تحتفل مصر هذا العام بالذكرى الثالثة والأربعين لتحرير سيناء، وهي مناسبة غالية على قلوب المصريين، حيث تعكس انتصار الإرادة الوطنية والإصرار على استعادة الأرض من الاحتلال الإسرائيلي. وقد شهدت الاحتفالات اليوم في 25 أبريل، هذا الحدث البارز، مراسم وضعت خلالها القيادة المصرية وعلى رأسها الرئيس عبد الفتاح السيسي إكليل الزهور على النصب التذكاري لشهداء القوات المسلحة في مدينة نصر، لتجديد العهد بتكريم الشهداء الذين سطروا أسمائهم بدمائهم في معركة الكرامة. في 25 أبريل من كل عام، يحيي المصريون ذكرى تحرير سيناء من الاحتلال الإسرائيلي، الذي تم وفقًا لاتفاقية كامب ديفيد في عام 1979، والتي أسفرت عن انسحاب آخر جندي إسرائيلي من الأراضي المصرية في عام 1982. هذا الانسحاب مثل نقطة تحول حاسمة في تاريخ العلاقات المصرية الإسرائيلية وفي تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، حيث عاد جزء مهم من الأرض المصرية إلى أحضان الوطن الأم. احتلال إسرائيل لشبه جزيرة سيناء كان قد بدأ في حرب الخامس من يونيو عام 1967 ، حيث تمكنت القوات الإسرائيلية من السيطرة على سيناء، مما شكل جرحا عميقا في وجدان المصريين. ولكن عبر سنوات طويلة من المعارك والتضحيات، كان تحرير سيناء في عام 1982 بمثابة نقطة ضوء في مسيرة الشعب المصري نحو استعادة حقوقه وأرضه. لقد تكلل الجهد المصري بتحرير كامل الأراضي المصرية في 25 أبريل 1982، ما عدا مدينة طابا، التي تم استردادها في 15 مارس 1989 عن طريق التحكيم الدولي، ليكتمل بذلك تحرير سيناء تماما. وفي هذه المناسبة، رفع الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك علم مصر على طابا، معلنا بذلك استعادة آخر شبر من الأرض المصرية التي كانت قد سلبت في السنوات السابقة. يعد يوم تحرير سيناء أكثر من مجرد ذكرى لاستعادة الأرض. فهو أيضا يوم يعكس قوة الإرادة السياسية ونجاح الدبلوماسية المصرية، التي استطاعت تحقيق السلام والعودة إلى طاولة المفاوضات مع إسرائيل عبر معاهدة كامب ديفيد، التي ساهمت في إنهاء الحرب وفتح آفاق التعاون بين البلدين. كما أن هذا اليوم يمثل رمزا للتضحيات الجسام التي قدمها أبناء القوات المسلحة المصرية، الذين سقطوا دفاعا عن أرض الوطن. على المستوى السياسي، يُظهر هذا اليوم وحدة الشعب المصري خلف قيادته، ويؤكد مرة أخرى التزام الدولة المصرية بالحفاظ على أمنها واستقرارها. إن احتفال هذا العام تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي يحمل في طياته معاني عديدة تتجاوز الاحتفال التحريري، حيث يتزامن مع تحولات استراتيجية في السياسة المصرية الإقليمية والدولية، وخصوصا في مجالات الأمن القومي وتنمية سيناء، التي أصبحت جزءا من استراتيجيات التنمية الوطنية الكبرى. لقد شهدت سيناء خلال السنوات الأخيرة مشروعات تنموية ضخمة، حيث تسعى مصر إلى تحويل هذه المنطقة التي كانت في الماضي ساحة لصراع وحروب إلى قلب التنمية المستدامة. ويعد مشروع "تنمية سيناء" جزءا من استراتيجية مصر لتطوير المناطق الحدودية وتحقيق الأمن الغذائي والتوسع العمراني. من خلال هذه المشروعات، يأمل المصريون في أن تسهم سيناء في دفع عجلة الاقتصاد المصري من خلال الاستثمارات في السياحة والصناعة والزراعة. عيد تحرير سيناء ليس مجرد ذكرى تاريخية، بل هو يوم يعبر عن إرادة الأمة المصرية التي لا تنكسر، وحلمها المستمر في الحفاظ على استقلالها وأمنها. اليوم، كما في الماضي، تظل سيناء رمزا للفخر المصري، ومصدرا للإلهام للأجيال القادمة في مواجهة التحديات. [email protected]