فى هذا العام، نحتفل بمرور ثمانين عامًا على تأسيس جامعة الدول العربية، هذا الصرح العريق الذى جسد منذ إنشائه عام 1945 تطلعات الشعوب العربية نحو الوحدة والتكامل، ورسّخ دعائم التعاون والتضامن بين الدول الأعضاء لمواجهة التحديات المشتركة وتعزيز مصالح الأمة العربية. يأتى احتفالنا بهذه المناسبة العزيزة فى وقتٍ تترأس فيه مملكة البحرين القمة العربية، وهو شرف ومسئولية نعتز بها، انطلاقًا من التزامنا الراسخ بالمبادئ التى قامت عليها الجامعة، وإيماننا العميق بالدور الذى تضطلع به فى تنسيق المواقف العربية وتعزيز العمل الجماعى لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية. منذ انضمام مملكة البحرين إلى جامعة الدول العربية فى الحادى عشر من شهر سبتمبر عام 1971م، شكلت الجامعة الإطار الذى عزز حضور المملكة على الساحة العربية والدولية، ورسّخ دورها الفاعل فى مختلف القضايا الإقليمية. وانطلاقًا من إيمانها بالعمل العربى المشترك، حرصت مملكة البحرين على أن تكون دائمًا جزءًا فاعلًا فى مسيرة الجامعة، سواء عبر دعم المبادرات التنموية والسياسية، أو من خلال المشاركة الفاعلة فى القمم والاجتماعات الوزارية لمناقشة القضايا المصيرية للأمة. وكانت استضافة مملكة البحرين للقمة العربية فى 16 مايو 2024 محطة بارزة فى تاريخ الجامعة، حيث أكدت المملكة خلال رئاستها للقمة على ضرورة تعزيز العمل العربى المشترك فى مواجهة التحديات الراهنة، خاصة فى ظل المتغيرات الإقليمية والدولية التى تتطلب موقفًا عربيًا موحدًا ومتماسكًا. كما حرصت مملكة البحرين على الدفع نحو مزيد من التكامل الاقتصادى والتعاون فى مجالات الأمن الغذائى، والطاقة، والاستثمار، بما يسهم فى تحقيق التنمية المستدامة لشعوبنا. لقد أثبتت مملكة البحرين، منذ انضمامها إلى جامعة الدول العربية، التزامها الراسخ بمبادئ التضامن العربى، وكانت دومًا فى مقدمة الدول الداعمة للجهود الرامية إلى تحقيق الاستقرار فى المنطقة. وساهمت المملكة فى مختلف المبادرات والقرارات التى تهدف إلى تعزيز الوحدة العربية، سواء من خلال دعم القضية الفلسطينية بصفتها القضية المركزية للعرب، أو من خلال دورها الفاعل فى معالجة الأزمات التى تواجه بعض الدول العربية، مثل الأوضاع فى اليمن وسوريا وليبيا والسودان. كما حرصت مملكة البحرين على تعزيز دور جامعة الدول العربية فى التصدى للتحديات المعاصرة، بما فى ذلك مكافحة الإرهاب والتطرف، وتعزيز الأمن القومى العربى، ومواكبة التطورات التكنولوجية والاقتصادية العالمية لضمان أن يكون للمنطقة العربية حضور مؤثر فى المشهد الدولى. وإيمانًا من مملكة البحرين بدورها المهم فى تعزيز التضامن العربى، ترأست مملكة البحرين وشقيقتها جمهورية مصر العربية القمة العربية الطارئة التى عقدت فى الرابع من شهر مارس 2025م، بالعاصمة المصرية القاهرة، والتى جاءت استجابة للظروف التى تمر بها المنطقة، ودعمًا للخطة المصرية لإعمار غزة، والتى حظيت بالإجماع العربى عليها. وخلال هذه القمة، أكدت مملكة البحرين على ضرورة اتخاذ موقف عربى موحد تجاه التطورات الجارية، والعمل على تحقيق الاستقرار والسلام، بما يحفظ مصالح الدول العربية وشعوبها.وقد شكلت هذه القمة الطارئة تأكيدًا جديدًا على التزام مملكة البحرين بدورها البارز فى تعزيز العمل العربى المشترك، وتقديم مبادرات بنّاءة تدعم الأمن والاستقرار فى المنطقة، بما يتماشى مع رؤية المملكة فى تحقيق التكامل العربى الشامل.. إن النهج الحكيم الذى يقوده الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين ، حفظه الله ورعاه بحكمته المعهودة، وبدعم ومساندة من صاحب السمو الملكى الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولى العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظه الله كان لهما الدور الأبرز فى تعزيز مسيرة العمل العربى المشترك ودعم جهود جامعة الدول العربية. فقد أولى الملك حمد بن عيسى آل خليفة اهتمامًا كبيرًا بتطوير آليات العمل العربى المشترك، مؤكدًا فى مختلف المحافل الإقليمية والدولية ضرورة تبنى سياسات متوازنة تعزز التضامن بين الدول العربية، وتحترم سيادتها، وتحقق مصالح شعوبها. كما حرص جلالته على توجيه الجهود نحو تعزيز التكامل الاقتصادى العربى، انطلاقًا من إيمانه بأن التنمية المستدامة والتعاون الاقتصادى يشكلان ركيزة أساسية لاستقرار المنطقة وازدهارها. أما صاحب السمو الملكى الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، فقد كان له دور بارز فى دفع عجلة التعاون العربى فى مجالات الاستثمار، والطاقة، والتكنولوجيا، إيمانًا منه بأهمية تطوير العلاقات الاقتصادية بين الدول العربية كمدخل أساسى لتعزيز الاستقرار والنمو. كما أن رؤية سموه ترتكز على تحقيق التحول الرقمى فى العمل العربى المشترك، بما يسهم فى تمكين الجامعة العربية من مواكبة تطورات العصر وتعزيز فاعليتها. ختامًا، إن مرور ثمانين عامًا على تأسيس جامعة الدول العربية يشكل لحظة تأمل وتقييم لمكتسبات العمل العربى المشترك، وفرصة لتعزيز الجهود الرامية إلى تطوير آليات التعاون بما يتماشى مع المتغيرات العالمية. وإذ تواصل مملكة البحرين التزامها الراسخ تجاه دعم جامعة الدول العربية وتعزيز دورها فى تحقيق تطلعات الشعوب العربية، فإنها تؤكد مجددًا على أهمية التضامن والتكاتف لمواجهة التحديات المشتركة، والعمل معًا من أجل مستقبل عربى أكثر تكاملًا واستقرارًا وازدهارًا.وفى هذه المناسبة العزيزة، نجدد عهدنا على الاستمرار فى دعم جامعة الدول العربية، وتعزيز روح الأخوة والتعاون بين دولنا، بما يحقق الخير والرخاء لأمتنا العربية.