العيد فرحة، هكذا تربينا، ثم ربينا، لكن تأتى أزمان تسلب الفرحة، بل يغتصبها منَ يحترف الظلم، وإسالة الدماء الذكية الطاهرة البريئة، فأى فرحة تظللنا، واينما وجهت البصر يرتد إليك خاسئاً حسيراً؟! . بأى حق نستحل الفرحة، وأطفال يستشهدون بعشرات الآلاف، ونساء شهيدات، فإن لم يستشهدن فثكلى وأرامل، وجراح الجسد والروح تثخنهن! . خاصمت الرحمة ملايين القلوب، وغاب التسامح عن نفوس ملايين أخرى، فضاع الحق فى الأمن والأمان فى أوطان بأكملها، يحدث ذلك ليس فى فلسطينالمحتلة فحسب، وإنما فى السودان واليمن والصومال و.. و.. كيف لفرحة العيد أن تتسرب إلى نفوس عشش فى جوانبها الحزن، على إخوان وأبناء يحيطون بنا احاطة السوار بالمعصم، ولا تملك إلا أن تساهم، بمساعدات لا تصل إلى من بلغت معاناتهم مبلغاً يدين الضمير الإنسانى، كما لم يدان عبر التاريخ؟! . كيف لفرحة العيد أن تكون مباحة فى غيبة أبسط مظاهر العدل فى التعامل مع شعوب شقيقة، والحق فى الحرية أبعد من الأجرام البعيدة فى السماء، والحلم فى أبسط الحقوق الإنسانية بعيد المنال، فلا القانون الدولى يسعفهم، ولا الشرعية الدولية تنظر نحوهم لنجدتهم؟! . هل نقول: عيد، بأى حال عدت يا عيد؟! حتى لو أطلقناها صرخات وآهات، فهل من مستمع؟ وإن كان هناك من يستمع فأى صدى، وأى رد فعل ايجابى يصدر عن عالم تبلدت مشاعره، وأصبح ما فى صدور سكانه قلوب حجرية، وضمائر غائبة؟! . كيف لطعم فرحة العيد أن يتذوقها من يرى النار والدماء، وقد تصدرت الشاشات، وأصبح الشهداء والضحايا مجرد أرقام؟ . كيف لمن حفظ الله أوطانهم ألا يتجاوبوا مع أشقاء يعانون لسنوات وعقود من ويلات وحروب ومظالم، فلا يستحلون البهجة، ولا يجدون لأى مظهر من مظاهر الاحتفال طعماً؟ . ألا يحق لأطفال فلسطين أن ينعموا بالعيد؟ ألا يحق لأطفال السودان واليمن والصومال أن يتعايشوا مع أى مظهر للبهجة فى العيد؟ أليس من حق من عانوا طويلاً وكثيراً فى أوطان استعمرها الحزن والظلم، أن يأتى يوم عيد فينعموا بحلوله ولو عبر هدنة قصيرة، تناغماً مع مشاعر مشروعة فى الفرحة سُلبت واُغتصبت وتم الحجر عليها طويلاً طويلاً؟! . عندئذ ربما يكون من حقنا أن نستمتع بفرحة العيد، ولو كانت منقوصة؟! .