ارتبطت الحضارة المصرية القديمة بالحيوانات، حيث لعبت دورًا بارزًا في الحياة اليومية والدينية. واليوم، نسافر عبر الزمن لنكتشف تمثالًا أثريًا نادرًا يعكس علاقة المصريين القدماء بالكلاب، تلك الكائنات التي لم تكن مجرد حيوانات، بل كانت رفاقًا أوفياء للبشر منذ آلاف السنين. في هذه الحلقة من "حكاية أثر"، نروي قصة نموذج كلب مصري قديم مصنوع من العاج، والذي يعود إلى ما يقرب من خمسة آلاف عام، ليكشف عن أحد أقدم أشكال تدجين الكلاب في تاريخ البشرية. ** الكلب العاجي: قطعة أثرية من أواخر الأسرة الأولى * اكتشاف الأثر وأصله عُثر على هذا التمثال العاجي في أبيدوس بمحافظة سوهاج، أحد أقدم المواقع الأثرية في مصر. ويرجع تاريخه إلى نهاية الأسرة الأولى وبداية الأسرة الثانية، أي حوالي 2850 ق.م، مما يجعله أحد أقدم النماذج التمثيلية للكلاب المستأنسة في العالم. * وصف التمثال المادة: مصنوع من عاج فرس النهر، وهي مادة ثمينة استخدمها المصريون في صناعة التماثيل والأدوات الفاخرة. التصميم: التمثال صغير الحجم، ويمثل كلبًا يرتدي طوقًا حول عنقه، مما يدل على أنه كان مدجّنًا ويعيش ضمن البيوت المصرية. الوظيفة: يعتقد أن التمثال كان جزءًا من لعبة أطفال، مما يبرز مكانة الكلاب في الحياة العائلية للمصريين القدماء. ** أهمية التمثال في تاريخ تدجين الكلاب يكشف هذا الأثر عن مدى اهتمام المصريين القدماء بتربية الكلاب، حيث تظهر النقوش والتماثيل أن الكلاب كانت تُستخدم في: الصيد وحراسة الممتلكات. المرافقة في الحياة اليومية. الرموز الدينية والأسطورية، حيث ارتبطت بعض السلالات بالإله أنوبيس، إله التحنيط وحارس العالم الآخر. ** رحلة الأثر إلى متحف والترز للفنون بعد اكتشاف التمثال في أبيدوس، أصبح واحدًا من القطع الأثرية المصرية التي خرجت من البلاد لتستقر في متحف والترز للفنون في بالتيمور، ماريلاند، بالولايات المتحدةالأمريكية. ويعرض المتحف هذه القطعة ضمن مجموعته الفنية التي تسلط الضوء على الحضارة المصرية القديمة وتأثيرها على الفنون والتاريخ. ** الكلاب في مصر القديمة: أكثر من مجرد حيوانات أليفة * دور الكلاب في الحياة اليومية عرف المصريون القدماء أنواعًا مختلفة من الكلاب، حيث استخدموها في: الصيد، حيث كانوا يدربونها لمطاردة الفرائس. الحراسة، خاصة في القصور والمنازل. المرافقة والرفقة، فقد كانت الكلاب جزءًا من العائلات، وبعضها كان يُحنّط بعد الموت، تعبيرًا عن المحبة والوفاء. * الرمزية الدينية للكلاب ارتبطت الكلاب بالإله أنوبيس، الذي كان يُصوَّر برأس ابن آوى، وكان مسؤولًا عن عملية التحنيط وحماية المقابر. كما تم العثور على مقابر مخصصة للكلاب في بعض المواقع الأثرية، مما يدل على مكانتها الخاصة في المجتمع المصري القديم. يظل تمثال الكلب العاجي شاهدًا على التاريخ الطويل للعلاقة بين الإنسان والكلب في مصر القديمة. وبينما يواصل هذا الأثر رحلته في متحف والترز للفنون، يظل يمثل جزءًا من التراث المصري العريق الذي يكشف عن تفاصيل مذهلة عن حياة أجدادنا القدماء. وفي الغد، حكاية أثر جديدة، تكشف لنا سرًا آخر من أسرار الحضارة المصرية العريقة! اقرأ أيضًا | أصل الحكاية| «مومياء الكلب المحنط» شاهد على علاقة المصريين القدماء بالحيوانات