في اللحظة التي كانت الطفلة ريماس، صاحبة الأربع سنوات، تلعب أمام منزلها بعزبة الخطيب، بمحافظة الغربية، وتجري كالفراشة الجميلة، كانت هناك عين نجوى، البالغة من العمر 52 عاما، تترصدها وتتابع كل تحركاتها، والحقد والكره يملأ قلبها، وقفت شاردة في أفكارها السوداء التي جاءت تدق أبواب عقلها، وفجأة استغلت انشغال الأطفال، وهدوء الشارع من المارة، واستدرجت الملاك الصغير بحجة إعطائها حلوى، وببراءة الأطفال، ذهبت إليها ريماس وهي في غاية سعادتها، لم تكن تلك الصغيرة تدري المصير المؤلم الذي ينتظرها، ذهبت معها ولم تعد مرة أخرى، فبمجرد صعودها معها لشقتها، انقضت عليها وقتلتها بدم بارد.. السؤال الذي يتبادر للذهن لماذا قتلتها؟، هل بدافع السرقة؟، الإجابة لا، إذا فأي ذنب ارتكبته تلك الصغيرة لتكون نهايتها القتل؟، الإجابة هي الانتقام.. نعم أنهت حياتها لمجرد الانتقام وشفاء غليلها؛ فالمتهمة أصابتها اللعنة في مشاعرها وعواطفها، فعاشت بين الناس بلا قلب ولا ضمير، طغى الانتقام على قلبها، فأعمى بصيرتها وأصبحت لا ترى سوى الدم والتنكيل.. تفاصيل مأساوية ومثيرة عن تلك القصة، كيف خططت المتهمة لجريمتها؟!، وماذا حدث قبل 21 يوما من ارتكاب الواقعة؟!، ولماذا قررت الانتقام؟!، أسئلة تجيب عنها السطور التالية. نبدأ بالفصل الأخير من القصة والنهاية المستحقة والحتمية التي لو أدركها كل قاتل لفكر ألف مرة قبل أن يقدم على ارتكاب جريمته؛ حيث قضت محكمة جنايات طنطا، بإحالة أوراق نجوى، المتهمة بقتل الطفلة ريماس رحيم، ذات الأربع سنوات، إلى المفتي لأخذ الرأي الشرعي في إعدامها. اقرأ أيضا: «جريمة خلف النقاب».. ماذا حدث في المحلة؟ أصل الحكاية بطلة قصتنا اسمها ريماس رحيم، طفلة لم تكمل عامها الرابع بعد، ذات وجه ملائكي، وابتسامة لا تفارق وجهها؛ تلك الطفلة التي حظت باهتمام ورعاية كل من في البيت، تمتاز بالشقاوة وخفة الدم، لا أحد يعرفها إلا ويحبها، أسرتها تنظر إليها وهي تكبرأمام عيونها يومًا بعد يوم، ينسجون لها الأحلام، لكنهم استيقظوا على كابوس مفزع عندما وجدوها جثة هامدة داخل جوال بأحد المصارف دون أي ذنب. يوم من أيام شهر أكتوبر 2024، كان يومًا طبيعيًا لتلك الأسرة الصغيرة كغيرها من الأسر الريفية البسيطة، استيقظ افرادها مبكرًا، تناولوا افطارهم، ثم ذهب كل منهم لأداء عمله، بينما الطفلة ريماس قررت الخروج للعب أمام منزلها، بينما كانت تجري كالفراشة الجميلة هنا وهناك، كانت هناك من تنظر إليها بعين الحقد والشر، نجوى تلك السيدة البالغة من العمر 52 عاما، حتى استطاعت أن تستدرجها من عالمها الصغير لشقتها بحجة إعطائها حلوى، وما أن دخلت بيتها، خنقتها وقتلتها بدم بارد ثم وضعت جثمانها داخل جوال وانتظرت الوقت المناسب للتخلص من الجثة. كاميرات المراقبة خرجت نجوى تحمل الجوال ثم استقلت توك توك وما أن وصلت لأحد المصارف، نزلت ثم أخذت تتلفت يمينا ويسارا حتى تتأكد أنه لم يرها أحد، وبكل وحشية وقسوة ألقت بالجوال في المصرف ثم عادت لبيتها وكأنها لم ترتكب أي جرم، ما حدث رصدته كاميرات المراقبة. في نفس اللحظة كانت أسرة ريماس تبحث عنها في كل مكان، فجأة تحولت القرية من الهدوء للصخب، وانقلبت رأسا على عقب؛ الكل خرج يبحث عن تلك الملاك ولكن بلا فائدة، علت صوت الميكروفونات بالبحث عن ريماس، انتشرت صورها عبر الفيس بوك على أمل أن يعرف أحد مكانها، لكن باءت جميع المحاولات بالفشل، لم يكن أمام الأسرة سوى الذهاب لمركز الشرطة لتحرير محضر بالاختفاء. على الفور تشكل فريق بحث لكشف لغز الواقعة، وكان الخيط الأول هو معرفة علاقات والد الطفلة بالآخرين وهل هناك أي خلافات أو عداوات مع أحد، لكن اتضح أن الأب علاقاته جيدة بكل جيرانه، والأسرة بالكامل في حالها دائما ما يتجنبون المشكلات، أما الخيط الثاني فكان كاميرات المراقبة؛ الشاهد الصامت في معظم الجرائم، والتي أوضحت كل شيء؛ حيث رصدت دخول الطفلة لمنزل نجوى ولم تخرج منه، ألقى القبض عليها وبتضييق الخناق عليها انهارت واعترفت بكل شيء. نفسية حاقدة قبل الواقعة ب21 يومًا، كانت العلاقة بين المتهمة نجوى وجارتها رشا والدة الطفلة ريماس، طبيعية ولا تشوبها شائبة إلى أن فقدت رشا كيسين مكرونة لا يتعدى ثمنهما ال30 جنيهًا، واتجهت شكوكها نحو جارتها نجوى التي كانت ترافقها في السوق وبصراحتها المعهودة وجهت إليها أصابع الاتهام بشكل مباشر وطالبتها بإعادة الأكياس المسروقة، ولكن نجوى نفت التهمة عن نفسها وانتهى السجال بينهما عند هذا الحد. وانتهى الموقف بالنسبة لرشا لكنه لم ينته بالنسبة لنجوى التي أضمرت لها الكراهية وقررت أن تعاقبها على هذا الموقف وكيف تتهمها بالسرقة أمام الكل، قررت أن تحرق قلبها بصورة لم يسبق لها مثيل، وتدخل الشيطان ليؤدي دور المخرج في هذه الرواية العبثية ويمنحها وسيلة الانتقام التي لم تكن سوى إزهاق روح طفلة رشا التي كانت قرة عين أمها، وتدرك نجوى جيدا أن فقدانها بالنسبة لوالدتها يمثل مفارقة الروح للجسد؛ فأعدت سيناريو محكما لتنفيذ خطتها البشعة دون أن تتوقف للحظات مع نفسها وتعيد التفكير في الأمر وتسأل نفسها لآخر مرة ما ذنب الطفلة المسكينة حتى تنهي حياتها وهي مازالت زهرة تتفتح على الحياة؟، ولكن الحقد الذي أعمى بصيرتها قبل أن يعمي بصرها زين لها الاستمرار في طريقها الدامي وتنفيذ جريمتها وكانت الخطوات بسيطة لأن استدراج طفلة بريئة لن يستغرق أي مجهود، فقط يكفي أن تشير لها بقطعة حلوى حتى تسير خلفها إلى الجحيم، وبالفعل لوحت الشيطانة للطفلة بقطعة حلوى أثناء لهوها مع الأطفال في الشارع أمام منزل أسرتها واستدرجتها إلى بيتها وبقسوة شيطان لا يعرف الرحمة انقضت عليها ولم تتركها إلا وهي جثة هامدة، وذهبت السكرة وجاءت الفكرة ووصلنا إلى الجزء الأصعب في الخطة وهو التخلص من الجثة، لم تجد سوى المصرف القريب من بيتها لتلقي فيه جثة الطفلة وتُنهي علاقتها بالأمر، كانت تعتقد أنها أذكى من الكل ولن ينكشف أمرها حتى فؤجئت برجال المباحث يدقون بابها للقبض عليها، وها هي الآن خلف القضبان تنتظر تنفيذ حكم الإعدام.