في يوم عادي من مارس 2024، تحول هاتف صحفي أمريكي إلى نافذة مفتوحة على أحد أكثر الأسرار العسكرية الأمريكية حساسية، إذ انه بعد ما بدأ كطلب اتصال على تطبيق "سيجنال" المشفر من شخص يدعي أنه مايكل والتز "مستشار الأمن القومي لإدارة ترامب" انتهى بمشاركته دون قصد في مجموعة دردشة تضم كبار مسؤولي الأمن القومي، حيث ناقشوا خططاً سرية لضربات جوية ضد الحوثيين في اليمن، ما يكشف عن ثغرة أمنية صادمة، وتُظهر كيف يمكن لتطبيق مراسلة عادي أن يصبح منصة لصنع القرارات المصيرية. المجموعة السرية التي لم تكن مُفترضة بعد يومين من قبول طلب الاتصال الغامض، وجد الصحفي جيفري جولدبرج، رئيس تحرير مجلة ذا أتلانتيك، نفسه مضافاً إلى مجموعة على "سيجنال" تحمل اسم "مجموعة الحوثي الصغيرة". على مدار عدة أسابيع، التقط جولدبرج لقطات شاشة للمحادثات التي كشفت عن وجود أسماء لامعة مثل وزير الدفاع بيت هيجسيث ونائب الرئيس جي دي فانس ووزير الخارجية ماركو روبيو ومديرة الاستخبارات الوطنية تولسي جابارد. في البداية، ظن الصحفي أن الأمر خدعة أو عملية احتيال، خاصة مع سمعة إدارة ترامب بعدائها للإعلام. لكن الرسائل التي تبادلها الأعضاء بدت واقعية للغاية، من نبرة الحديث إلى التفاصيل الدقيقة حول السياسة الخارجية. الجدل السري حول توقيت الضربات تحولت المجموعة إلى غرفة عمليات افتراضية، حيث ناقش المسؤولون بجدية توقيت الضربات على اليمن، في حين عبر نائب الرئيس فانس عن معارضته للتسرع، محذراً من تداعيات اقتصادية وسياسية، حيث قال إن الجمهور الأمريكي لن يفهم سبب خوض هذه الحرب في حين أن أوروبا هي المستفيد الأكبر من حماية الممرات البحرية. في المقابل، أصر وزير الدفاع هيجسيث على الضربات الفورية، مؤكداً أن الهدف ليس الحوثيين بل استعادة الردع الأمريكي الذي تضرر في عهد بايدن. حتى المستشار الأقرب لترامب، ستيفن ميلر، تدخل بالقول إنه إذا كانت أمريكا ستنقذ أوروبا، فيجب إجبارها على الدفع مقابل هذه الحماية. التسريب الكارثي في الساعة 11:44 صباح يوم 15 مارس، وصلت الرسالة الأكثر صدمة عندما نشر وزير الدفاع هيجسيث تحديثاً مفصلاً داخل المجموعة يحتوي على الأهداف الدقيقة للضربات وأنواع الأسلحة المستخدمة وتوقيت الهجوم. جولدبرج، الذي وثق هذه المحادثات عبر لقطات الشاشة، رأى بنفسه كيف تحولت النقاشات النظرية إلى أوامر تنفيذية، وبعد ساعتين بالضبط، انفجرت القنابل في صنعاء، تماماً كما ورد في الرسالة. الصحفي، الذي كان يراقب الأخبار بقلق، تأكد أن ما رآه حقيقي، والأغرب أن أحداً في المجموعة لم يلاحظ وجوده، حتى بعد مغادرته! التداعيات بعد أن نشر جولدبرج لقطات الشاشة التي تثبت صحة القصة، اعترف المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بأن المجموعة حقيقية، لكنه وصف إضافة الصحفي بأنها "خطأ تقني". لكن الخبراء القانونيين أكدوا أن استخدام تطبيق غير آمن مثل "سيجنال" لمناقشة عمليات عسكرية سرية قد يشكل انتهاكاً لقوانين التجسس وحفظ السجلات الرسمية، خاصة أن بعض الرسائل كانت مبرمجة للحذف تلقائياً. الأكثر إثارة للقلق هو كيف تمكّن صحفي من البقاء في المجموعة لأيام دون أن يكتشف أحد، بينما كانت تُناقش فيه تفاصيل قد تعرّض حياة الجنود الأمريكيين للخطر.