يعد عيد الفطر المبارك من أهم المناسبات الدينية والاجتماعية التي يحتفل بها المسلمون في جميع أنحاء العالم، ويتميز بطقوسه وعاداته الخاصة التي تختلف من بلد إلى آخر. أما في مصر، فقد اكتسب العيد طابعًا مميزًا منذ العصور القديمة، حيث ظل المصريون يحتفلون به بطرق تجمع بين الموروث الشعبي والتقاليد الدينية. وقد شهدت احتفالات المصريين بعيد الفطر العديد من التغيرات على مر العصور، بدءًا من الفاطميين مرورًا بالعصر العثماني وصولًا إلى العصر الحديث، حيث بقيت بعض العادات راسخة في المجتمع المصري حتى اليوم. اقرأ أيضًا | تجهيز447 ساحة لصلاة العيد وانتشار 57 فريقًا طبيًا لخدمة المصلين بالغربية عيد الفطر في الدولة الفاطمية تميزت الدولة الفاطمية باحتفالاتها الفخمة بعيد الفطر، حيث كان الحكام يولون اهتمامًا خاصًا بهذه المناسبة. ومن أبرز مظاهر الاحتفال في ذلك الوقت: توزيع الحلوى على جميع موظفي الدولة، حيث أنشأ الخليفة العزيز بالله "دار الفطرة" كمطبخ لصناعة الحلوى خصيصًا لهذه المناسبة. كان الخليفة الفاطمي يخصص 20 ألف دينار لصناعة كعك العيد، حيث تبدأ صناعته في شهر رجب وتستمر حتى حلول العيد. أطلق الفاطميون على عيد الفطر اسم "عيد الحلل" لأنهم كانوا يوزعون الملابس الجديدة على الشعب، وخصصوا لذلك 16 ألف دينار في عام 515 ه. إقامة الموائد الضخمة في القصور السلطانية، والتي كانت تضم مختلف أنواع الأطعمة والحلوى. اقرأ أيضًا | غرفة عمليات مركزية ب «الأعلى للآثار» لمتابعة المتاحف خلال عيد الفطر عيد الفطر في الدولة العثمانية شهدت احتفالات العيد في العصر العثماني طابعًا رسميًا وشعبيًا مميزًا، حيث ارتبط العيد بطقوس خاصة داخل القلعة وخارجها: إطلاق مدافع القلعة خلال أيام العيد الثلاثة في أوقات الصلوات الخمس. في اليوم الأول، كان أمراء الدولة وكبار رجالها يتوجهون في موكب رسمي إلى جامع الناصر محمد بن قلاوون داخل القلعة لأداء صلاة العيد. بعد الصلاة، يصطف الحاضرون لتهنئة الباشا، وفي اليوم الثاني، تقدم القهوة والحلوى والمشروبات وسط أجواء معطرة بالبخور داخل القلعة. كان الباشا يأمر بالإفراج عن بعض المساجين احتفالًا بهذه المناسبة. على الصعيد الشعبي، كان الناس يتزينون بملابس جديدة، ويخرجون مع عائلاتهم لأداء صلاة العيد، ويتبادلون الحلويات مثل كعك العيد. اعتاد المصريون على زيارة المقابر والتصدق على أرواح موتاهم، بينما كان الشباب يتجهون إلى النيل وجزيرة الروضة وبركة الفيل والأزبكية للاحتفال. عيد الفطر في العصر الحديث في العصر الحديث، تستمر التقاليد المصرية العريقة مع بعض الإضافات التي تناسب التطورات الزمنية: يحتشد المصريون في المساجد لأداء صلاة العيد بعد طلوع الشمس مباشرة. يرتدي الجميع ملابس جديدة احتفالًا بالمناسبة، وتبقى كعك العيد والمكسرات والفطير من أبرز الأطعمة التقليدية. يفضل البعض تناول السمك المملح في العيد، بينما يفضل آخرون أطباق اللحم والبصل والطحينة. تجوب الفرق الموسيقية الشوارع وتعزف الألحان أمام المنازل مقابل قروش زهيدة. الأطفال هم الأكثر فرحًا بالعيد، حيث يحصلون على العيدية، ويستمتعون بالذهاب إلى الحدائق والسينما والملاهي. تنتشر المراجيح في الساحات والميادين، كما يفضل البعض القيام برحلات إلى القناطر الخيرية وحديقة الحيوانات والأهرامات. كحك العيد: عادة مصرية متجذرة يعتبر كعك العيد من أهم مظاهر الاحتفال، ويعود تاريخه إلى: العصر الفرعوني، حيث كان المصريون القدماء يقدمونه على شكل قرص الشمس. وجدت أقراص كعك العيد في مقابر الكهنة الحارسين لهرم خوفو، مما يدل على قدم هذه العادة. في العصر الطولوني، كان الكعك يصنع في قوالب خاصة مكتوب عليها "كل واشكر"، وازدادت أهميته في العهد الإخشيدي والفاطمي. العيدية والملابس الجديدة العيدية تقليد مستمر حيث يحصل الأطفال على نقود من الأهل والأقارب. شراء الملابس الجديدة يعد من أساسيات الاحتفال بالعيد، حيث تزدحم الأسواق والمحلات قبل العيد بأيام استعدادًا لهذه المناسبة. عيد الفطر في مصر ليس مجرد مناسبة دينية، بل هو موسم للفرح والتواصل الاجتماعي، حيث يجتمع الأهل والأصدقاء، وتعم الاحتفالات الشوارع والمنازل. ورغم تغير الزمن، تبقى العادات المصرية الأصيلة حاضرة في كل عيد، مما يجعل الاحتفال بعيد الفطر في مصر تجربة فريدة ومميزة.