يُعد جامع السلطان حسن أحد أعظم الشواهد على روعة العمارة الإسلامية في العصور الوسطى، حيث يجمع بين الفخامة الهندسية والروحانية العميقة، مما يجعله تحفة معمارية لا مثيل لها في قلب القاهرة. شيَّده السلطان حسن بن الناصر محمد بن قلاوون في القرن الرابع عشر ليكون مدرسة دينية ومكانًا للعبادة، فغدا معلمًا خالدًا يجذب الزائرين من كل مكان، ويقف شاهدًا على براعة الحرفيين المسلمين وإبداعهم في تصميم المساجد. أولًا: نبذة تاريخية عن جامع السلطان حسن بُني جامع السلطان حسن بين عامي 1356 و1363م خلال عهد السلطان حسن بن الناصر محمد بن قلاوون، وهو أحد سلاطين الدولة المملوكية البحرية. كان المسجد جزءًا من مجمع معماري ضخم يضم مدرسة لتعليم المذاهب الإسلامية الأربعة، إلى جانب ضريح السلطان، ولكنه توفي قبل أن يُدفن فيه. ثانيًا: روعة التصميم المعماري يُعتبر المسجد من أعظم نماذج العمارة الإسلامية، حيث يمتاز بضخامته وأبعاده الهندسية المتناسقة. يتكوَّن من صحن واسع تحيط به أربعة إيوانات ضخمة، أكبرها الإيوان الشرقي الذي يضم المحراب والمنبر. ويتميَّز بمدخله الرئيسي المُزيَّن بالنقوش والزخارف الهندسية، والذي يُعد من أضخم المداخل في العمارة الإسلامية. اقرأ أيضا| سقوط أجزاء من قبة جامع «السلطان حسن».. والأثار توضح السبب ثالثًا: المئذنتان شاهقتا الارتفاع يضم المسجد مئذنتين شاهقتين تُعتبران من بين الأعلى في القاهرة الإسلامية. وقد أُصيب المسجد بأضرار بالغة بسبب زلزال ضرب المدينة في القرن الخامس عشر، ما أدى إلى انهيار إحدى مآذنه، إلا أنه بقي محتفظًا بجماله وهيبته حتى اليوم. رابعًا: الزخارف والفنون الإسلامية يتميَّز الجامع بزخارفه البديعة التي تعكس جمال الفن الإسلامي، حيث تنتشر الكتابات القرآنية المنقوشة على جدرانه، بالإضافة إلى المشربيات الخشبية الرائعة والأعمدة الرخامية الفاخرة. كما يحتوي المسجد على أبواب برونزية ضخمة محفورة بزخارف دقيقة، تجسد مدى الإبداع في الحرف اليدوية آنذاك. خامسًا: أهمية المسجد الدينية والثقافية لم يكن جامع السلطان حسن مجرد مكان للصلاة، بل كان مركزًا تعليميًا بارزًا في العصر المملوكي، حيث دُرست فيه الفقه والشريعة وفقًا للمذاهب الأربعة. كما أنه يُعد اليوم من أهم المعالم السياحية الإسلامية في القاهرة، يجذب الزوار من مختلف أنحاء العالم لاستكشاف عظمته. سادسًا: جامع السلطان حسن في عيون المستشرقين والمؤرخين وصف العديد من المستشرقين والمؤرخين المسجد بأنه أحد أعظم المساجد الإسلامية، حيث أشار المؤرخ الفرنسي "جاستون فييت" إلى أنه "يمثل أروع ما وصل إليه الفن المعماري الإسلامي في العصر المملوكي". كما أبدى المستشرق البريطاني "ستانلي لين بول" إعجابه بضخامته ودقة تصميمه، مؤكدًا أنه من أعظم المباني الدينية في العالم الإسلامي. سابعًا: الترميمات والمحافظة على المسجد شهد المسجد العديد من أعمال الترميم للحفاظ على طابعه الأثري، كان آخرها في القرن العشرين، حيث تم تجديد الزخارف وترميم أجزاء من جدرانه وأعمدته، لضمان استمراره كواحد من أجمل المساجد في العالم الإسلامي. يظل جامع السلطان حسن دُرَّة العمارة الإسلامية وواحدًا من أعظم التحف المعمارية في القاهرة، شاهدًا على إبداع الحضارة الإسلامية في العصر المملوكي. بمآذنه الشاهقة، وتصميمه الفريد، وزخارفه المذهلة، يواصل المسجد إبهار كل من يزوره، ليبقى رمزًا خالدًا للفن الإسلامي العريق.