■ كتب: محمد نور في توقيت غير ملائم، وظرف ليس مناسبًا، خرج الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، خلال برنامج تلفزيوني في إحدى المحطات العربية، بتصريحات أثارت جدلًا فقهيًا، قال فيها إنه لا يوجد نص قرآنى يمنع المساواة بين الرجل والمرأة فى الميراث، مُبينًا أن وظيفته هى البيان والتوضيح. ◄ د. السنباطي: كلام باطل لايجب الالتفات إليه تصريحات الهلالى، دفعت مؤسسة الأزهر للرد على هذا التشكيك، الذي وصفه مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، بأنه بلغ حد الانتقاد المُباشر للنصوص الشرعية، مؤكدًا أن نصوصُ الميراث قطعية لا تقبل التغيير ولا الاجتهاد، والدعوة لصنع «تدين شخصي» افتئاتٌ على الشرع، أو لصنع «قانون فردي» افتئاتٌ على ولى الأمر، وإعادة إنتاجٍ للفكر التكفيرى المنحرف، فتجديد علوم الإسلام لا يكون على الشاشات أو بين غير المتخصصين، وصدمة الجمهور بإقامة استدلالات غير صحيحة على تحريم حلال أو تحليل حرام؛ مشددًا على أنها جريمة فكرية تهدد الأمن الفكرى والاستقرار المجتمعي. وأكد مركز الأزهر للفتوى، أن هذا الشحن السلبي الممنهج تجاه الدين وتشريعاته، والانتقال من التشكيك في حكم من أحكامه إلى التشكيك فى غيره، ونسبة المعاناة والإشكالات المجتمعية إلى تعاليمه ونصوصه؛ جريمة كبرى تغذى روافد الانحراف الفكري والسلوكي، ونذير خطر يؤذن بتطرف بغيض، وأوضح أن الانتقاء والتدليس وصدمة الجمهور بالاستدلالات غير الصحيحة على تحليل الحرام أو تحريم الحلال بغرض تطبيع المنكرات داخل المجتمع؛ جرائم فكرية ومعرفية ينبغى محاسبة مرتكبها والداعى إليها. ◄ اقرأ أيضًا | محمد مهنا: الزهد الحقيقي لا يعني ترك العمل أو الانعزال ◄ الفقه والدستور وشدد المركز على أنه ليس ثمة تعارض بين الفقه الإسلامى من جهة، والدستور والقانون المصري من جهة أخرى، حتى يُختلَق صراع أو تُعقَد مقارنات بينهما، لاسيما أن تشريعات القانون المصرى استُقيَت أكثرُها من أحكام الفقه الإسلامي، وأن مبادئ الشريعة الإسلامية ضابط حاكم لجميع مواده كما أفاد الدستور فى مادته الثانية، بيد أن اختلاق صراع بين الفقه والقانون تكأةُ زورٍ استند إليها التكفيريون والمتطرفون فى انتهاج العنف وتكفير المجتمع واستحلال دمه، مشيرًا إلى أن إغراء فئة من الشعب بالتمرد على القانون، بزعم أحقيتها فى تفسيره تفسيرات شخصية أو رفض تطبيقه بالكلية، ثمرة من ثمرات الفكر المعوج الداعى ل»الفردانية»، والتى تعنى أحقية كل فرد فى تشكيل مبادئ تدينه الخاص وقوانينه الشخصية؛ وفقًا لأهوائه ومطامعه الدنيوية، وبما يخالف الشرع والقانون والنظام العام، ولا يخفى الأثر السلبى لهذه الفوضى على السّلم والاستقرار المجتمعى والوطني. ◄ ليس على الشاشات وبين مركز الأزهر، أن تجديد الفكر وعلوم الإسلام حِرفة دقيقة لا يُحسنها إلا العلماء الرَّاسخون، المشهود لهم بالديانة والتَّمكن، داخل الأروقة العِلمية، وليس على الشّاشات أو بين غير المُتخصّصين، والفكر المُتطرف فى أقصى جهتيه جامد يرفض التجديد بالكلية فى جِهة، أو يُحوِّله إلى تبديد للشرع وأحكامه فى الجِهة الأخرى، لافتًا إلى أن علم تقسيم الميراث فى الإسلام مُرتبط ومتشابك مع قضايا وأحكام عديدة، ومدعى قصوره؛ لا يبين – عمدًا - صلته بتشريعات كثيرة فى قضايا النفقة والواجبات المالية؛ إذ إن بيانها يقضى بعدالته، وأكد أن التستر خلف لافتات حقوق المرأة للطعن فى أحكام الدين، وتصويره كعدوٍّ لها، حِيلةٌ مُغرضة تستهدف تنحية الدين وتقزيم دوره، وتدعو إلى استيراد أفكار غربية مشوهة، دخيلة على المجتمعات العربية والإسلامية؛ بهدف ذوبان هويتها وطمس معالمها. ◄ كلام باطل من جانبه، قال الدكتور عطا السنباطى، أستاذ الفقه المقارن، عميد كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، إن تصريحات الهلالى المؤيدة لمساواة المرأة بالرجل فى الميراث، والتى يزعم فيها أن الميراث من الحقوق وليس من الفرائض، كلام باطل لا يلتفت إليه ولا تنتجه قواعد الاجتهاد، ولم يقل به فقيه ولا مُتفقه فى أى أزمنة ولا عصر من العصور، لافتًا إلى أن دعوة البعض للمساواة بين الرجل والمرأة فى الميراث تحت بند «التطوير الفقهي» هو فى حقيقة الأمر عبث، يؤدى لحدوث بلبلة فالله سبحانه وتعالى قال: «يوصِيكُمُ اللَّهُ فِى أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ۚ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ»، وهذه الآية مُحْكَمَة لم تترك مجالًا لهذا العبث الذى يطلق عليه البعض «تطورًا فقهيًّا». أضاف، أن دعوات وجوب مساواة المرأة والرجل فى الميراث، ما هو إلا فصل جديد من فصول اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة المعروفة ب«السيداو»، وإزالة أى تمييزات للرجل عن المرأة، لافتًا إلى أن «أحكام المواريث» فى الإسلام «قطعية الثبوت والدلالة» والنصوص الشرعية منها ما يقبل الاجتهاد الصادر من أهل الاختصاص الدقيق فى علوم الشريعة ومنها ما لا يقبل، كما أشار إلى أن سبب تنامى ظاهرة الإرهاب والتطرف هو إصدار مثل تلك الفتاوى المُضللة المُنحرفة المُجافية للمنهج الأزهرى الوسطى الصحيح واتباعها؛ مما كان له أسوأ الأثر فى انتشار العنف والفوضى، وتدمير الأمن والسلم، وتهديد الاستقرار والطمأنينة التى تنعم بها المجتمعات والأفراد.