يقف العالم حاليًا على أعتاب لحظة تحول فى ميزان القوى منذ القنبلة النووية على هيروشيما وناجازاكى عام 1945 كانت المواجهة الساخنة بين المغربية ابتهال والسورى الأصل البريطانى الجنسية مصطفى تجسيدًا للصراع بين الالتزام الأخلاقى فى مواجهة وحشية التقدم التكنولوجى، خاصة حين يكون المتهم على هذه الدرجة من التأثير والخطورة فيترجم مسئوليته و»شبقه» المهنى وتطوعه الأثيم إلى دماء وأشلاء وخراب وتدمير لبنى دمائه ولغته ودينه وقوميته وأصله، حتى لو نشأ يحمل جنسية غير جنسيته الأصلية! المواجهة المثيرة شهدها احتفال مايكروسوفت بالذكرى ال50 لتأسيسها، عندما قامت المغربية ابتهال أبو سعد، التى تعمل مهندسة برمجيات فى قسم الذكاء الاصطناعى فى مايكروسوفت بمقاطعة كلمة مصطفى سليمان الرئيس التنفيذى لقطاع الذكاء الاصطناعى فى مايكروسوفت واتهمته والشركة بالتواطؤ فى «إبادة» الفلسطينيين فى غزة من خلال تزويد الجيش الإسرائيلى بتقنيات الذكاء الاصطناعى لاستخدامها فى القتل والتدمير. وصرخت فيه أمام العالم: «عار عليك يا مصطفى. مايكروسوفت تبيع ذكاء اصطناعيا للجيش الذى يقتلنا». ودفعت ابتهال ثمن صرختها بالفصل من مايكروسوفت وغلق حسابها الشخصى، تجسيدًا مرًا لعقاب الإنسانية فى عصر الذكاء الاصطناعى العنصرى! كانت المواجهة المباغتة وصمت العجز الذى أصاب مصطفى على الهواء كاشفة لبعض ما يلعبه الذكاء الاصطناعى والخوارزميات فى الحرب الإجرامية للكيان الشاذ بمعاضدة ومساندة عالم يتشدق بالحرية ويدعى الإنسانية زورا وبهتانا؛ لأنها الإنسانية والحياة الرغدة المبهجة لهم فقط على حساب حرمان الضعفاء الآمنين من حقهم فى الحياة والعيش فى أرضهم التاريخية. فى مفترق طرق جديد يقف العالم حاليًا على أعتاب لحظة تحول فى ميزان القوى منذ القنبلة النووية على هيروشيما وناجازاكى عام 1945، تقود هذا التحول تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى، الذى يتغير معه المفهوم التقليدى للقوة وأدوات ممارستها فى العلاقات الدولية. خاصة أن القوة التدميرية للذكاء الاصطناعى تأخذ أشكالًا ومستويات متعددة وبالتالى فإنه يمكن التحكم فيها ويسهل استخدامها. وبنفس الطريقة التى تعامل بها النظام الدولى مع السلاح النووى بدأ يتعامل مع الذكاء الاصطناعى، فقد وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش فى يوليو 2023 خطر الذكاء الاصطناعى بأنه أشبه بخطر الحرب النووية، داعيًا لإنشاء هيئة تابعة للأمم المتحدة مثل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فهو ليس عنصرًا مُشعًا كاليورانيوم يتواجد فى الطبيعة ويستخدم لإنتاج الطاقة سواء كانت سلمية وعسكرية، بل هو عقل قادر فى مرحلة ما على السيطرة على مصادر الطاقة بما فيها الطاقة النووية بكل تطبيقاتها. وكما سلف وأسهمت القوة النووية فى تغيير شكل العلاقات الدولية وميزان القوى الدولى فإن الذكاء الاصطناعى سوف يتولى القيام بهذه المهمة. فالعالم أصبح متمركزًا وبشدة حول تقنيات الثورة الصناعية الرابعة ونظم الذكاء الاصطناعى وإنترنت الأشياء، وجميع التفاعلات البشرية أصبحت معتمدة بصورة رئيسية عليها، وأصبحت البنية التحتية الحرجة للدول قائمة على التقنيات الذكية مثل نظم المراقبة والتعرف على الوجوه، ونظم إدارة محطات الكهرباء والسدود والمفاعلات النووية، ونظم المواصلات ذاتية القيادة وإشارات المرور. وأصبح الأفراد أكثر ارتباطًا بالتكنولوجيا سواء داخل المنزل أو فى العمل، وانتشرت العملات المشفرة بين الأفراد. ومع انتشار تطبيقات «الميتافيرس» المستندة إلى تقنيات الواقع الافتراضى والواقع المرسخ له فإن ذلك سوف يفرز مواطنين جددا داخل عوالم افتراضية لا متناهية لهم قوانينهم وقيمهم المختلفة التى قد تكون بعيدة تمامًا عن سيطرة الدول. نحن إذًا أمام تحدى العصر ولا مناص من خوضه وترسيخ علاقتنا بقواعده التقنية فى أرجاء دولنا العربية، وألا نظل مستوردين لما يمكنهم التحكم فيه عن بعد وفرض سيطرتهم من خلاله بمجموعة من كلمات السر أو الأرقام غير العشوائية.