤر رئيسية لتجارة المخدرات في مصر؟
مسمى البؤرة، يشير إلى أنها منطقة بعيدة عن أيدي ضباط المكافحة ولا يستطيعون الوصول إليها، وهو ما لا يمكن أن يحدث على الإطلاق، وليست هناك منطقة في مصر تعد بؤرة لتجارة المخدرات، حتى أكثر الأماكن التي تنتشر فيها المخدرات، الأماكن الشعبية مثلا، لا نستطيع أن نقول عنها بؤرة، لأن جهاز المكافحة يرصد كل من فيها وكل من لهم علاقة بهذه التجارة الآثمة، ويكشف ويلقي القبض على أغلبهم، وبالتالي جهاز المكافحة ورجال الداخلية أيديهم تطول كل من يخالف القانون ويتاجر في المخدرات أيًا كان موقعه.
وحتى عندما يتم القول إن مناطق في الجبال أو جزر داخل النيل أو بعض الأماكن الشعبية تعد بؤر لتجارة المخدرات، يكون هذا الكلام مختلف تماما عن الواقع بشكل كامل، ولعل أبرز الأمثلة الواضحة على ذلك جزيرة النخيلة مثلا، عندما قالوا عنها بؤرة النخلية، أو بؤرة العفادرة في أسيوط، أو بؤرة كوم السمن والجعافرة في القليوبية، وهي أماكن قيل فيها إنها بعيدة عن قبضة رجال الأمن، وفي النهاية لم يكونوا بعيدين عن قبضة الداخلية، وكلنا نعي ونعلم تماما كيف كانت نهاية كل من تاجر في السموم في هذه المناطق.
*كيف يتم التعامل مع الأساليب الجديدة التي يستخدمها تجار المخدرات ظنًا أنهم بعيدين عن أيدى رجال إنفاذ القانون؟!
جهاز المكافحة لديه معهد تدريب إقليمي ويعد الأقوى على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في كيفية مكافحة المخدرات وضبط المهربين وكشف طرق التهريب والقائمين عليها، ويعتمد معهد التدريب على أهم وسائل التكنولوجيا المستحدثة في ذات الشأن، وله تاريخ طويل من النجاحات العظيمة، ويأتي إليه سنويا من جميع جنسيات العالم العديد من الدارسين ليتم تدريبهم على أساليب المكافحة، وطرق التحقيقات والاستجواب والمراقبة، وبالتالي معهد تدريب قطاع مكافحة المخدرات هو أعلى وأقوى معهد تدريب في هذا التخصص، وسبق له أن تخرج فيه العديد والعديد من الكوادر التي تم الاعتماد عليها في مجال المكافحة، والتي لها نجاحات عظيمة تدرس حاليا للطلبة في المعهد.
ويكفي القول إن أي أسلوب جديد يتبعه تجار المخدرات هو أسلوب معروف لجهاز المكافحة، فجهاز المكافحة لديه من المرونة والقدرة والتكيف على تحليل هذا الأسلوب وكشفه، حتى التجار الذين تم القبض عليهم، يتم دراسة الأخطاء التي وقعوا فيها التجار حتى توقع بالتصرفات المستقبلية لغيرهم، والتنبوء بما قد يقدموا عليه لهروبهم، أو إتمام عمليات التهريب التي يقومون بها، حتى نكون قد سبقناهم بخطوات، ويُلقى القبض عليهم متلبسين لتقديمهم إلى العدالة.
شبكات التهريب الدولية
*كيف يكون التعاون الدولي في ضبط شبكات التهريب الكبرى؟
مصر تتعاون بشكل شبه كامل مع كافة دول العالم في مجال المكافحة، خاصة وأن مصر دولة ليست منتجة للمخدرات، بل دولة إما مستهلكة أو ترانزيت، وفي الحالتين كل دول العالم تطلب التعاون مع جهاز مكافحة المخدرات المصري، فالقوة التي عليها جهاز المكافحة المصري أجبرت جميع أجهزة المكافحة في المنطقة وعالميا على التعاون، وأذكر هنا تحديدا وقت أن كنت ضابطا صغيرًا في جهاز المكافحة، أننا كنا نضبط كميات كبيرة من المواد المخدرة في ألمانيا وأمريكا، ودول غيرها نعدها من الدول القوية جدا تكنولوجيا وفنيًا وأمنيًا.
ومن أساسيات مجال المكافحة أنه ليست هناك دولة تستطيع أن تواجه طوفان تجارة المخدرات بمفردها، لذلك هناك اتفاقيات وبروتوكولات تعاون بين مصر ومعظم دول العالم في مجال مكافحة المخدرات، هناك تبادل للمعلومات الاستخباراتية وهناك تنفيذ لعمليات مشتركة بين الدول وبعضها البعض، وهذا التعاون مهم جدا لضبط الشبكات التي لها أذرع في عدة دول، وفي الكثير من الوقائع العالمية لتجارة المخدرات تجد المنتج في دولة، والوسيط في دولة أخرى، والناقل في دولة ثالثة، وبالتالي من ضروريات مجال المكافحة التعاون بين الدول، وسنويا يكشف عن عشرات التشكيلات الدولية التي جرى ضبطهم بالتعاون بين الدول، وكشف هذه التشكيلات هو صلب عمل المكافحة في المقام الأول، لأنها تؤثر على سوق المخدرات، وتضربه في مقتل، وعليه، فجهاز مكافحة المخدرات له سمعة دولية مرموقة ومحترمة جدا.
*كيف ترى تأثير الإدمان على الشباب؟
لولا يقظة رجال جهاز مكافحة المخدرات وجهودهم المستمرة، لأصبح تأثير الإدمان على الشباب المصري كارثيا بكل المقاييس، بغض النظر عن إحصائيات وأرقام المدمنين أو ما ينشر عنهم من تحليلات أو استقصاءات الرأي، خاصة وأن الدولة المصرية أغلب مواطنيها من الشباب.
فالإدمان يفقد الشباب هويتهم، يجعلهم غير قادرين على العمل، على الدراسة، على الإنتاج، ويجرهم جرا نحو التهلكة والإجرام والبلطجة والقتل والسرقة، وارتكاب كل ما هو مخالف للشرع وللقانون، يشتت الأسر ويفرقها، ويزيد من العنف والجريمة والتفكك الأسري، ويشكل عبئًا اقتصاديًا كبيرًا على الدولة، وغيرها من الأمور التي تحدث بسبب الإدمان، والتي يصعب حصرها، الإدمان يسرق أغلى ما نملك، وهم شباب هذه البلد، فأنا أعرف شباب في مناصب واعدة ضاعوا، وشباب في الجامعات أمامهم المستقبل سقطوا، وبيوت جميلة تهدمت أمام عيني، بسبب الإدمان، رأيت العديد والعديد من النماذج التي دعتني للخوف على شباب هذا البلد.
*كيف ترى دور الأسرة في حماية الأبناء من خطر الإدمان؟
دور الأسرة هو الدور المحوري والمهم في مكافحة المخدرات والإدمان بكافة أشكاله، بغض النظر عن جهاز المكافحة القوي، بغض النظر عن مؤسسات الدولة، بغض النظر عن أي شيء، الأسرة هي الأهم في هذه المشكلة تحديدا، التوعية المبكرة بمخاطر الإدمان وأضراره مسئولية الأسرة، حتى المدرسة لا تستطيع أن تقوم بدور الأسرة، قد لا يسمع التلميذ من مدرسه، ولكن يسمع من والده ووالدته، تصرفات الأب والأم مهمة جدا أمام أطفالهم، دور الأب والأم لا يمكن تغافله ولا التغاضي عنه، الأسرة هي حجر الأساس الأول للنجاة من الإدمان، وبدونها يفقد الأساس متانته، ويسقط الشباب أسفل أنقاض التعاطي.
ومن غير المقبول أن لا تكون هناك لغة حوار بين الأب والأم مع أطفالهم في هذا الموضوع تحديدا تحت حجة "مش عايز افتح عنيهم"، هذا كلام غير مقبول بالمرة، لابد أن يتم التواصل بشكل تام وفعال بين رب الأسرة مع ابنائه، وبين الأم مع أطفالها، حتى يغلقوا هذا الباب بشكل كامل، لابد من التدخل في تصرفات الأطفال، تعقبهم، حتى لو وصل الأمر إلى التفتيش في ملابسهم، تفتيش غرفتهم، لابد من معرفة أصدقائهم فرد فرد، وعند الشك في تصرفاتهم لابد من الإقدام على عمل تحليل مفاجئ لهم دون خجل أو تأخير، هذه كلها أمور لابد أن توضع محل الاعتبار ولا يجوز تجاهلها أو الاستهانة فيها بأي شكل من الأشكال.
ومن خلال خبرتي في مكافحة المخدرات يمكنني أن أقول بأن المواجهة سر تفادي الأسرة من وقوع أحد أفرادها في إدمان المخدرات، ولابد من توفير بيئة صحية سالمة ومستقرة، ولابد من توفير حب واهتمام وثقة وتفاهم ومودة بين كل أفراد الأسرة، ولا خجل على الإطلاق من مواجهة شبح المخدرات والتعاطي في هذه السن المبكرة.
*هل تؤيد فكرة إعادة تأهيل تجار المخدرات المدانين بدلاً من العقوبات المشددة؟
لا أؤيد على الإطلاق فكرة تخفيف العقوبة على تاجر المخدرات، لأن هذه العقوبة هي وسيلة ردع له ولغيره، والمجتمع المصري لن يقبل تحديدا بأن يؤهل أحد تسبب في إدمان أولاده، وبالتالي كلما تم تغليظ العقوبة كلما كان الوضع آمنا، حتى لو كانت حجم المضبوطات قليلة، فالأمر سيان، تاجر المخدرات هو تاجر المخدرت، سواء ألقي القبض عليه في شحنة أو ألقي القبض عليه ببضعة جرامات من الهيروين أوالكوكايين.
*ما النصيحة التي تقدمها للشباب لتجنب الوقوع في شراك الإدمان؟
دائما في محاضراتي اتطرق لمثل أراه واقعًا ملموسًا لتجربة الإدمان، ألا وهي عند اقتراب يدك من النار، فلابد أن تصيبك، هكذا الإدمان، لا تقترب منه بحجة التجربة، لأنه حتما سيجرك في ذيله، ووقتها ستنتهي بك التجربة إلى التعاطي بشكل دائم.
المخدرات طريق مظلم، ونهايته مدمرة، وجميعنا نعلم عواقبها، وعند الوقوع في شباكه، لن يكون هناك طريق للرجوع، لذلك من البداية على الشاب أن يجنب نفسه من الدخول في هذا الطريق، على الشاب أن يختار أصدقاءه بعناية، أن يهتم بدراسته، بعمله، أن يمارس هواياته المفضلة، أن يستغل وقته في شيء مفيد، وعندما يشعر بأي ضغط نفسي أو يتعرض لبعض المشكلات عليه الاستعانة بما هو أكبر منه وأدرى منه دون خجل.
الحياة مليئة بالتحديات، والإدمان ليس حلا للخروج من هذه التحديات، المخدرات ليست طريقًا للخروج من مشكلاتنا، فالمخدرات تدخلنا في مشكلات أكبر وأخطر، من الصعب الخروج منها، الإدمان ليس حلا على الإطلاق، الإدمان هو بداية مشكلة أكبر.
*كثيرا ما تطرقت الدراما لقصص الإتجار في المخدرات.. هل هناك فرق بين ما تعرضه الدراما وبين الواقع على الأرض؟
هناك فرق كبير بين ما تعرضه الدراما وبين ما يحدث على أرض الواقع، الدراما تبحث عن الإثارة والمغامرة وكيفية جذب المشاهد والأمور العاطفية وغيرها، لكنها لا تعكس الصورة الحقيقية للعمليات الأمنية الصعبة والمعقدة التي نقوم بها، ومدى خطورتها.
الفن عموما، عدا بعض الأعمال النادرة من أفلام أو مسلسلات، لم يستطع أن يقدم صورة كافية عن الآثار المدمرة للإدمان، ولم يتم التطرق بشكل كافي لهذه الآثار المدمرة على حياة الأفراد، على حياة الأسر، وتأثير الإدمان على المجتمع عموما.
الفن له تأثير رائع على المجتمع المصري، جميعنا تربينا على أن السينما والتلفزيون هما من يشكلان وجداننا، والمفترض أن تستغل هذه النقطة ويتم التعاون مع جهاز المكافحة للمساعدة الجوهرية في الحد من آثار الإدمان والمخدرات.
اقرأ أيضا: ضبط عنصرين إجراميين بطنطا بحوزتهما 24 كيلو حشيش


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.