تحتفل مصر ومفوضية الاتحاد الإفريقي اليوم بافتتاح المقر الدائم لوكالة الفضاء الإفريقية، والذي تستضيفه مدينة الفضاء المصرية، في خطوة تؤكد التزام الدولة المصرية ونجاحها في دعم مسيرة التنمية الإفريقية، من خلال تسخير تكنولوجيا الفضاء لخدمة أهداف القارة في التقدم والاعتماد على الذات. يأتي هذا الافتتاح بالتزامن مع انطلاق فعاليات مؤتمر "نيو سبيس إفريقيا 2025"، الذي تستضيفه مصر لمدة أربعة أيام، ويعد منصة دولية رفيعة تجمع نخبة من قادة صناعة الفضاء، إلى جانب ممثلي الشركات والمستثمرين والمهتمين بهذا القطاع الاستراتيجي. وتعكس استضافة مصر للمقر الدائم لوكالة الفضاء الإفريقية رؤية طموحة لتعزيز التعاون الإفريقي في مجال تكنولوجيا الفضاء، وهي إحدى المؤسسات التابعة للاتحاد الإفريقي التي تهدف إلى تنفيذ استراتيجية الفضاء القارية، كجزء من أجندة الاتحاد 2063، لبناء قارة متقدمة ومزدهرة. وتسعى الوكالة الإفريقية إلى تطوير القدرات الفضائية للدول الإفريقية وتمكينها من الاستفادة من تكنولوجيا الأقمار الصناعية في مجالات متعددة تشمل مراقبة الأرض، الاتصالات، الملاحة، إدارة الكوارث، الزراعة، الموارد الطبيعية، التعليم، والصحة. وتعود جذور تأسيس الوكالة إلى يناير 2016، حينما اعتمد رؤساء الدول والحكومات الإفريقية خلال الدورة ال26 لجمعية الاتحاد الإفريقي سياسة واستراتيجية الفضاء الإفريقية، وهذا القرار التاريخي أرسى إطارا موحدا لاستخدام تكنولوجيا الفضاء من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة، والتعامل مع تحديات تغير المناخ، والنمو الاجتماعي والاقتصادي في القارة. وقد تم إقرار قانون وكالة الفضاء الإفريقية عام 2017، واضعا الأساس القانوني والتنظيمي للإشراف على أنشطة الفضاء بالقارة، كما حدد القانون أهدافا استراتيجية واضحة، من بينها تطوير تكنولوجيا الأقمار الصناعية، وتعزيز التعليم في علوم الفضاء، وبناء شراكات مع مؤسسات الفضاء الدولية. وفي عام 2019، أعلن المجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي عن اختيار مصر لاستضافة المقر الدائم للوكالة، بعد منافسة قوية مع دول إفريقية أخرى من بينها نيجيريا وإثيوبيا وغانا وناميبيا، وجاء هذا الاختيار بالتزامن مع تولي مصر رئاسة الاتحاد الإفريقي، ما شكل اعترافا بدورها الريادي وقدراتها في مجالات البحث العلمي وتكنولوجيا الفضاء. وقدمت مصر ملفا متكاملا لاستضافة المقر، تضمن بنية تحتية متطورة، ووجود كيانات متخصصة كوكالة الفضاء المصرية ومدينة الفضاء، إلى جانب الدعم السياسي من القيادة المصرية، وفي يناير 2023.. تم توقيع اتفاقية استضافة المقر الرسمي بالقاهرة بحضور وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور أيمن عاشور، ومفوض الاتحاد الإفريقي للتعليم والعلوم والتكنولوجيا والابتكار الدكتور محمد بلحسين، حيث أكد الوزير أن هذه الخطوة تدعم مكانة مصر الرائدة في مجال الفضاء وتعزز من قدرتها على تلبية احتياجات القارة. وفي يونيو من العام نفسه، وافق مجلس النواب المصري على الاتفاقية، لتصبح مصر رسميا المقر الدائم لوكالة الفضاء الإفريقية، وهو ما يعكس التزامها بتعزيز العمل الإفريقي المشترك، وتطوير قطاع الفضاء إقليميا وقاريا. وتعد وكالة الفضاء الإفريقية مركز الاتصال الرئيسي لتعاون إفريقيا مع أوروبا والشركاء الدوليين في مجال الفضاء، وتسعى إلى ضمان الحصول العادل على بيانات وخدمات الأقمار الصناعية، وتنفيذ بعثات فضائية إفريقية ذات طابع استراتيجي. ويشكل مجلس الفضاء الإفريقي، الذي أعلن عن تأسيسه خلال الدورة العادية ال37 لجمعية الاتحاد الإفريقي، ركيزة حوكمة الوكالة، ويتكون من 10 أعضاء يمثلون مختلف مناطق القارة لضمان التوازن الإقليمي والجندري في اتخاذ القرار، وقد تم تعيين الدكتور تيديان واتارا من كوت ديفوار رئيسا للمجلس، والدكتورة راكيا باباماجي من نيجيريا نائبة له، كما ضم المجلس ممثلين من دول عدة مثل ملاوي وناميبيا والمغرب وجيبوتي ورواندا والجزائر والكاميرون. وتشكل بيانات الأقمار الصناعية وتقنيات الفضاء الأخرى ركيزة أساسية في دعم جهود القارة للنهوض اقتصاديا وتحقيق التنمية المستدامة، بما يتماشى مع رؤية إفريقيا 2063، وتزداد أهمية هذه التقنيات مع تفاقم التحديات المناخية مثل الجفاف والفيضانات وإزالة الغابات، حيث توفر البيانات الفضائية معلومات دقيقة تساعد في اتخاذ قرارات رشيدة في إدارة الموارد ومواجهة الأزمات. كما تلعب الوكالة دورا متناميا في تطوير تقنيات الاتصالات ومراقبة الأرض، مما يساهم في سد الفجوة الرقمية داخل القارة، خاصة في المناطق النائية والمحرومة، وتسهم هذه الجهود في تحسين جودة التعليم، وتسهيل الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية، من خلال تكنولوجيا التطبيب عن بعد. وتحرص وكالة الفضاء الإفريقية على بناء قدرات بشرية إفريقية متخصصة في علوم الفضاء، من خلال التعاون مع الجامعات ومراكز البحث العلمي والقطاع الخاص، لتدريب جيل جديد من العلماء والمهندسين ورواد الأعمال، القادرين على قيادة مستقبل الفضاء الإفريقي. ومع انطلاق مسيرتها من مقرها الجديد في مصر، تعتمد وكالة الفضاء الإفريقية في نجاحها على التعاون الوثيق بين الحكومات الإفريقية، والشركاء الدوليين، والجهات الفاعلة في الصناعة والأوساط الأكاديمية.. وبفضل هيكل حوكمة فعال ورؤية واضحة، ينتظر أن تسهم الوكالة في إحداث نقلة نوعية في مسيرة التنمية الإفريقية، وترسيخ مكانة القارة كلاعب رئيسي في صناعة الفضاء العالمية. اقرأ أيضا: وكالة الفضاء تختتم فعاليات الدورة الرابعة لبرنامج التدريب الإفريقي