قبل 35 عامًا بالتمام والكمال، طرحت مصر مبادراتها لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، فى أبريل 1990، وكانت مصر قد دعت مع إيران عام 1974 إلى إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة، أى قبل أكثر من خمسة عقود. الآن وفى ظل التداعيات المتلاحقة على المشهد الساخن المأزوم، الذى يخيم على المنطقة، أحسب أن الوقت مناسب تمامًا لإعادة طرح المبادرة المصرية، التى تتسم بالشمول، إذ دعت لإخلاء المنطقة من جميع أسلحة الدمار الشامل ولم تقصرها على السلاح النووى فقط. وتتعدد الأسباب، لكن فى مقدمتها المفاوضات التى بدأت بين طهران وواشنطن، بشأن البرنامج النووى الإيرانى، وسط مطالبة من الكيان الصهيونى المحتكر الوحيد للنووى بالمنطقة، بتفكيك البرنامج الإيرانى، وإلا..! وإلا تعنى تهديدًا سافرًا تتقاسمه تل أبيب وواشنطن باستهداف إيران ومواقعها النووية! ثم إن دولًا رئيسية تنتظر زيارة ترامب، وضمن الملفات التى سوف تُطرح السلام فى المنطقة، بمنطق «الصفقة» فلماذا لا يكون أحد بنودها أن يكون الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل بما فيها النووى الإسرائيلى؟ إسرائيل لوحت فى مواقف عديدة بالورقة النووية، وربما كان آخرها باستهداف غزة بالقنبلة النووية! فإذا أضفنا تصريحات رسمية على أعلى مستوى سياسى وعسكرى بأنه لا هدف فى الشرق الأوسط لا تطاله ذراعها الطويلة، مادام يمثل تهديدًا لأمنها، فإن الصورة تصبح أكثر خطورة وقتامة، فى ظل الغموض النووى، المتعمد صهيونيًا، الذى يتضافر مع طموح مجنون بإعادة رسم خريطة المنطقة جيوسياسيًا، فى اطار هذه الملامح مجتمعة فلا يمكن استبعاد خروج الجنى النووى من القمقم ولو تكتيكيًا! أحسب أنه فى ضوء هذه المعطيات فإن اللحظة الراهنة تتطلب إخراج المبادرة المصرية من الدرج والدعوة إلى تبنيها من جانب كل من يعنيه أمر الحد من التصعيد فى المنطقة، عبر التزام مُتبادل لا يستثنى دولة، لاسيما الكيان الصهيونى الذى لا يعرف حدودًا لاستخدام القوة الغاشمة لأنه دون ذلك فإن السلام والأمن فى الإقليم يتعرضان لخطر داهم ، ينسحب يقينًا على الوضع الدولى برمته. لكل ذلك فإن المطالبة بإحياء المبادرة المصرية تأتى قى وقتها تمامًا.