قبل عرض مسلسل «لام شمسية» كنت أتساءل بينى وبين نفسى عن فحوى هذا العنوان الذى ذكرنى بدروس النحو فى المدرسة الإبتدائية، وما إن بدأ عرضه وتوالت حلقاته حتى اكتشفت أنه من أذكى العناوين التى صادفتها فى الأعمال الدرامية، فهو يعكس فكرة العمل بأسلوب غير مباشر فإذا كانت اللام الشمسية «متخبية زى السر وزى الذنب» مثلما يرددها الطفل بطل المسلسل وهو يحفظ دروسه، فإن قضية التحرش التى يطرحها تتقاطع معها، فالتحرش موجود ويحدث لكنه متخفى مثلها فى أشخاص خبثاء قد يكونون أقرب مما نتصور. يحقق المخرج كريم الشناوى والكاتبة مريم نعوم انتصاراً جديداً، إنسانيا وفنياً، يضعهما فى مكانة خاصة عن سائر صناع الدراما عبر هذا العمل الجرىء المهم الذى يطرحانه من منطلق احساس بالمسئولية وإدراك عميق لقوة تأثير الدراما وقدرتها على إحداث تغيير مجتمعى ويقدما طوق النجاة لكل من مر بتجربة مماثلة ، ويحذرا من ضحايا جدد لها ، دون الوقوع فى مشاهد صادمة للمشاهد، بل تعاملا معها برهافة حس لاتخلو من جسارة وكأنهما يمسكان بمشرط جراح بارع. خلاف الإشراف الطبى والمعلومات الدقيقة التى يتصدرها أسماء أطباء كبار على تيترالمقدمة، فقد إستعان الثنائى المبدع بمستشارة نفسية كى تتابع الطفل خلال التصوير فى تعامله مع هذا الموضوع الحساس، حفاظاً على سلامته النفسية أثناء وبعد التصوير، كما خضع فريق العمل كاملاً لتدريب نفسى فى كيفية التعامل مع الأطفال عند تصويرهذه المشاهد مثلما استعانوا بطبيب متخصص فى العلاقات الزوجية فى المشاهد الخاصة بشخصية يسرا اللوزي، ليؤكدا فى النهاية أنه من الممكن أن تطرح قضايا مهمة وحساسة فى عمل فنى هادف وممتع بشرط الإتقان والوعي. استطاع المخرج الشاب الموهوب قيادة فريق الممثلين جميعاً، دون استثناء، أحد منهم لأداء صادق ومؤثر عبر لقطات قريبة جداً تكشف أدق انفعالاتهم، أما الطفل الموهوب على البيلى فقد واجه الكاميرا بخبرة ممثل كبير معبراً بقوة عينيه ودموعه وأدائه المبهر فى مشاهد صامتة. إذا كنا نتحدث عن الدراما ودورها فى طرق قضايا المجتمع فإن مسلسل «لام شمسية» يطرحها دون ضجيج، ويقتحم بوعى وجرأة قضايا مسكوتاً عنها، لذا امنحوا هذا الثنائى مساحة أكبر فى ملف الإنتاج الدرامى.