يواجه العالم حاليًا معركة مع المناخ الذي أصبح تغيُّره يشكل خطرًا على صحة الإنسان بشكل عام وعلى صحة النساء بشكل خاص، فقد أكد باحثون أن أكبر تهديد صحي يواجه البشرية الآن يكمن في المضاعفات الناجمة عن تلوث الهواء والتعرُّض للإشعاع فوق البنفسجي والسموم الصناعية، إضافة لانقطاع إمدادات المياه والغذاء في المناطق الأكثر احتياجًا.. وبالفعل بدأت بعض الحالات في الظهور والانتشار خصوصا في أوساط النساء، «آخرساعة» تلقي الضوء في هذا التقرير على حالات عانت أمراضًا بسبب تغيُّر المناخ مع استطلاع الرأي العلمي من المختصين. ◄ الأمراض التنفسية الأكثر انتشارًا.. والسرطانات في زيادة تقول «منى» سيدة في الأربعينيات، إنها لاحظت قبل أشهر أنها تعاني التوتر العصبي والقلق الشديد، وطلب منها الأطباء إجراء تحاليل الغدة الدرقية فقد تكون السبب وراء هذا التحوّل، لكن نتيجة التحاليل جاءت سليمة، فذهبت لطبيب نفسي أكد لها أن الاحتباس الحراري وزيادة درجة حرارة الطقس عن المعدل الطبيعى تجعل بعض الأجسام لا تحتمله وتسبب الضيق والتوتر والعصبية، وهو ما يحدث معها. ◄ مضاعفات للنساء ندى نشأت، مسئولة برنامج المشاركة العامة للنساء بمؤسسة قضايا المرأة المصرية، توجهت لعدد من الأماكن والقرى التي تكررت منها شكاوى النساء من الإصابة ببعض الأعراض والأمراض التي لم تكن موجودة من قبل، والتي وصفها الأطباء بعد كثير من الفحوصات بأنها حدثت بسبب تأثير تغيُّر المناخ على جوانب مختلفة متعلقة بحياة النساء، فتغيُّر المناخ والتلوث البيئي يؤثران بشكل أكبر على النساء، اقتصاديًا أو نفسيًا أو صحيًا وينعكس تأثير ذلك على الحياة اليومية للمرأة. فمثلا، تؤثر التغيُّرات في درجات الحرارة على طبيعة عمل المرأة التي قد تكون تقوم بأعمال يدوية أو تعمل خارج المنزل، ما قد يجبرها على البقاء في المنزل وعدم القدرة على العمل بسبب غياب البنية التحتية المناسبة وعدم قدرتها على التكيف مع التغيُّرات الجوية، ما يشكل عبئا اقتصاديًا عليها. وترى الدكتورة لمياء سمير الليثى، مدرس بالطب البيئى والمهنى بمعهد بحوث البيئة والتغيُّرات المناخية بالمركز القومى للبحوث، أن انبعاثات الغازات الدفيئة الناتجة عن استخراج وحرق الوقود الأحفورى من أهم الأسباب الرئيسية التى تؤدى لتغيُّر المناخ وتلوث الهواء، ما يترتب عليه ارتفاع درجة حرارة الأرض وتهيئة البيئة لانتشار الفيروسات وتحورها لتسبب إصابات صحية عديدة للإنسان، ولعل أبرزها الأمراض التنفسية وعلى رأسها أمراض الربو الشعبي. ووفقًا لأحدث الإحصائيات، يُتوقع أن يتسبب تغيُّر المناخ فى الفترة بين عامى 2030 و2050، فى 250 ألف حالة وفاة إضافية سنوياً بسبب سوء التغذية والملاريا والإسهال والإجهاد الحرارى. وتشير التقديرات إلى أن تكاليف الأضرار المباشرة التى تلحق بالصحة ستتراوح بين 2 و4 مليارات دولار أمريكى سنويًا بحلول عام 2030، وستكون المناطق ذات البنية التحتية الصحية الضعيفة - معظمها فى البلدان النامية - هى الأقل قدرة على التكيف دون مساعدة للاستعداد والاستجابة. ◄ اقرأ أيضًا | تلوث الهواء يتفاقم في فيتنام والسلطات شبه غائبة ◄ نقص التغذية وأضافت أن المشكلة تكمن أيضًا فى انتشار الحشرات التى تساعد على نقل الأمراض المعدية بين البشر مثل الملاريا وحمى الضنك، فضلا عن دور تغيُّر المناخ فى زيادة معدلات الإصابة بأمراض القلب والشرايين، بالإضافة لسوء التغذية بسبب ما يحدثه تغيُّر المناخ من تأثير سلبى فى جودة المحاصيل الزراعية وكذلك الحيوانات والأسماك الذى يعود بعدم الإفادة المطلوبة من نوعية الغذاء لصحة الإنسان، حيث تعمل انبعاثات ثانى أكسيد الكربون على تقليل الكثافة الغذائية للمحاصيل، ما يقلّل من مستويات النبات من البروتين والزنك والحديد ويؤدى لمزيد من نقص التغذية. وهناك أضرار انبعاثات لتلوث الهواء تصل لطبقات الهواء العليا وتؤثر في القشرة الخارجية لطبقات الغلاف الجوى وطبقة الأوزون التى لا تستطيع أن تحجب أشعة الشمس الضارة عن الأرض، ما يتسبب فى أمراض جلدية خطيرة تصل لحد الحروق والسرطانات، فضلا عن ارتفاع معدل الغازات فى الجو مما يسبب الأمراض التنفسية والصدرية، وتؤكد الطبيبة أن كبار السن والأطفال الأكثر عرضة للإصابة بالأمراض السابق ذكرها نتيجة لضعف المناعة وتأثرهم بالفيروسات بشكل أكبر. ومن هذا المنطلق يتجه العالم إلى تنفيذ العديد من السياسات والتدابير الفردية، مثل خيارات النقل والغذاء واستخدام الطاقة النظيفة للمساعدة على الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة وتحقيق فوائد صحية مشتركة كبيرة، فالتخلص التدريجى من أنظمة الطاقة الملوثة يمكن أن يؤدى لخفض انبعاثات الكربون وتقليل عبء تلوث الهواء المنزلى والهواء المحيط، الذى يسبب 7 ملايين حالة وفاة مبكرة سنويا. ◄ الأمراض النفسية من جانبها، قالت الدكتورة حنان الشهاوي، أستاذ علم النفس كلية التربية الفنية بجامعة حلوان، إن تغيُّر المناخ لم يعد تهديدا يلوح فى الأفق بل أصبح واقعا مفزعا ومدمرا فى العصر الحالي والمستقبل، ولا يتسبب تغيُّر المناخ في تشكيل مخاطر عديدة على البشر أو النساء أو على أشكال الحياة على وجه الأرض فحسب، لكن المخاطر تمتد أيضا لتؤثر بشكل سلبى على الصحة الفسيولوجية والبيولوجية وكذلك الصحة النفسية والعقلية. وأضافت: كلما زاد انتشار المجاعات وسوء التغذية وضربات الشمس وسرطان الجلد وأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم، تزيد أيضًا معدلات زيارة أقسام المصحات النفسية والعقلية فى السنوات الأخيرة.