في مشهد جديد يعكس توتر العلاقة بين السياسة والفن في سوريا، قررت نقابة الفنانين السوريين شطب عضوية النجمة سلاف فواخرجي من سجلاتها، بعد سلسلة من التصريحات المثيرة للجدل التي أطلقتها مؤخرًا، وعبّرت فيها عن دعمها الواضح للرئيس السوري السابق بشار الأسد، وسط اتهامات بإنكار الجرائم التي ارتكبها النظام خلال سنوات الحرب. وترصد "بوابة أخبار اليوم" في السطور التالية تفاصيل هذه القضية التي أثارت جدلًا واسعًا في الأوساط الفنية والإعلامية، وأحدثت انقسامًا بين المؤيدين والمعارضين. اقرا أيضا|الولاياتالمتحدة تبلغ إسرائيل بالانسحاب التدريجي من سوريا خلال شهرين جاء القرار المفاجئ بشطب سلاف فواخرجي عبر بيان رسمي نشر على الصفحة الرسمية لنقابة الفنانين السوريين، حيث وقع عليه نقيب الفنانين الحالي، مازن الناطور، والذي أشار إلى أن الخطوة جاءت استنادًا إلى قانون النقابة الذي يجيز شطب العضوية في حال "الخروج عن أهداف النقابة". وأكد البيان أن تصريحات فواخرجي الأخيرة اعتبرت بمثابة "تنكر لآلام الشعب السوري"و"إنكار للجرائم الأسدية"، في إشارة مباشرة إلى دفاعها العلني عن نظام بشار الأسد، الذي يواجه اتهامات دولية بانتهاكات حقوق الإنسان، وممارسات قمعية بحق المدنيين، خاصة خلال سنوات الحرب السورية. وقد وصفت النقابة تصريحاتها بأنها لا تعبر عن موقف الفنان السوري الملتزم بقضايا وطنه، وأنها تتنافى مع القيم التي تمثلها النقابة منذ تأسيسها، خصوصًا بعد استخدامها لعبارات مثل "بشار الأسد صمام أمان" و"المشكلة ليست في الحاكم بل في الشعب المنقسم". التصريحات المثيرة للجدل سلاف فواخرجي، التي تعرف بمواقفها السياسية الجريئة، كانت قد ظهرت في لقاء إعلامي أكدت فيه أن الرئيس بشار الأسد "عاش حياة بسيطة، وكان يمثل الاستقرار السياسي في البلاد"، وأنه "حكم البلاد بسياسة دولة ومؤسسات وليس بالدين"، مشيرة إلى أن الثورة السورية في بداياتها كانت إيجابية، لكنها "اختُطفت من قبل تيارات دينية متطرفة". وأثارت فواخرجي جدلًا كبيرًا عندما تحدثت عن سجن صيدنايا الشهير، الذي يعرف بكونه أحد أبرز مراكز الاحتجاز المتهمة بارتكاب انتهاكات جسيمة، فقالت: "المشاهد مؤلمة، لكن بعض ما ينشر مفبرك"، معتبرة أن بعض السجناء كانوا من القتلة والمغتصبين واللصوص، وليس جميعهم من الأبرياء، وهو ما فسر على أنه محاولة لتبرير ما حدث داخل السجن. ردود فعل غاضبة ومؤيدة أشعل قرار شطب فواخرجي من النقابة مواقع التواصل الاجتماعي، بين من رأى أن الخطوة تأخرت كثيرًا، وأن مواقفها لم تكن يومًا تمثل الفنان الحقيقي، وبين من اعتبر أن القرار سياسي بامتياز، ويهدف إلى تكميم الأفواه ومنع أي فنان من التعبير عن رأيه بحرية، حتى لو كان مخالفًا للتيار العام. الفنانون السوريون منقسمون كذلك، فبينما عبّر بعضهم عن دعمهم للقرار، دعا آخرون إلى ضرورة احترام حرية الرأي، محذرين من أن تتحول النقابة إلى أداة قمعية بدلًا من أن تكون حاضنة لكل الآراء. النقابة والفن والسياسة هذه الحادثة ليست الأولى التي تتداخل فيها السياسة مع الفن في سوريا، إذ لطالما كان للفن دور كبير في التعبير عن قضايا الشعب، أو التورط في تبرير ممارسات النظام، بحسب مراقبين، ويطرح السؤال هنا: هل يجب أن يكون للفنان موقف سياسي واضح؟ أم أن الفن يجب أن يظل منفصلًا عن السياسة؟ في الوقت ذاته، يرى البعض أن ما حدث لسلاف فواخرجي هو نتيجة طبيعية لمواقفها التي لطالما كانت مثيرة للجدل، حيث كانت من أبرز الوجوه الفنية المؤيدة للنظام، في وقت فضّل فيه آخرون الصمت أو الرحيل عن سوريا. بين مؤيد لحرية التعبير، ومعارض لمواقف تُعد تبييضًا لانتهاكات جسيمة، تبقى قضية سلاف فواخرجي مفتوحة على احتمالات كثيرة، هل تعود للنقابة؟ أم تواصل مسيرتها الفنية بشكل مستقل؟ وما هو الدور الذي يمكن أن يلعبه الفن في بلد لا يزال يعاني من تبعات حرب طاحنة؟ وفي كل الأحوال، يسلط هذا الحدث الضوء من جديد على العلاقة المعقدة بين الفنان والسلطة، ويعيد طرح السؤال الأزلي: هل يمكن للفنان أن يكون حرًا فعلاً في بلد لم يعرف الاستقرار منذ سنوات؟ سلاف فواخرجي، فنانة سورية من مواليد محافظة اللاذقية في 27 يوليو 1977، تخرّجت من كلية الآداب ، قسم الآثار في جامعة دمشق، ثم درست الإخراج السينمائي في المعهد العالي للفنون المسرحية، بدأت مسيرتها الفنية في أواخر التسعينات، واشتهرت بأدوارها المميزة في عدد كبير من المسلسلات السورية والعربية، مثل "أسمهان"، و"شهرزاد"، و"كليوباترا". عرفت سلاف بمواقفها السياسية الواضحة، وكانت دائمًا من أبرز الداعمين لبشار الأسد، وهو ما عرضها لانتقادات واسعة منذ اندلاع الثورة السورية في عام 2011، إلى جانب عملها الفني، شاركت في إخراج عدد من الأعمال السينمائية، وكرست جزءًا من نشاطها للدفاع عن رؤيتها السياسية والاجتماعية.